المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

الجودة مطلبنا نحو التميز

بقلم / سارة مشبب آل سالم /استاذة لغة عربية

” اتقن عملك تبلغ هدفك ”
هاهو العالم اليوم يتطلع إلى الجودة ويتنادى بها وينشدها في كل جوانب الحياة لتحقيقها.

تعد الجودة في عالمنا اليوم، مطلبًا ضروريًا لكل منشأة ودولة تطمح لتحقيق العالمية في الأداء والمنافسة في عالم يضج بالمتغيرات الحديثة والمتسارعة، ويشهد عصرنا الحاضر تغيرات وتطورا متزايدة في مختلف جوانب الحياة فرضت على المؤسسات مواجهة عدة تحديات، مما يدفع هذه المؤسسات إلى البحث عن انجح الطرق وأنجح السياسات لتحقيق افضل فعالية ممكنة لتحقيق اهدافها، والتكيف والمحافظة على بقائها واستمرارها.

وفي إطار التوجه نحو العولمة وتأثيراتها المحتملة على المؤسسات فيما يتعلق بترسيخ مفاهيم التنافسية
وما ستفرضه هذه الظاهرة من معايير لجودة المؤسسات وبرامجها ليس على المستوى الوطني فحسب بل على المستوى العالمي، من أجل إحداث التغيير المناسب لتتالئم مع السياق العالمي ومتطلباته ولضمان جودة عالية ومميزة لبرامج يمكنها من المنافسة على المستوى المحلي والوطني والعالمي، برز الاهتمام (بالجودة ).

ظهر مفهوم الجودة وتحسينها لأول مرة في اليابان ، وذلك في بداية القرن العشرين ثم انتشر بعد ذلك في شمال أمريكا ودول أوروبا الغربية إلى أن أصبح موضوع العصر.

إن مفهوم الجودة وتجويد العمل عموماً ليس بجديد علينا نحن المسلمين ، فالإسلام يدعو للتحسين والجودة والإتقان في العمل.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
((إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ )).
وقال تعالى (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)).

إن الجودة لم يعرفها العالم الا من خلال الدين الاسلامي الحنيف الذي اختاره الله سبحانه وتعالى للعالمين ويمثل أفضل ممارسات الجودة في مختلف المجالات والذي يعزز جوانب التميز في الأعمال ويدعم منطلقات رؤية  المملكة العربية السعودية (٢٠٣٠) ومرتكزاتها الرئيسية من خلال إظهار العمق الإسلامي للمملكة العربية السعودية وفق تطلعات ولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز _ حفظه الله ورعاه_ الذي قال ( هدفي أن تكون بلادنا نموذجا ناجحا ورائدا في العالم على كافة الأصعدة , وسأعمل معكم على تحقيق ذلك ).

وقد حرصت المملكة العربية السعودية على الاهتمام بالجودة، حيث جاءت رؤية المملكة للجودة الوطنية والتي أطلقت في المؤتمر الوطني الثالث للجودة (١٤٣٢)هـ «المملكة العربية السعودية بمنتجاتها وخدماتها معيارًا عالميًا للجودة والإتقان في عام (٢٠٢٠) م».

وقد انشأت جائزة الملك عبد العزيز للجودة هي جائزة سنوية تُمنح للمنشآت في المملكة العربية السعودية ذات الأداء المتميز باتباع أعلى مستويات الجودة، وتشمل المنشآت الحكومية والقطاع الخاص والمنشآت غير الربحية. تأسست في ٢٧ ذو القعدة عام (١٤٢٠)هـ – (١٩٩٩)م.

كما تعد جائزة الملك عبد العزيز للجودة هي الجائزة الأم للتميز المؤسسي على مستوى المملكة العربية السعودية ولجميع القطاعات، ولذا يعتبر الاشتراك في الجائزة من أهم المؤشرات على تبني قيادات المنشآت للجودة والتميز وتقديم منتجات وخدمات تلبي وتفوق تطلعات المستفيدين.

فليس بمستغرب أن تهتم الأمم
بموضوع الجودة وإتقان العمل فمن
من أجل زيادة الوعي العالمي بأهيمة الجودة ومساهمتها في الإرتقاء للدول والمنظمات، دأبت بعض الدول على تخصيص شهر في العام للإحتفال بالجودة ، وهذا الشهر عبارة عن حملة دولية للتوعية حيث يتم التركيز فيها على أهمية الجودة والتحسين المستمر في جميع القطاعات ” قطاع الأعمال الإنتاجي والخدمي ، القطاع الصحي ، القطاع التعليمي ، القطاع الحكومي ، القطاع الغير ربحي من جمعيات ومؤسسات وهيئات خيرية واجتماعية وتطوعية … وغيرها من القطاعات ” و بما تم التوصل له من تطور وكيف إستطاع الإنسان أن يغير الكون من حوله من بدائي بسيط إلى متقدم معقد تتداخل فيه العلاقات الإنسانيه والصناعات التجارية والتقنية والتكنولوجية، ففي هذا اليوم تقوم كبرى الشركات والمؤسسات الدولية بإقامة فعاليات وندوات لحث الشباب على بذل ما يستطيعون من طاقة لجعل العالم أفضل ودفع مستقبله نحو الأمام من خلال الإخلاص في العمل والتفاني في إنتاج سلع لا مثيل لها.

لجعل العالم أفضل ودفع مستقبله نحو الأمام من خلال الإخلاص في العمل والتفاني في إنتاج سلع لا مثيل لها.
ويعتبر شهر نوفمبر هو شهر الجودة في مختلف دول العالم، ونحن في المملكة العربية السعودية نحتفل بأسبوع الجودة الوطني خلال شهر نوفمبر من كل عام حيث قام المجلس السعودي للجودة بإطلاق مبادرة منذ عام (٢٠٠٨)م بالإحتفال بأسبوع وطني للجودة في شهر نوفمبر ، حيث يتضمن ذلك الأسبوع اليوم العالمي للجودة وهو ثاني خميس من شهر نوفمبر من كل عام ، والذي يوافق يوم الخميس (١٢) نوفمبر من هذا العام الموافق (٣٠) محرم (١٤٣٧)هـ.

السعودية بهذا اليوم العالمي ووضعت على أساسه خطط التطوير والتقدم المستقبلية، كما تسعى إلى نشر ثقافة إتقان العمل كما حثنا دينا الحنيف، والعمل على وضوح مفهوم الجودة وأهميته على العمل وكيفية تطبيقه من خلال خلق البيئة المناسبة لذلك من خلال التدريب المستمر وتوفير جميع المستلزمات والمعدات الحديثة ومواكبة التطور التكنولوجي.

لا يكفي التنظير لنشر ثقافة الجودة في المؤسسات والمنشآت السعودية، بل يجب ضرورة تقديم نماذج عملية ناجحة تكون بمثابة القدوة لغرس روح الجودة والاتفاق في جميع القطاعات، والاستفادة من التجارب العالمية لمواكبة رؤية المملكة (٢٠٣٠)، ما يعزز القدرة التنافسية للمملكة على مختلف الأصعدة.

تبنى الأوطان بتكاتف أبنائها وتوحيد أيديهم للعمل سويًا من أجل مستقبل مشرق ومزدهر، وهذا ما تبنته المملكة في رؤية (٢٠٣٠).

الكل مسؤول،  فلنجعل الله أمام اعيننا في كل عمل نقوم به، بأن نتحرّى الدقّة والإتقان في عملنا ، ولنحمي الوطن من الفساد، ولنرتقي بالوطن من خلال إتقاننا لأعمالنا والقيام بمسؤولياتنا على أكمل وجه وأحسن حال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى