براشا : مناسك “الحج” ينبوع السعادة الروحية وتعزيز لفضيلة الصبر
الاحساء
زهير بن جمعه الغزال
أكد استشاري الطب النفسي الدكتور محمد إعجاز براشا ، أن الحج مدرسة تربوية إسلامية عامرة بشتى القيم النبيلة والدروس النافعة للفرد والمجتمع، قال تعالى: «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى ضامر يأتين من كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام…»، فالحج يعتبر أحد ينابيع السعادة الروحية وطريق تصفية النفس وترقية أحوالها والسمو بها إلى مدارج الكمال.
وأضاف أن الانعكاسات الإيجابية لفريضة الحج لا تتوقف على الجوانب الإيمانية والروحية فقط، بل هناك جوانب نفسية واجتماعية عديدة يلمسها الحاج في مشاعره ودواخله عند أداء الشعيرة.
وقال إن فريضة الحج تجعل الإنسان في قمة السعادة لأنه يعود للحياة كما ولدته أمه، فكأنما يعيش حياة جديدة، بعد أن أدى الفريضة وشعر بقربه إلى الخالق عز وجل، ورتاح كثيرا من هموم الدنيا.
ونوه براشا بالدلالة النفسية العميقة للباس الأبيض للحجاج، وهو لون الإحرام الذي يرتديه الرجال من منطلق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وقوله: البسوا البياض فإنها أطهر وأطيب، فاللون الأبيض يعد أكثر الألوان وضوحاً، ومن هنا فإن الدلالة النفسية له تتجسد في النقاء والصفاء، والإيحاء بالراحة والطمأنينة والسكينة، ويرمز هذا اللون إلى التفاؤل والسرور والحب والطهارة، وارتداء الحجاج للملابس البيضاء التي تخلو من الزينة مظهر يدل على تساوي المسلمين رغم اختلاف طبقاتهم العلمية والاجتماعية والثقافية مما يشيع المساواة وعدم التفرقة بينهم ويجعلهم أكثر وحدةً وتماسكاً.
وتابع: رحلة الحج على ما فيها من جهد وشدّة، تعتبر حلم كل مؤمن لما يجده من الراحة النفسية الكبيرة بعد الحج، ويعود سر هذه الراحة النفسية إلى العديد من العوامل، ومن أبرزها أنه يكتسب طاقة روحية ونفسية، إذ يتخلص من الشحنات السلبية والكثير من الهموم التي شغلته، ففي هذه الشعيرة يلمس الأمن والطمأنينة والسعادة، ويكون أكثر قرباً من الخالق في مناجاته ودعائه، كما يشعر بلذة الروحانيات التي تعزز من الجوانب النفسية في دواخله.
وأضاف براشا أن رحلة الحج تعزز في الإنسان فضيلة الصبر، وضبط النفس والسلوكيات وتصرفه عن الانفعالات المرفوضة، كما أن لقاء ضيوف الرحمن في مكان واحد ويرتدون البياض يجسد الوحدة الإسلامية، حيث تتجلى وحدة الشعائر ووحدة الهدف، فالحجاج على اختلاف أجناسهم وألسنتهم، يؤمنون برب واحد، ويطوفون ببيت واحد، ويؤدون أعمالاً موحدة، وكل هذه الأمور تعزز الجوانب الاجتماعية والنفسية.
وخلص براشا إلى القول:
إن أداء المسلمين لفريضة الحج فيه الكثير من الفوائد الصحية النفسية العظيمة التي تغمر الحجاج بشعور رباني من الأمن والطمأنينة والسعادة الروحية، ومن أهمها زيارة الحجاج لبيت الله الحرام بمكة المكرمة، ومسجد الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، وفي ذلك انشراح لقلوب المؤمنين بطاقة روحية إلهية عظيمة تزيل عنهم كروب الحياة وهمومها ومشكلاتها، فتزداد صلة الإنسان بربه ويشعر بالصفاء النفسي والسمو والسكينة.