بالفيديو.. المشاركون في «ملتقى البرلمان 2020»: الحاجة ماسة لإحداث إصلاح حقيقي في المؤسستين التشريعية والتنفيذية
- الجوعان: ما ظنكم بانتخابات ستُجرى في ظل مواجهات بين قوى سياسية خرجت عن قواعد اللعبة السياسية الكويتية؟!
- جمال: الكويتيون جُبلوا على احترام الرأي والرأي الآخر وحق التشاور بما صقل الشخصية الكويتية وأوجد «العقد الاجتماعي»
- الكندري: كل توزيع للدوائر الانتخابية شاركت به الحكومة أدى إلى تعزيز الفئوية بين أفراد المجتمع وخاصة نظام الصوت الواحد
- الطراح: الحركة الثقافية في الكويت «تحتضر» وهناك غياب للثقافة السياسية كونها تعتبر من مكونات التعددية والتنوع
آلاء خليفة
نظم معهد المرأة للتنمية والسلام ملتقى البرلمان 2020 بمشاركة عدد من المختصين، حيث تناولت الجلسة الأولى من الملتقى والتي أقيمت عبر منصة زووم، موضوع «مفهوم الثقافة السياسية وأثر هذه الثقافة على العملية الانتخابية» والتي ترأستها رئيسة المعهد المحامية كوثر الجوعان وشارك فيها كل من أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا د.عبدالمحسن جمال وأستاذ الاجتماع والانثرولوجيا بجامعة الكويت أ.د.يعقوب الكندري والكاتب والإعلامي خالد الطراح.
وبدأت رئيسة معهد المرأة للتنمية والسلام المحامية كوثر الجوعان كلمتها متسائلة: ما ظنكم بانتخابات ستُجرى في ظل مواجهات بين القوى السياسية خرجت عن قواعد اللعبة السياسية الكويتية؟ وما ظنكم ايضا في ظل إعلام في غالبه «لا يطيب الخاطر» ولا دخل له بالمهنية وفي ظل شبكات تواصل اجتماعي تحولت إلى حقول ألغام معرضة للانفجار في اي لحظة؟!
وأردفت قائلة إنه في هذه الأيام التاريخية الفارقة يتطلع الكثيرون ممن يخشون على الكويت من أي عبث وأي عشوائية الى الحكماء في هذه البلد بأن يكون لهم دور واضح في منع هذا الذي نراه والتخفيف من حالة التشنج المتصاعد.
وذكرت الجوعان أن الخلاف السياسي يجب ان ينحصر في الأطر السياسية من دون فقدان التعقل ومن دون الاندفاع نحو تجييش كل الإمكانيات لضرب الخصوم، موضحة ان المسألة لا تتعلق بأعداد انما بخصوم سياسيين يفترض ان يديروا خلافاتهم مهما تأزمت عبر قواعد اللعبة السياسية وعبر آليات تضمن عدم دخول تلك الخلافات الى قشة قد تعرض البلاد بأسرها الى أزمات وتوترات غير مسبوقة.
وقالت اننا اليوم في ظل دولة حديثة نتطلع الى ترسيخ العمل المؤسسي الذي يحقق العدالة الاجتماعية والمصلحة الوطنية وتطبيق القانون على الجميع على حد السواء ولكن كيف يمكن ان يتحقق هذا الأمل إذا كانت انتخابات المؤسسة التشريعية تعاني من إشكاليات عدة أبرزها الولاءات والانتماءات الضيقة والمصالح الشخصية والتي لا يمكن بدورها ان تحافظ على وطن لذلك نحن في معهد المرأة للتنمية والسلام نؤكد ان الولاء أولا وأخيرا للوطن ومن اجل هذا الوطن ومصلحته نعمل.
من جانبه، ذكر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا د.عبدالمحسن جمال ان الكويتيين جبلوا على احترام الرأي والرأي الآخر وحق التشاور بما صقل الشخصية الكويتية وتم بناء على ذلك انتخاب الشيخ صباح الأول بالشورى وهذا ما يسمى «العقد الاجتماعي» والتراضي بين الحاكم والمحكوم واستمر الوضع هكذا إلى عهد الشيخ أحمد الجابر وخرجت لنا مفاهيم جديدة وهي انه لابد ان يكون هناك مجلس شورى يساعد الأمير في حكم البلاد والنظرة المستقبلية وحل المشاكل.
وتابع جمال قائلا: مجلس 1921 على الرغم من قصر مدته إلا انه كان من اهم المجالس التاريخية في الكويت، والكويتيون أوجدوا بديلا آخر وهو إيجاد مؤسسات تنفيذية عن طريق الانتخاب بما أصقل الفهم السياسي للكويتيين حتى وصلنا الى مرحلة الاستقلال وأراد حينها الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، ان يكون للكويت دستور دائم.
وذكر جمال ان المجلس التأسيسي هو من أسس الرؤية المستقبلية للنظام السياسي وتكون الدستور الكويتي عام 1961، موضحا ان الثقافة الديموقراطية تعتبر جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع الكويتي.
وشدد جمال على ضرورة ان يهتم الشباب الكويتي اليوم بالتاريخ السياسي والثقافة السياسية الكويتية نظرا لأنها ثرية منذ تأسيس الكويت الى يومنا هذا، موضحا ان جمعيات النفع العام في الكويت لها دور كبير.
ومن جانبه، أوضح أستاذ الاجتماع والأنثرولوجيا بجامعة الكويت أ.د.يعقوب الكندري ان الثقافة مفهوم عام وشامل ويرتبط بالسلوك وبمعايير وقيم اجتماعية وهي هوية اجتماعية وانتماء وولاء ومواطنة وعلاقة متبادلة مع النظام السياسي وهي مجموعة من المتغيرات الأساسية وذلك الكل المركب.
ولفت الكندري اننا عندما نتحدث عن مفهوم النظام السياسي فإننا نتحدث عن السلطة السياسية وعملية انتخابية كإحدى أدوات تلك السلطة السياسية، متابعا: هناك 3 متغيرات ومحددات أساسية ترسم الثقافات الفرعية في المجتمع الكويتي وهي الجذور «قبلية او حضرية» والأصول «عربية او غير عربية» والمذهب «سني او جعفري»، لافتا الى ان تلك المتغيرات الثلاثة هي التي شكلت الثقافات الفرعية داخل المجتمع الكويتي ونتج عن ذلك 6 ثقافات فرعية وليدة تلك المتغيرات.
وتساءل الكندري: هل الكويت نجحت في عملية دمج تلك الشرائح الاجتماعية في المجتمع من خلال أدواتها؟، مضيفا ان أبرز أدوات النظام السياسي هو النظام الانتخابي وهو من يسعى منذ بداية تكوين المجالس التشريعية الى تشكيل هذا النظام الانتخابي، موضحا ان النظام السياسي من خلال أداة الانتخاب كرس الفئوية على حساب الهوية الوطنية.
وأشار الكندري الى ان الحياة الديموقراطية بدأت في الكويت وفقا لنظام العشر دوائر ثم في عام 1980 تمت إعادة تقسيمها الى 25 دائرة بعد مرور 4 سنوات على حل المجلس حل غير دستوري آنذاك، مضيفا انه كانت تلك بداية التقسيم الفئوي في المجتمع الكويتي ولم يكن التقسيم على أساس دوائر جغرافية انما كدوائر ثقافية تحمل هويات فرعية تتعزز من أجل مصالح انتخابية يسعى لها هذا النظام السياسي، لافتا إلى أن الهدف من هذا التقسيم كان لضمان أكبر قدر من مؤيدي الحكومة عن طريق بعض النواب وبالتحديد نواب القبائل الذي كانت تعول عليهم الدولة كثيرا.
وذكر الكندري ان كل توزيع للدوائر الانتخابية شاركت به الحكومة أدى إلى تعزيز الفئوية بين أفراد المجتمع وخاصة النظام الحالي وهو نظام الصوت الواحد الذي قد يكون له ميزات ولكن عزز من تلك الفئوية، موضحا أن الدولة استطاعت أن تمزق الهوية الوطنية المجتمعية من خلال النظام الانتخابي والتعامل مع الهويات الفئوية بدلا من القانون والعدالة والمساواة، لافتا الى ان النظام السياسي كرس الفئوية على حساب وحدة الهوية الوطنية.
وأشار إلى أننا وصلنا إلى مؤشرات عالية في الفساد بالمجتمع الكويتي، لافتا الى زيادة مؤشرات الفساد في الكويت، حيث وصلت الى 85 بينما كانت 35 في عام 2003، لافتا الى ان أكثر من 80% يرون أن الفساد منتشر بشكل كبير داخل المجتمع الكويتي وأن 83% يعتمدون على القبيلة والطائفة في التنفيع والتعيين و65% يرون ان النظام الانتخابي يعمق من مشاعر الاختلاف و83% يرون أن مجلس الأمة والعلاقة بين النائب والحكومة تسهم في تفشي الفساد.
وختم الكندري قائلا إن النظام الانتخابي سيئ وهناك خدمات غير قانونية تقدمها الحكومة لأعضاء مجلس الأمة لتحقيق مكاسب ذاتية شخصية بالإضافة الى غض النظر عن الكثير من الحوادث التي تحدث لدعم النظام الانتخابي ومنها الفرعيات، مؤكدا انه لا يمكن تحقيق اندماج اجتماعي دون أن يكون هناك قانون وعدالة اجتماعية وتطبيق لمبادئ الحكم الرشيد.
بدوره، ذكر الكاتب والإعلامي خالد الطراح انه ليست لدينا ثقافة سياسية كونها تعتبر من مكونات التعددية والتنوع في الثقافات في المجتمع والكويت كانت دولة رائدة في الثقافة في الأدب وهذا تاريخ مشهود له ولكن تأخرنا في المحافظة على هذا الإرث الثقافي، مبينا أن المسؤولية تقع على الحكومات المتعاقبة التي أهملت الثقافة سواء بعمد او عن غير عمد وتحديدا الثقافة السياسية.
وأفاد الطراح بأننا نفتقر اليوم لوجود خطاب إعلامي توعوي يحمل رسائل سياسية التي من الممكن ان تصنع نسيجا واحدا للمجتمع الكويتي والذي تمزق بأفعال فردية طائفية وقبلية وعائلية ولكن هذا التمزق كان ببهجة عارمة من قبل الحكومة على مدى سنوات.
وذكر الطراح أن صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد في خطابه الأخير الذي ألقاه بمجلس الأمة في دور الانعقاد الخامس التكميلي حمل مضامين جديدة ورسائل سياسية مهمة ولكن الإعلام الرسمي نقل الخطاب ولم يقم بتحليل ما جاء فيه من خلال استضافة متخصصين والاستماع لوجهات النظر المختلفة تماما مع الحكومة، لافتا إلى أن الإعلام الحكومي يعمل بتقليدية ونمطية.
وتساءل الطراح: كيف يمكن أن ننهض بالثقافة السياسية اذا كنا نعيش حالة من التدهور، موضحا أن الحركة الثقافية في الكويت «تحتضر» وبالتالي فلا توجد لدينا ثقافة سياسية بالمستوى المطلوب، وقال الطراح إنه لا يمكن أن يكون لدينا خطاب يحاكي المجتمع ويعزز ويدعم مكونات نسيج مجتمع واحد في ظل التراشق والتجاذب والمحاصصة سواء من الحكومة أو من مجلس الأمة، لافتا الى أن الخلل السياسي الذي نواجهه اليوم تتحمل مسؤوليته السلطتان التشريعية والتنفيذية.
وشدد الطراح على أن الحاجة ماسة اليوم لإحداث إصلاح حقيقي في المؤسستين التشريعية والتنفيذية.
وعلى صعيد متصل، ذكر الطراح أن الثقافة تعد هوية للمواطن والدولة التي تعبر القارات من دون جواز سفر، لافتا الى أن الكويت لديها تاريخ سياسي حافل ولكنها تفتقر لوجود الثقافة السياسية. وقال الطراح: اليوم في الانتخابات وأمام مرأى من الحكومة والجهات الرقابية والقانونية نرى وجود الفرعيات والتي سموها «بالتشاوريات» وأصبحت تنقل عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة بشكل علني والذي يتناقض تماما مع قانون الوحدة الوطنية بما خلق هذا النوع من الفوضى السياسية.
وأكد الطراح أهمية وجود إصلاح سياسي شامل والذي تحتاج اليه بالدرجة الأولى المؤسسة التشريعية كونها انحرفت عن مسار الرقابة والتشريع، مؤكدا ضرورة أن يكون هناك وعي بأهمية وجود ثقافة سياسية حقيقة في المجتمع، مطالبا بضررة إعادة النظر في الخطاب الإعلامي للنهوض بالكويت ومعالجة الخلل.
وأفاد الطراح بأن هناك بعض مؤسسات المجتمع المدني حاليا تحولت الى «أبواق» للحكومة ولا تتحدث لصالح الشعب انما لصالح مصالحها الشخصية، وختم قائلا: على جميع أبناء المجتمع الكويتي أن يعوا جيدا أننا جميعنا شركاء في بناء وتنمية هذا الوطن وفي الحفاظ على المكتسبات الدستورية من أجل استشراق مستقبل أمن للدولة تحت شعار «التوافق والاتفاق» وهو ليس عنوانا لمرحلة طارئة إنما هدف يسعى الى تحقيقه الجميع بوجود خطاب عقلاني مهني من أجهزة الدولة المختلفة.