المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

سنوار يعلو بالبيت والحُرية الحمراء باب

 

محد تهامي

في عالمٍ تتصارع فيه القيم بين البقاء والزوال، تبرز كلمات الشاعر كأنها صرخةٌ مدوية في وجه الظلام، تُذكّـرنا بأن الحرية ليست مجرد كلمة تُردد، بل هي دمٌ يُسفك، وروحٌ تُزهق، وأرواحٌ تُقدَّم قربانًا من أجل أن تبقى الأجيال القادمة تنعم بالكرامة. هذه القصة ليست حكرًا على شعبٍ واحد، بل هي قصة كل من ناضل من أجل الحرية، من الهند إلى جنوب أفريقيا، من أمريكا اللاتينية إلى الشرق الأوسط، الأبيات التي بين أيدينا ليست مجرد شعر، بل هي سردٌ روائي لحكاية إنسانية عالمية.

 

“وللحرية الحمراء باب.. لكل يد مضرجة يدق”، بهذه الكلمات يفتتح الشاعر مشهدًا دراميًا يعكس ثمن الحرية، ذلك الثمن الباهظ الذي لا يُدفع إلا بالدم. الحرية هنا ليست مجرد مفهوم مجرد، بل هي بابٌ يُفتح بدماء الشهداء، بيدٍ مضرجةٍ بالدماء، يدٌ تضرب على باب الحرية لتعلن أن الطريق إليها ليس مفروشًا بالورود، بل بالأشلاء والتضحيات. الدم هنا ليس علامة موت، بل هو علامة حياة، حياةٌ جديدة تُولد من رحم المعاناة.

 

“بلاد مات فتيتها لتحيا.. وزالوا دون قومهم ليبقوا”، هذه الأبيات تُجسد روح التضحية التي تسري في عروق الأبطال الذين يقدمون أنفسهم فداءً لأرضهم وشعبهم. الفتية الذين سقطوا لم يسقطوا عبثًا، بل سقطوا لترتفع راية الوطن، ليبقى الشعب مرفوع الرأس، لتبقى الأرض حرة. هم زالوا عن الوجود الجسدي، لكنهم بقوا في الذاكرة، في الروح الجماعية التي ترفض الانكسار. هذه التضحية ليست جديدة، بل هي نفسها التي قدمها غاندي في الهند، ومانديلا في جنوب أفريقيا، وشهداء الحرية في كل بقعة من العالم.

 

“وحررت الشعوب على قناها.. فكيف على قناها تسترق”، هنا يطرح الشاعر سؤالًا استنكاريًا يهز الضمير. كيف تُسترق الشعوب بعد أن حررت نفسها بدماء أبنائها؟ كيف تعود القيود بعد أن كُسرت بدماء الشهداء؟ هذا السؤال ليس مجرد استفهام، بل هو تذكيرٌ بأن الحرية ليست مكتسبًا دائمًا، بل هي مسؤولية دائمة، تحتاج إلى حماية وصون، وإلا فقدت قيمتها. هذه الرسالة تنطبق على كل شعب ناضل من أجل حريته، سواء في الماضي أو الحاضر.

 

وفي خضم هذا السرد، يبرز سنوار، الرمز الذي يعلو بالبيت والحرية. سنوار ليس مجرد شخصية، بل هو تجسيدٌ لفكرة المقاومة، للقوة التي لا تنكسر، للهيبة التي تفرض نفسها على الأعداء. هو الذي يقف في الصفوف الأمامية، يرفع راية الحرية، ويذكّر الجميع بأن الثمن لا يزال يُدفع، وأن المعركة لم تنتهِ. سنوار هو ذلك البطل الذي يفقد الصفوف أحيانًا، لكنه لا يفقد إيمانه بالهدف، بالحرية التي هي بابٌ أحمر، يُفتح بالدماء، ويُحمى بالإرادة.

 

هذه الأبيات ليست مجرد كلمات، بل هي حكاية شعب، حكاية أرض، حكاية دماء سالت من أجل أن تبقى الحرية شامخة. هي تذكيرٌ بأن الحرية ليست هبة، بل هي حقٌ يُنتزع، ومسؤوليةٌ تُحمل. وهي دعوةٌ للجميع بأن يبقوا أوفياء لتضحيات من سبقوهم، وأن يحموا هذا الباب الأحمر الذي فُتح بدماء الشهداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى