تربويون لـ «الأنباء»: الطالب المتميز سيكون «ضحية» إلغاء الاختبارات الورقية!
- أحمد: كان لابد من خطة محكمة كي توافق «الصحة» على الاختبارات الورقية
- الصانع: الامتحانات الورقية تحتاج إلى تجمعات مما يزيد احتمالات الإصابة
- الجاسر: أقترح أن يكون الامتحان في نهاية العام ورقياً بالمنهج كاملاً
- الجناع: الامتحانات الورقية خلال الوقت الراهن تمثل خطورة على حياة وصحة الطالب
- اليعقوب: التعليم عن بُعد يجب أن توازيه اختبارات مجهزة تناسب المنهج والوقتت
حقيق: عبدالعزيز الفضلي
أثار قرار وزارة الصحة المتعلق برفض الاختبارات الورقية انقساما في الأوساط التربوية، فمنهم من تحفظ عليه، ومنهم من اعترض مطالبا بتقديم مقترحات جديدة لضمان تقييم عادل دقيق لمستوى التحصيل الدراسي للطلبة، في حين أيد البعض ذلك القرار حفاظا على صحة أبنائنا الطلبة.
ورغم أن أغلب المتابعين للوضع الصحي في ظل انتشار جائحة «كورونا» كانوا يعون تماما أن السلطات الصحية لن تقبل بالاختبارات الورقية خاصة أنها تتطلب تجمعات، وقد تجد الجهات المعنية صعوبة في السيطرة على المخاطر المحيطة بها، إلا أن أصحاب الرأي المؤيد للاختبارات الورقية يقولون ان الطالب المتميز سيكون ضحية غياب آلية تقييم حقيقية، وتساءلوا: مع الاختبارات «عن بعد»، هل هناك مجال للحديث عن تكافؤ الفرص أو العدالة في ترتيب المتعلمين؟! وقال تربويون لـ «الأنباء» إنه رغم أن الامتحانات الورقية تحتاج إلى تجمعات ولجان تصحيح ورصد مما يزيد احتمالات الإصابة، إلا أنهم يخشون ضعف مخرجات التعليم وتعزيز سلوك الغش وطرق الحل غير المشروعة مع «الامتحانات عن بعد»، مشيرين إلى أن التعليم الإلكتروني يجب أن توازيه اختبارات إلكترونية مجهزة تناسب المنهج والوقت الزمني المخصص له.
وطالب البعض بأن يكون الامتحان في نهاية العام ورقيا وأن يشمل المنهج كاملا وتكون نسبته في التقييم 70 أو 60%، فإلى التفاصيل كاملة:
في البداية، أكد مدير ثانوية عبداللطيف ثنيان الغانم للبنين – حسين أحمد، أن قرار رفض وزارة الصحة عقد اختبارات ورقية لطلبة المرحلة الثانوية لم يكن في حقيقة الأمر قرارا صادما أو مفاجئا بالنسبة للمواكبين للشأن التربوي والمتتبعين لمنهجية الفوضى والتخبط التي تتوخاها وزارة التربية منذ بداية جائحة كورونا، بل كان في واقع الأمر قرارا غير مبرر مما أثار استياء وحفيظة الجميع خاصة جميع الأطراف المتداخلة في الميدان التربوي وأولياء الأمور، مشيرا إلى أن هذا القرار له بالتأكيد تداعيات سلبية ونتائج وخيمة خاصة على أبنائنا المتعلمين، فالقرار تسبب في حالة إرباك بصفوف الطلاب وأولياء الأمور.
وأضاف أحمد أن هذا القرار قد يخدم مصلحة البعض لكنه يهضم حقوق البعض الآخر، فالطالب المتميز سيكون ضحية غياب آلية تقييم ورقية حقيقية، في حين نجد أن الطالب الضعيف أو المتوسط سيكون من أكبر المنتفعين بآلية التقييم عن بعد، موضحا أنه لا مجال حينئذ للحديث عن تكافؤ الفرص أوعدالة في ترتيب المتعلمين، لاسيما أن هذا القرار الارتجالي وغير المبرر خلق نوعا من الحيرة لدى أولياء الأمور وولد لديهم الكثير من التساؤلات والاستفسارات والتي ظلت حتى الآن من دون إجابات.
وتساءل: هل من المعقول أن يكمل المتعلم المرحلة الثانوية ويحصل على شهادتها بدون إجراء اختبارات ورقية؟ وهل سيتم اعتماد هذه الشهادة في البعثات الخارجية وبمختلف الجامعات الأجنبية خاصة بالدول الغربية؟
وذكر أحمد أن غياب القياس، والذي هو في حقيقة الأمر مرآة تعكس النتائج الحقيقية للمتعلمين، كان فرصة اليوم خاصة في صفوف طلبة المسائي والمنازل الذين سجلوا بأرقام قياسية وغير مسبوقة مستغلين الظرف الوبائي لضمان النجاح الدراسي «عن بعد»، متسائلا: هل يحق لنا اليوم نحن كأهل الميدان الحديث عن التعليم النوعي وعن جودة التعليم في ظل وجود مخرجات نجحت بتميز من دون عملية تقييم واقعية وحقيقية تذكر؟
ولفت إلى أنه كان لابد على وزارة التربية إعداد خطة محكمة وتوفير بدائل ومقترحات جدية لتقديمها إلى وزارة الصحة لضمان الموافقة على إجراء الاختبارات الورقية.
ولعل من أبرز المقترحات إلغاء الاختبارات الورقية لمراحل الابتدائي والمتوسط واقتصارها فقط على طلاب المرحلة الثانوية، بحيث تتم جدولة امتحانات على مراحل متفرقة (للصفوف 10/ 11/ 12)، تستجيب للاشتراطات الصحية المعتمدة. لماذا لم تفكر وزارة التربية في استغلال المؤسسات التربوية الخاصة بالمرحلتين الابتدائية والمتوسطة لتنظيم لجان سير الاختبارات مع المحافظة على سياسة التدوير الخاصة بالمدراء فيما يخص اختبارات الثاني عشر؟
مزايا وعيوب
من جانبه، قال مدير ثانوية الراعي النميري للبنين – صلاح الصانع إنه بعد رد وزارة الصحة بعدم موافقتها على عقد امتحان الفترة الدراسية الأولى بنظام ورقي، بات من اللازم التحليل وصولا للقرار المناسب، ولعل من طرق التحليل رصد مزايا وعيوب الاختبارات الإلكترونية خاصة بعد تجربة اختبارات التقييم الأول إلكترونيا، مشيرا إلى إن من مزايا إلغاء الامتحانات الورقية واعتماد الإلكترونية المحافظة على سلامة وصحة المتعلمين والعاملين، فبالرغم من تساهل المجتمع الملحوظ إلا أن السلامة تأتي أولا، كما أن الامتحانات تحتاج الى لجان تصحيح ورصد ما يزيد من احتمالات الإصابة وكذلك إغلاق باب استغلال أولياء الأمور بالدروس الخصوصية والتي لاقت رواجا في الآونة الأخيرة وتفاعلا مع قرار الوزارة بالامتحانات الورقية، ناهيك عن عدم إرهاق وزارة الصحة بأداء أدوار إضافية علما بأنه من المتوقع أن تتزامن حملة التلقيحات مع فترة أداء الامتحانات إضافة إلى وضع حل مناسب للطلبة والعاملين من أصحاب الأعذار والأمراض المزمنة حفاظا على سلامتهم وحفظا لحقوقهم.
وأضاف الصانع: أما المآخذ على إلغاء الاختبارات الورقية واعتماد الامتحانات الإلكترونية فهي فقدان العدالة في التقييم بين المتعلمين، فنتائج التقييم الإلكتروني الحالي تثبت ذلك ناهيك عن غياب المقياس الحقيقي لمستوى الطلبة وتحصيلهم العلمي ما يضعف مخرجات التعليم وتعزيز سلوك الغش وطرق الحل غير المشروعة.
وتابع قائلا: لوحظ تفشي العديد من الغش والمساعدة سواء بالتكليفات والواجبات والتقارير بالوضع الحالي استغلالا لوضع الطلبة وكذلك سهولة تعرض الطالب لخلل تقني أثناء أداء الاختبار، حيث لا يمكن التمييز بين العذر الحقيقي والعذر المفتعل وهو ما يواجه الإدارات المدرسية حاليا، لافتا إلى أن الأسر المتعففة وقدرتها على توفير الإمكانات، ويبدو جليا أنها قامت بحل مشكلتها ولكن لا بد أن نشير إلى أن إمكاناتها تظل عائقا لتلافي المشاكل بالمقارنة مع الأسر المتمكنة.
وقال الصانع: رغم قناعتي بأهمية الاختبارات الورقية لكن السلامة تأتي أولا، وأجد من المناسب إعادة النظر في نسب التقييم حتى نستفيد من مزايا «الامتحانات الورقية والتعليم عن بُعد» وتغيير النسب الموضوعة بوثيقة التعليم الثانوي وذلك للظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم أجمع.
واقترح الصانع أن يمتحن الطالب في نهاية الفصل الثاني بمواضيع الكتابين الأول والثاني على أن تكون محددة بحجم مستوى كتاب واحد، بمعنى إلغاء مواضيع نصف الكتاب الأول وتلغى مواضيع نصف الكتاب الثاني، موضحا ان الطالب الغائب بعذر مقبول يختبر بمحتوى الكتابين كاملين بالمؤجل.
قرار مخيب للآمال
أما المدير المساعد بثانوية أحمد الربعي للبنين عبدالرحمن الجاسر فأكد أن قرار وزارة الصحة رفض الاختبارات الورقية كان بالنسبة لنا كجزء كبير من التربويين مخيبا للآمال خاصة بعدما رأينا من خلال التعلم عن بُعد والتقييمات التي تحصل ومدى تأثيرها وفاعليتها وجديتها في قياس مستوى الطلبة الحقيقي، مشيرا إلى أن الصحة سمحت بالتجول في الأسواق والأماكن الترفيهية والحدائق إضافة إلى إقامة الانتخابات البرلمانية بإذن الله يوم 5 ديسمبر المقبل وفق الاشتراطات الصحية ورفضت الاختبارات الورقية!
وأضاف الجاسر انه كان بإمكان التربية من خلال الاقتراح الذي بعثته لوزارة الصحة أن تعطي ضمانات كأن تكون هناك إجراءات صحيحة، خاصة أنه من الممكن أن تكون نسبة الحضور الطلابي اليومي 30% حتى تستطيع الجهات المعنية السيطرة على الوضع ومنع انتشار المرض أو انتقال العدوى من شخص لآخر.
وأكد أنه ما في شك بأن الصحة عندنا لها الأولوية ولكن ما يحز في الخاطر أن نظرة الجهات الحكومية والمجتمع بشكل عام للتعليم لم تكن في الأولوية أبدا، لذلك فإن الأمر سيكون عاديا انهم يضحون بسنة وأخرى بهذه الطريقة، لافتا إلى أنه يقترح أن تستمر التقييمات في الفصل الأول ويكون الامتحان الورقي في نهاية العام الدراسي في المنهج كاملا مع تخفيض درجات الأعمال وتكون نسبة 70 أو 60% على الاختبار الورقي هذا إن أردنا نتيجة تعكس المستوى الحقيقي للطالب.
تخبط في القرارات
من جانبها، قالت رئيسة قسم مادة العلوم والحاصلة على ماجستير إدارة تربوية عفاف اليعقوب إن الفترة الزمنية الطويلة لانقطاع الحياة والحجر الجزئي والكلي أثر على بعض الطلبة خصوصا الفائقين الذي شكل لهم توترا نفسيا، كما أن الفترة الزمنية الطويلة أثرت على معدلات النوم والسهر الذي يؤثر على التركيز والاتزان، مشيرة إلى انه وبعد بداية الدراسة عن بعد واختلاف الوضع الدراسي والوسائل والطرق التعليمية المطروحة عليهم وجد بعض الخلل لدى التحصيل الدراسي لبعض الطلبة، حيث إن الكثير من الطلاب يفضلون الاتصال المباشر مع المعلم.
وأضافت اليعقوب أن هناك تخبطا في وضع الخطط والقرارات منذ بداية التعليم عن بعد، لاسيما انه قبل فترة أعلنت التربية أن الاختبارات ستكون ورقية لطلبة الثانوية، ما أثار القلق لديهم بحكم أن التعليم عن بعد قلص الوقت الزمني للحصة ما أدى إلى تكدس المادة العلمية على عاتق الطالب، موضحة أن البيئة الدراسية في المنزل تختلف كليا عن البيئة المدرسية في التركيز والإنتاج.
وقالت وبما أني من أهل الميدان أرى أن التعليم عن بعد يجب أن توازيه اختبارات إلكترونية مجهزة ومراجعة من معلمين تناسب المنهج الموضوع وتناسب الوقت الزمني لتركيز الطلبة، ومع الأخذ بالاعتبارات اختلاف كل الظروف المحيطة بالطالب.
دقة القياس
بدورها، قالت الموجهة الفنية للخدمة الاجتماعية بمنطقة مبارك الكبير التعليمية موزة الجناع إن فكرة الامتحانات الورقية عملية وأكثر دقة في معرفة مستوى الطالب او الطالبة خاصة المتفوق منهم والملتزم منهم لكن صحيا وفي الوقت الراهن فيه خطورة على حياة وصحة الطالب وتتنافى مع وجود الاشتراطات الصحية التي أعلنتها وزارة الصحة، خاصة ان العالم الآن يرتقب الموجة الثانية من ظهور أعراض الفيروس على العامة وتزامنه مع تغير الطقس وعدم استقراره، مشيرة الى تأثيرها على نفسية الطالب، فنجده للأسف وولي أمره في قلق منذ بداية الأزمة، فعلى الرغم من بداية الموسم الدراسي متأخرا عن بعض الدول إلا ان بعض القرارات جاءت مقلقة وموترة للطالب وولي أمره.
وأوضحت الجناع انه لا توجد هناك خطة بعيدة المدى وآمنة المعالم، مما يؤثر سلبيا على نفسية الطالب خاصة الطالب المتفوق والأسرة المتعاونة، وتضارب القرارات والأخبار ما بين وزارتي الصحة والتربية خلق نوعا من عدم الثقة بهاتين الوزارتين، خاصة ان الأسر الكويتية لديها أكثر من ابن أو ابنة في مختلف المراحل الدراسية، وهذا فيه جهد وضغط نفسي وصحي ومادي عليها.
تدريب المتعلمين
فيما يتعلق بمدى انعكاس وتأثير الاختبارات الإلكترونية على الطلبة، قالت اختصاصي اجتماعي أول إيمان العواد إن تأثير اختبارات الأونلاين على نفسيات المتعلمين أرى من وجهة نظري انه في حال تدريب المتعلمين على كيفية أداء الاختبارات الإلكترونية سيحسن من أداء المتعلمين مع إعطائهم الوقت الكافي لأداء الاختبار، مشددة على ضرورة أن تراعي الإدارات المدرسية الظروف الحالية وعدم الضغط على الطلبة والمرونة في التعامل معهم في ظل هذه الظروف.
وأضافت العواد ان الوسائل التكنولوجية لا تخلو من المشاكل التي تكون خارجة عن إرادة كل من المعلم والمتعلم، ويجب على الإدارات المدرسية الاستعداد لمواجهة أي خلل أو مشكلة والتصدي لها بكل شفافية، حتى لا ينعكس ذلك على نفسيات المتعلمين والحد من التوتر الناتج عنه، مؤكدة ان الاختبارات الإلكترونية لن تقيس مستوى المتعلم الحقيقي كالاختبارات الورقية.