المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

الجهر بالسوء … وفساد النفوس

بقلم / فيصل بن فراج بن زيد آل فراج

ربما يقوم الإنسان بذنب أو معصية في غفلة ما ولكن سرعان ما يستيقظ ضميره وتصحو همته عائدًا لربه ونادما على ما فـعل أو مــا صنع من ذنـــب وهذا هو الأجمــل قال تعـــالى ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ” سورة الزمر آية 53

ولكن الأصعب على النفس وعلى الأثر وعلى المـــــجتمع أن هناك شخص يقوم بالذنب أو المـــعصية فيصـنع منها أسطـــورة من المغامرات ويبدأ في الجهر بها علنا أمام الناس في محافلهم ومجالسهم أو عبر وسائل التواصل معهم فهذا هو المجاهر الذي يقوم بالمعصية ويبيت وقد ســتره الله فيقــــول عملت البارحة كذا وكذا وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الصنيع فروي عن الإمام البخاري رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” كل أمتي معافى إلا المــجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول : يا فلان ، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه ” متفق عليه
فهل بعد ذلك نرى قبــحا مثل مــن يتخفف بمــعصية الله ؟! ومن يزين له الشــيطان عمله وكـأنه عمل بطولي فينشر فساده وقبحــه بين جنبات المجتمع وبين مسامع الناس ؟! بل والأمَرُّ مــن ذلك أن بعض هــؤلاء يــرى مــن مـــعاصيه مــفاخرة فــي هذا الزمــان ويتباهى بمعاصيه بين القاصي والداني وكــأنه طبع على قلبه غــلافا أســــودا حجب بينه وبين الحياء حتى في ستر نفسه أمام من يعرفه قال تعالى ” كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ” سورة المطففين آية 14
ولعل عــلى العكس تماما أننا قد نرى بعض الناس يتحسس بشدة في ألا يقع في معصية أو ذنب بل ونشاهد فطرةَ إنســان بخـــلقه وأخلاقه يســـأل ويستفسر عن الشيء مرات ومرات حتى لا تطيل يده مس الحرام أو يقع في دائرة الشبهات أو يمضي بعمل يدخل فيه بين معالم الباطل فإنه يخاف الله في كل أفعاله وذلك من وصفه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم عن ابن مـسعود رضي الله عنه قَالَ: “إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا ” حديث صحيح

ولعل كل منا يضع بين عينيه قيمة التوبة ويدرك قيمة الستر ويتحرى البعد عن الجهر بالمعاصي فإن الجهر أقبح من ذنـب يقترف ولعلنا ننعم بالتفكير قبل النشــر في كــل شيء نبثه بين الناس في أحاديثنا ومجالسنا ووسائل تواصلنا فلا يستوي مطلقا من ينشر الخير والعلم والمنافع وما يخدم الإسلام والمسلمين ومن ينشر الفتن والمعاصي ويجاهر بها
ولا يغفل كل منا أن نشر الخير والمنافع والوسطية هو أساس لولادة الوحدة والترابط بين صفوفنا والتماسك في مجتمعنا وســـببا لدوام المحبة بين الجميع والألفة بين أطراف المجتمع الإسلامي وعلى عكس ذلك فالغلو والتطرف والعناد مثلها مثل المــــعاصي التي قد تورث الفتن وتنشر الحقد وتفرق الصفوف والوحدة بين الناس
فالحرص كل الحرص على حفظ النفوس بالستر وانتقاء ما نعلن وما نظهر والحرص كل الحرص أن نسعى لما يسعى إليه أئمتنا في حفظ نفوسنا وبلادنا وأهلنا في جميع مناحي الحياة والتي ارتضاها الله لنا كمسلمين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى