مصر: استنفار لمواجهة «يوم الغضب»
رفعت أجهزة الأمن المصرية استعدادها، بعد دعوة عدد من القوى السياسية، بينها تيار المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي وحركة 6 أبريل والاشتراكيون الثوريون وأحزاب أخرى، إلى التظاهر اليوم الجمعة احتجاجاً على إقرار البرلمان لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية وما يترتب عليها من تبعية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة. وقالت مصادر أمنية إنه سيتم نشر تشكيلات للأمن في شوارع وميادين العاصمة الرئيسية وبعض المحافظات ونشر الشرطة السرية، مشيرة إلى أن أجهزة الأمن لم تتلق أي إخطارات بتنظيم مسيرات، وفق ما يقضي قانون منع التظاهر، وأنها ستفض أي تجمعات غير قانونية.
وأقر مجلس النواب الاتفاقية بأغلبية الأصوات، فيما قدم 999 نائباً مذكرة لرئيس المجلس تثبت رفضهم للاتفاقية، فيما أعلن حزب المصريين الأحرار، الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس، وحزب النور السلفي تصويت نوابهما لمصلحة الاتفاقية.
وكانت أجهزة الأمن فضت مسيرة نظمها العشرات من النشطاء من مقر الحزب المصري الديموقراطي وسط القاهرة ليل الأربعاء احتجاجاً على الاتفاقية، وأجبرتهم على العودة إلى مقر الحزب بعدما كانوا متجهين إلى ميدان التحرير. كما تظاهر عشرات النشطاء في الإسكندرية ونظموا وقفة احتجاجية على كورنيش المحافظة، قبل أن يتم فض الوقفة.
اتفاقية التفريط
وأكد كل من الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي، وحزب الدستور، والتحالف الشعبي الاشتراكي، وتيار الكرامة، والعيش والحرية (تحت التأسيس) في بيان مشترك رفضها الاعتراف بشرعية توقيع البرلمان على «اتفاقية التفريط في تيران وصنافير»، مؤكدين أن «الجزيرتين مصريتان؛ لأن البرلمان لم يكن مفوضاً أصلاً للنظر في الأمر بعد الأحكام القضائية النهائية التي أقرت بمصرية الجزيرتين، معتبرين أن الاتفاقية التي تعد تفريطاً في التراب الوطني لا تلزمنا، لا الآن ولا في المستقبل»، داعين المواطنين المصريين إلى إعلان تمسكهم بمصرية الجزيرتين، ورفضهم لهذه الاتفاقية بكل الأساليب والطرق الاحتجاجية السلمية الممكنة.
كما أصدر حزب الوفد بياناً أكد فيه على أن الجزيرتين تخضعان للسيادة المصرية وان الدراسات التي قام بها الحزب خلال الأشهر الماضية أكدت جميعها امتلاك مصر للجزيرتين،
كما دعت جماعة الإخوان المسلمين (جبهة المكتب العام المعروفة إعلامياً بتيار الشباب) الشعب المصري بجميع أطيافه، وكوادر الجماعة لما أسمته «يوم غضب» اليوم الجمعة.
والمشكلة ان الشعارات العاطفية أبلغ أثراً من الحجج والوثائق القانونية، والنتيجة ضربة أخرى لتحالف ٣٠ يونيو، جعلت حتى الإخوان اقرب سياسياً الى جزء كبير من هذا التحالف الذي يتصدّع، في وقت تعاني فيه مصر من مشكلات بالجملة على كل الجبهات.
على الرغم من حسم مجلس النواب لقضية ترسيم الحدود، فإن الأنظار تتجه الى المحكمة الدستورية العليا التي سيكون عليها ان تقرر ما إذا كان القضاء له الحق فى إصدار أحكام في قضايا تتعلق بالسيادة، أم يقتصر الامر على مجلس النواب في هذا الامر، خصوصاً أن هناك حكماً سابقاً من محكمة القضاء الإداري برفض اتفاقية ترسيم الحدود، وإذا أيدت المحكمة الدستورية هذا الحكم فستدخل مصر في حرب بين المؤسسات التشريعية والقضائية، أما إذا انتصرت المحكمة الدستورية لحق البرلمان وحده في نظر الاتفاقية، فسيكون الحل السعيد للنظام.
وأوصت هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا في تقريريها بعدم قبول منازعات التنفيذ التي قدمتها هيئة قضايا الدولة، ممثلة عن الحكومة، والتي أقامت دعوتي منازعتي التنفيذ، لإلغاء حكم القضاء الإداري ببطلان التنازل عن الجزيرتين، معتبرة أن حكم القضاء الإداري يقف عقبة في طريق تنفيذ أحكام سابقة أصدرتها المحكمة الدستورية بانعدام رقابة القضاء على الاتفاقيات الدولية باعتبارها من أعمال السيادة. وقال تقرير المفوضية، وهو غير ملزم للمحكمة، أن حكم مجلس الدولة ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود المؤيد من المحكمة الإدارية العليا لا يخالف أحكاما صادرة من المحكمة الدستورية العليا حول السيادة وأن أحكام مجلس الدولة صحيحة ونافذة وغير متعارضة مع أحكام الدستورية.
وقالت مصادر قضائية إن مفوضي الدستورية انتهت الى عدم قبول المنازعتين المقامتين من هيئة قضايا الدولة، وحددت المحكمة الدستورية العليا، جلسة 30 يوليو المقبل لنظر منازعتي التنفيذ.
وفي حال رفض المحكمة دعوى التنازع التي رفعتها الهيئة؛ سيكون حكم الإدارية العليا ببطلان الاتفاقية باتاً وغير قابل للطعن مرة أخرى.