المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

غرائب و منوعات

مليون دولار لا تشتري 17 مترا مربعا في موناكو

قد نكون على وشك أن نشهد انقراض شيء نادر جدا: مسكن في موناكو بمليون دولار. ايرين لوك من وكالة سافيلس العقارية لم تر مسكنا معروضا بهذا السعر في سجلاتها منذ سنوات عديدة. وتقول «نبيع مساحة لوقوف السيارات بمبلغ 190 ألف يورو، لذلك لن تحصل على الكثير مقابل مليون دولار».
تبحث لوك في جهاز الكمبيوتر في جميع أنواع العقارات المعروضة للبيع التي لا يستطيع الجمهور الوصول اليها، وتقول «حسنا، لقد وجدت شيئا». إنها شقة استوديو في الطابق الأرضي. لا صور للشقة. لكن عندما قرأت لوك التفاصيل لم يعجبها الأمر، وقالت «أعتقد أنها فظيعة جدا».

الارتفاع السريع في قيم العقارات فاقم من الوضع المهدد بالخطر للمساكن التي تبلغ قيمتها مليون دولار. وارتفع متوسط الأسعار بأكثر من %15 في السنة، وفقا لمؤسسة «آي ام اس اي اي» للإحصاء في إمارة موناكو.
ومع ذلك، وكما هي الحال في العديد من المدن العالمية، تكافح العقارات الفاخرة في السوق لتحقيق نمو. يرسم تقرير نايت فرانك للثروات، الذي تتشارك في عرضه هنا حصريا مع صحيفة فايننشال تايمز، أداء نسبة الـ %5 الأعلى في أسواق العقارات في المدن في مختلف أنحاء العالم، ويوضح ما العقار الذي يمكن أن يشتريه لك مبلغ مليون دولار. وفي حين أن المبلغ ليس كبيرا، حتى في كيب تاون، أرخص المدن التي شملتها الدراسة، حيث لا يشتري مبلغ مليون دولار مساحة كافية لإقامة لعبة تنس لائقة عليها، إلا أن المساحة بقيت ثابتة تقريبا ولم تصغر بشكل ملحوظ أيضا.
«معظم الأسواق العالمية التي نتابعها تشهد نموا متواضعا نسبيا أو انخفاضا في الأسعار»، بحسب ليام بيلي، رئيس الأبحاث السكنية العالمية في وكالة نايت فرانك، الذي ساعد في إعداد التقرير.
في موناكو، المدينة الأكثر غلاء في العالم، يشتري مبلغ مليون دولار نفس مساحة الأرض التي كان بالإمكان شراؤها في العام الماضي والتي لا تتجاوز 17 مترا مربعا. هناك يخوت علامة «صن سيكرز» في المرسى بأسعار معقولة أكثر.
تقول لوك «حتى عندما تنهار الأسعار في باقي أنحاء العالم، لا تزال موناكو مستقرة إلى حد ما من حيث الأسعار، وهذا هو ما يجذب اليها أصحاب الثروات الفاحشة».
بالاضافة إلى استقرار الأسعار هناك أيضا النظام الضريبي المواتي، اذ ليست هناك ضريبة دخل مستحقة في موناكو، ولا ضرائب على الأرباح الرأسمالية أو الثروة. كما بقيت الضرائب العقارية، على الرغم من ارتفاعها، على حالها لسنوات.
تبيع وكالة سافيلس شقة مكونة من غرفة نوم واحدة في منطقة المربع الذهبي تطل على المنعطف الشديد الانحناء في كازينو الشمس على حلبة سباقات الـ F1 في المدينة، بمبلغ 3.45 ملايين يورو.
وتبيع الوكالة العقارية نفسها شقة بنتهاوس تطل على الشواطئ في لارفوتو مكونة من خمس غرف نوم في مبنى «الأميرة غريس 21» بمبلغ 59 مليون يورو. وبهذا السعر، قد يشتري مبلغ مليون يورو حمام الضيوف فقط.

لندن
القصة مختلفة في لندن. إذ ساهم اصلاح رسوم الضريبة في عام 2014، الذي أدى إلى زيادة فاتورة الضريبة على جميع المنازل التي يزيد سعرها على 937500 جنيه استرليني، في تراجع قيمة العقارات في بعض المناطق الوسطى بنسبة تصل إلى %14 في الأشهر الـ 12 الماضية، وفقا لنايت فرانك. وعند حساب عامل انهيار الجنيه الاسترليني مقابل الدولار، بعد التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في يونيو، فان مبلغ مليون دولار اليوم يشتري مساحة تزيد بنسبة %36 على الـ 22 مترا مربعا التي اشتراها المبلغ نفسه العام الماضي.
وهذا يعني أنه في الأجزاء الفخمة في مايفير أو بلغرافيا، فان مليون دولار ستشتري مساحة 30 متر مربع، والتي هي بجدارة، بالنظر إلى ما يقولونه عن الانكليز ومنازلهم، نفس حجم القلعة النطاطة تقريباً.
وكالة هارودز ستيتس تبيع شقة مكونة من غرفة نوم واحدة مساحتها 65.5 مترا مربعا، في نايتسبريدج بمبلغ 2.95 مليون جنيه استرليني. في هذه المساحة يمكن وضع نطاطتين على شكل قلعة، لكن قد تحتاج على الأرجح إلى أن تجعل المولدات تتدلي من النوافذ.
تجرأ على الخروج خارج منطقة وسط لندن الرئيسية، ستبدو عندها ميزانية مليون دولار وكأنها ميزانية معقولة أكثر. يقول روبن باترسون، الرئيس التنفيذي لشركة سوثبيز انترناشيونال رياليتي في المملكة المتحدة «في سانت جونز وود في شمال غربي لندن، يمكن شراء منزل مكون من غرفتين أو ثلاث غرف نوم بذلك السعر. أما في ويمبلدون، فيمكن أن تشتري بمبلغ مليون دولار منزلا منفصلا مكونا من أربع غرف النوم.
على بعد حوالي 10 دقائق بالسيارة من نادي All England Lawn»» للتنس، تبيع وكالة العقارات «كي اف اتش» منزلا يضم أربع غرف نوم وشرفة وتزيد مساحته المعيشة فيه عن 140 مترا مربعا بمبلغ 995 ألف جنيه استرليني. وهناك أيضا حديقة خلفية صغيرة يمكن أن تكون مفيدة.
هذا الترف لا يمكن الحصول عليه في نيويورك. وفقا للتقرير، فإن 1 مليون دولار تشتري مساحة في منطقة رئيسية لا تزيد على 26 مترا مربعا، وهي ضيقة لدرجة لا تتسع حتى للعبة الكرة المتأرجحة.
ومع ذلك، قد يرى المستثمرون فرصة لتحقيق ربح. إذ بإمكانهم توقع عائد إيجار أعلى مما يمكن الحصول عليه في لندن، وتكاليف شراء أقل بنسبة %38 تقريبا للمتر المربع الواحد. ولو لم يكن المستثمرون متخوفين من موجة الأبراج الراقية جدا التي يجري العمل على بنائها في وسط مانهاتن، مما أثار مخاوف من حدوث وفرة في المعروض، فان نيويورك تبدو رهانا أكثر أمانا من العاصمة البريطانية.
باريس، أيضا، يمكن أن تبدو أكثر قدرة على المنافسة من لندن. ففي حين تخلفت سوق الاسكان فيها عن لندن منذ عام 2012 على الأقل، يبدو أنها حققت نجاحا أفضل في الآونة الأخيرة، ونمت بنسبة %1.2 في العام، وفقا لتقرير الثروة، مقارنة مع متوسط انخفاض في لندن بلغ %6.3.

باريس
كما زادت التعاملات والصفقات في العاصمة الفرنسية أيضا، بحسب ايلينا سفجيتكوف من سافيلس، حيث زادت المبيعات بنسبة %20 خلال مكتبها في باريس مقارنة بالوقت نفسه من العام الماضي.
ويمكن لمليون دولار أن تشتري لك مساحة 55 مترا مربعا في موقع رئيسي، وستحصل بذلك على الكثير مقابل أموالك: %83 أكثر مما كنت ستحصل عليه في لندن. وأكثر من ضعفي ما ستحصل عليه في نيويورك.
وتمشيا مع المتوسط، تبيع نايت فرانك شقة مساحتها 130 مترا مربعا مكونة من ثلاث غرف نوم في شارع دو لوفر بمبلغ 2.3 مليون يورو.
«شخصيا، اعتقد أن بريكست نبأ رائع بالنسبة لباريس»، وفق ما يقول رودي أريس من نايت فرانك، الذي يضيف أن العديد من الباريسيين من ذوي الدخل العالي الذين رحلوا إلى لندن عندما جاء فرنسوا هولاند إلى السلطة وما طرحه من برنامج ضريبي، سيفكرون في العودة إلى باريس. «هناك شعور عام أن باريس أصبحت مفتوحة أمام العمل والشركات مرة أخرى»، كما يقول.
ويتساءل المرء إلى متى سيسود هذا الشعور إذا جاءت الانتخابات لمصلحة المرشحة اليمينية المتطرفة الداعية إلى الحمائية مارين لوبان.
عند هذه النقطة، ومع دخول العالم فترة من عدم اليقين السياسي المتصاعد والعائدات المنخفضة للغاية وتباطؤ النمو الاقتصادي، هل هناك أي أسواق عقارات رئيسية تمثل استثمارا سليما في هذه الأيام؟
بيلي يعترف بأن مثل هذه الفرص أصبح من الصعب رصدها . فكما يقول «مع النمو المعتدل أو حتى المتواضع، يبحث المستثمرون بشكل متزايد عن سبل أخرى للمساعدة على تحقيق أداء يعتبر متفوقا، لذلك تستهدف الاستثمارات التي تستفيد من تحسين البني التحتية. وهنا يخطر على البال فورا مشروع كروس ريل في لندن أو البني التحتية التي يتم انشاؤها من أجل معرض دبي اكسبو في عام 2020».
قد تكون المحافظة على رأس المال هدفا أكثر واقعية. لذلك، هناك دائما المربع الذهبي في موناكو، بحسب ايرين لوك. فمن جهة هناك نمط الحياة الراقي ومن جهة أخرى هي منطقة مستقرة سياسيا وماليا. وتضيف «حتى خلال الأوقات العصيبة قد تشهد الأسعار ركودا لكن لا يكون هناك عادة هبوط في الأسعار».
وربما يكون هناك بعض التطور في الحكاية. فالتغييرات في القواعد الضريبية لغير المقيمين في المملكة المتحدة ستدخل حيز التنفيذ يوم 6 أبريل، مما أدى بالبعض إلى التكهن بحدوث نزوح جماعي لبالغي الثراء من لندن. فهل طرقوا باب لوك؟
ترد «لقد كان هناك تدفق مستمر. لكن لا يوجد تدفق كبير حتى الآن، لكني أتوقع حدوث ذلك».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى