مصر: جدل نيابي وسياسي حول تعديلات دستورية
جدل سياسي وقانوني واسع أثاره مقترح النائب المصري إسماعيل نصر الدين جعْل فترة ولاية الرئيس 6 سنوات بدلاً من 4 التي حددتها المادة 140 من الدستور.
استطلعت القبس آراء بعض النواب والسياسيين حول المقترح، الذي يطول مواد دستورية أخرى، حيث استنكر عمرو موسى، رئيس لجنة إعداد الدستور، والمرشح الرئاسي السابق، المقترح، قائلاً إن «الحديث المعاد عن تعديل الدستور في عام انتخاب الرئيس يثير علامات استفهام في شأن مدى نضوج الفكر السياسي الذي يقف وراءه»، مشدداً على أن «مصر في حاجة إلى تعميق الاستقرار وليس إشاعة التوتر، كما تحتاج إلى تأكيد احترام الدستور وليس إلى التشكيك فيه». وأضاف موسى أن «الدستور ليس عصياً على التعديل، ولكن الحكمة تقتضي مقاربة سليمة سياسياً، وتوقيتاً مدروساً، من منطلق مصلحة مصر والمصريين، خصوصاً في هذا الوقت العصيب». وأشار إلى أن «تعديل الدستور يجب أن يخضع لمناقشة مجتمعية واسعة، مع ممارسة سياسية ذكية قبل الإقدام على اقتراح أي تعديل أو أي مناقشة رسمية له».
عبث بالدستور
أما النائب أسامة شرشر فقال إن «المشرّع وضع ضوابط لتعديل المواد الدستورية الخاصة بالانتخابات الرئاسية، ولا يجوز القفز عليها، ولا يجوز تعديلها، إلا بالإضافة، ومن دون المساس بفترة ولاية الرئيس»، مضيفاً: «أعتبر أن أي مقترح في هذا الشأن هو ردّة إلى عصر (الرئيس السابق أنور) السادات و(الرئيس المتنحّي حسني) مبارك، من حيث العبث بالدستور وتحويل الدولة إلى استبدادية».
واتفق مع شرشر، مجدي ملك، عضو الهيئة البرلمانية لـ «حزب المصريين الأحرار»، حيث رأى أن «أي حديث عن تعديل للدستور لا مكان له، وغير مطروح أبداً، فنحن نعلم أن الدستور المصري فيه العديد من الإشكاليات، ولكن هذه المادة الخاصة بفترة ولاية الرئيس ليست منها، وتعديل هذه المادة في هذا التوقيت غير مناسب إطلاقاً».
وأضاف ملك: «التعديل في الدستور حق أصيل للشعب، والنواب يطرحون رؤيتهم فقط، والحديث عن تعديل مادة بعينها فيه قلة خبرة سياسية، فحين تسمح الظروف بتعديل مواد الدستور، التي تسبب إشكاليات في تنفيذها، سيتم ذلك، لكن ليس من بينها هذه المادة الخاصة بفترة ولاية الرئيس».
مأساة وظلم
من جهته، أفاد شوقي السيد، الفقيه الدستوري، والممثل القانوني للمرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، بأن «المطالبة بتعديل المادة 140 من الدستور الخاصة بمد فترة ولاية الرئيس تمثل مأساة وظلماً للنظام والسلطة والدولة». وأضاف: «نتفق على أن الدستور يجمع كثيراً من المواد التي بحاجة إلى تعديل، وأن بعض مواده تتسبب في تصادم بين مؤسسات الدولة، والدستور بحاجة إلى إعادة نظر، لكن ليس بهذه العشوائية، وليس عن طريق الصوت الواحد، فتغيير الدستور يتطلب إجراءات حذرة، وفي النهاية مقترح تعديل المادة 140 جاء في وقت غير مناسب، لأنه يثير مشاعر الناس، ويظهر أن المقصود به هو إطالة فترة حكم الرئيس فقط، وفي هذا ظلم كبير للنظام».
إرادة الشعب
رئيس «حزب الشعب الديموقراطي» خالد فؤاد، قال لـ القبس إن «النائب إسماعيل نصر الدين ينتمي إلى الأغلبية البرلمانية التي هي عبارة عن مجموعة من النواب لا تجمعهم أيديولوجية محددة، وتغيرت أسماؤهم من: ائتلاف حب مصر، إلى: ائتلاف دعم مصر». وأضاف: «هذه الكتلة تمثّل القوة الضاربة في البرلمان، وهي التي تتحكّم في قراراته، والنائب إسماعيل استمد هذه الفكرة من البرلمان اللبناني، الذي جدّد فترة وجوده بقرار منه، على الرغم من انتهاء فترة ولايته، كما أنهم يستندون في تعديل المادة 140 من الدستور إلى أن المادة 226 المتعلقة بتعديل مواد الدستور، لم تتطرق إلى تحديد مدة الرئاسة، سواء أكانت 4 سنوات أم 6 سنوات، والأغلبية تتبع وجهة نظر فصيل من فقهاء القانون وهي «الشرح على المتون»، أي الارتباط بما جاء في النص، فبما أن المشرّع لم يذكر فترة الرئاسة فيمكن التعديل».
من ناحيته، أيّد جمال عبد العال، عضو المكتب السياسي في «ائتلاف دعم مصر» المقترح، مؤكداً أن «الائتلاف سيجتمع لمناقشته فور تقديمه في بداية دور الانعقاد الثالث»، ومشيراً إلى أن «هذه التعديلات تصب في مصلحة البلاد، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة واستمرار جهود الدولة في مكافحة الإرهاب».
نص المادة 140 من الدستور
يُنتخب رئيس الجمهورية المصرية لمدة أربع سنوات، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة. وتبدأ إجراءات انتخاب الرئيس قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يوماً على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوماً على الأقل. ولا يجوز للرئيس أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة.
نص المادة 226
تنص المادة 266 من الدستور المصري على أن لرئيس الجمهورية، أو لخُمسِ أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر في الطلب المواد المطلوب تعديلها، وأسباب التعديل. وفي جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه، ويصدر قراره بقبول طلب التعديل كلياً، أو جزئياً بأغلبية أعضائه.
وإذا رُفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالي.
وإذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يوماً من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، ُعرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذاً من تاريخ إعلان النتيجة.
ولا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات.
الخلاف حول تسع كلمات
فيما يستند المعارضون لمقترح زيادة مدة الولاية الرئاسية الى ست سنوت بدلاً من أربع سنوات،كما تنص المادة 140، يتجاهل المؤيدون للتعديل هذه المادة برمتها، ويركزون جل اهتمامهم على جملة من «تسع كلمات» فقط لا غير في المادة 226 من الدستور، لدحض حجج المعارضين للتعديل، وهي الجملة التي تقول نصاً «لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية».. ويردون بأن المقترح بالتعديل لا يتعرض لإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، وإنما هو خاص بمدة الولاية.
ويقف المعارضون للتعديل بالمرصاد لمقترح التعديل بأن التفسير التشريعي سيحرم الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي من تطبيق تعديل زيادة مدة الولاية، عطفاً على نفس الكلمات التسع التي يستند اليها مقترح الزيادة، حيث سيتعارض «دستورياً» مع موقف السيسي حال إعادة ترشحه.