جلست أتصفح في أحد الدروس والتي تعلمتها من المغفور لها بإذن الله-والدتي-طيب الله ثراها، حين قالت:” إسمعي يا ابنتي لا تنتظري كثيرا ممن يدعي صداقتك لأن” في الليلة الظلماء يفتقد البدر-بمعنى أن الصديق وقت الضيق”.
وقالت لي-يرحمها الله:” يا ابنتي تذكري أن الماء الراكد لا ينشئ نهرًا، فمن البديهي أن ميزة الأنهار هو تدفق مياهها وموجاتها، وتجدد مياهها، حتى تستمر عذوبتها الذائبةً في نقائها،
وهذا الأمر ينطبق أيضا على الصديقات أنفسهن”.
كلام والدتي هذا ذكرني بالعدد الهائل من الصديقات اللاتي أسمائهن و أرقامهن وصورهن تملأ مفكرتي ودفاتري والآن جوالاتي.
في الفترة الأخيرة دعونا نطلق عليها (مرحلة كورونا)-
جميع تلك الأسماء لم أسمع و أرى إلا صديقة واحدة التي أثبتت صداقتها الحقيقية هي حبيبتي وصديقتي وشقيقتي (ميشو) والتي لم تفارقني لحظة واحدة.
أيضا لدي أستاذ عزيز صادق ومخلص كان يتواصل معي ويشجعني على مواجهة صعوبات الحياة بصورة عامة وأزمة كورونا خاصة.
كان يؤمن بقوتي وثقتي و إرادتي في مواجهة الصعوبات بنفسي دون أن أعتمد على من يدعون صديقاتي
قال إستاذي:” إسمعي ياأستاذة رانية، الأصدقاء والصديقات عموما فيهم من يدعي الصداقة الحقة، فيما هو مثل ماء راكد، يتحرك حينما تستجد له حاجة عندك، وفيهم من يتصيد المناسبات والحفلات والعزائم،
مؤكدا أنه/أنها نهرا، رقراقا، لكنه سرعان ما يعود إلى طبيعته بعد أن يأخذ حاجته منك، فيصبح صحراء جافه وقاحلة ومتوحشة، يملاء دواخله اليباب. ومنهم منً يمنحونك هواء عليلا، لأنهم وجدوا نهرًا عذبًا في جريانه، فبدأوا يسألون عنك، والتبخر في إداحتياجاتك، ووجودك مرتع خصب لهم.
ويكمل إستاذي والذي أعتز بوجوده بجانبي بقولة:” إسمعي يا أستاذه رانيه، أن العرف العام للصداقة، لا وجود للمصالح الخاصة ولا الانتهازية والأنانية والنسيان”.
ليس لدي أن أضيف اي إضافة على أقوال أمي يرحمها الله ولا على كلام أستاذي،
وإنما أقول: تحية لكل من بقي من الصديقات والأصدقاء القلائل الذين مثلوا بستان حياتي المليء بالوفاء والصدق والمحبة، فكانوا زهور قرنفل وورود الجاردينا، وتحف أصيلة أزين بها حياتي، تزداد قيمتها كلما مضى عليها الزمن