خالد الفاضل: تسييل محفظة «البترول» غير صائب بتاتاً وتبعاته على المؤسسة وخيمة
جدد وزير المالية براك الشيتان الجدل داخل القطاع النفطي بمطالبته لوزير النفط وزير الكهرباء والماء بالوكالة الدكتور خالد الفاضل، عبر حسابات الوزارة على مواقع التواصل الاجتماعي الخميس الماضي، بتوريد 7 مليارات دينار من الأرباح المحتجزة لدى مؤسسة البترول.
وما أشعل النقاش أكثر في هذا الخصوص تأكيدات مسؤولي النفط بأن تنفيذ خطة المؤسسة لتمويل مشاريعها النفطية الإستراتيجية معتمدة من الجهات المعنية، ومنها وزارة المالية نفسها، كما أنه سبق مطالبة الشيتان اتفاق وتنسيق بين «المالية» والمؤسسة، وكذلك مخاطبة للفاضل لسمو رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد حول هذا الملف، فما الذي تغير؟
في رسالة موجهة لسمو رئيس الوزراء يوم الثلاثاء 28 أبريل 2020 أي قبل مطالبة الشيتان بيومين، كشف الفاضل أن تزايد حجم الإنفاق الرأسمالي المطلوب لتنفيذ المشاريع الرأسمالية الإستراتيجية والتنموية للمؤسسة والتي تعمل على تنمية مواردها وتعظيم الايرادات النفطية للدولة ومؤسسة البترول دعاها للاقتراض.
وأوضح الفاضل أن هناك قوانين عدة صدرت من مجلس الأمة بتوزيع أرباح المؤسسة المقدرة بنحو 8.4 مليار دينار، رغم صدور قرارات من المجلس الأعلى للبترول بالاحتفاظ بها، قائلاً، «القوانين بتوزيع الأرباح لبعض السنوات جاءت بعد مضي سنوات عديدة عليها وتحصين المركز المالي للمؤسسة في ما يتعلق بالأرباح، وبناءً عليه استثمرت المؤسسة هذه الأرباح في أصول نفطية منتجة».
وأكد أن قيام المؤسسة بتسييل المحفظة المالية في الوقت الحالي لسداد الأرباح المحتجزة لدى مؤسسة البترول إلى الدولة اقتراح غير صائب بتاتاً وله تبعات وخيمة على المؤسسة وسيكبدها خسائر في ضوء تدهور أوضاع السوق العالمية بسبب انتشار فيروس كورونا وخسارة عوائد مستقبلية من هذه الاستثمارات.
وأضاف الفاضل أن تسييل المحفظة سيخفّض معدل السيولة لدى المؤسسة وسيؤدي إلى تدني وضعها المالي، وبالتالي عدم قدرتها وشركاتها التابعة على تمويل مشاريعها الواردة ضمن إستراتيجيتها وعملياتها بشكل مباشر، أو الاقتراض لتمويل عملياتها الحالية ومشاريعها المستقبلية.
وحذّر من الآثار التي تتمثل في انخفاض معدل إنتاج النفط الخام والغاز والتأثير على المكامن النفطية وفقدان الكويت حصتها السوقية في العالم والتأثير السلبي على إيرادات الدولة على مدى السنوات المقبلة وزيادة حاجة الدولة للاقتراض.
وتابع الفاضل «ستكون هناك حاجة لاستيراد كميات إضافية من الغاز المسال لتلبية احتياجات وزارة الكهرباء والماء لتوليد الطاقة الكهربائية، ما سيرهق ميزانية الكويت بشكل أكبر، وسيتسبب في توقف عدد من المشاريع الرأسمالية الجاري تنفيذها، والتي تساهم في المحافظة على زيادة مستويات الإنتاج والقدرات التكريرية للمؤسسة، وبالتالي تعظيم إيرادات الدولة، الأمر الذي سيؤدي إلى عدم القدرة على استكمالها وخسارة العوائد المتوقعة من تشغيل تلك المشاريع».
وقال الفاضل إن من الآثار السلبية إلغاء وتأجيل مشاريع التوسع المستقبلية للأنشطة النفطية، وخصوصاً مشاريع البتروكيماويات التي كانت ستعمل على زيادة الأرباح وتنويع مصادر الدخل، إضافة إلى خلق فرص استثمارية للقطاع الخاص وفرص عمل مستقبلية للشباب الكويتي.
ونبّه الفاضل إلى أن هذا الاجراء سيضطر الدولة إلى ضخ أموال لرفع رأسمال المؤسسة بما يعادل تلك المبالغ أو الاقتراض كدولة لسد احتياجات المؤسسة الرأسمالية.
وثيقة للمؤسسة
كشفت وثيقة في مؤسسة البترول اطلعت عليها «الراي» أن المس بالملاءة المالية للمؤسسة سيترتب عليه إلغاء المشاريع التنموية المستقبلية، وبالتالي سيؤثر على تطوير القدرة التكريرية والتحويلية لمؤسسة البترول، ومنها مصفاة الزور المقدر العائد المبدئي فيها على الاستثمار بنحو 12.3 في المئة، كما سيؤثر على مجمع البتروكيماويات «الاولفينات 3 والعطريات 2 والمقدر العائد على الاستثمار فيه 14.3 في المئة، وسيتأثر أيضاً مشروع تطوير ورفع القدرة الإنتاجية للنفط الخام والغاز والمقدر معدل العائد على الاستثمار فيه بنحو 800 في المئة، وكذلك مجمع البتروكيماويات المتكامل بمصفاة دقم في عمان والمقدر العائد على الاستثمار المبدئي فيه بنحو 15.5 في المئة.
وكشفت الوثيقة أنه في حال عدم معالجة المعوّقات الخاصة بالخطة التمويلية للمؤسسة، سيكون هناك إلغاء وتأجيل مشاريع تحت التنفيذ، ما سيترتب عليه انخفاض معدلات إنتاج النفط وفقدان الحصة السوقية في العالم وإلغاء عقود بعض الزبائن.
وحذرت من انخفاض الإيرادات النفطية العائدة للدولة بنحو 8.5 مليار دينار في حال توزيع الأرباح خلال السنوات الـ5 المقبلة، وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات التعاقدية مع المقاولين وتوقفهم عن العمل، والتأثير على سلامة المكامن النفطية، وتشغيل المصافي بأقل من طاقتها التكريرية.
وأشارت الوثيقة إلى أنه سيترتب على ذلك اهتزاز ثقة المقاولين الأجانب في السوق الكويتي ونقص كميات الغاز لمحطات الكهرباء واستيراد كميات إضافية من الغاز المسال، إضافة إلى صعوبة الوفاء بالالتزامات الرأسمالية مع الشريك السعودي في المنطقة المقسومة.
وبينت أنه بناءً على الاتفاقات وقرار مجلس الوزراء وقيام الدولة لاحقاً بتوزيع الأرباح، قامت المؤسسة بتحديث خطتها التمويلية للفترة من 2019/2020 – 2023/2024 على أساس 40 في المئة تمويلاً ذاتياً، و60 في المئة اقتراضاً خارجياً، مبينة أن إجمالي مبلغ الاقتراض لتمويل مشاريع المؤسسة 12.1 مليار دينار، منها 6.1 مليار سندات، و3.8 مليار قروضاً كويتية، و2.2 مليار من البنوك الاجنبية «بنوك صادرات الائتمان».
وذكرت الوثيقة أن مجلس الوزراء وافق على خطة الاقتراض في أبريل 2019 باستخدام ادوات الدين العام على أن يكون الاقتراض بواسطة السندات وبنسبة لا تقل عن 50 في المئة من إجمالي حجم الاقتراض ومتوسط استحقاق 15 سنة لجميع أدوات الدين.
وكشفت الوثيقة أن المساس بالملاءة المالية لمؤسسة البترول يهدد نحو 90 مليار دينار صافي إيرادات نفطية متوقع أن تحولها مؤسسة البترول للدولة خلال سنوات الخطة الخمسية بينما تحتفظ المؤسسة بنحو 5 مليارت دينار.
ولفتت إلى أن التدفقات النقدية للمؤسسة لسنوات الخطة الخمسية قادرة على مواجهة التزاماتها المتمثلة في سداد الاقساط وفوائد القروض، إضافة إلى الوفاء بسداد أرباحها للسنوات السابقة مع المحافظة على حد أدنى من المحفظة الاستثمارية البالغة 5 مليارات دينار.
ورأت الوثيقة أن الإجراءات المطلوبة لمعالجة الأرباح المستحقة للدولة البالغة 8.4 مليار دينار «تم سداد 1.6 مليار منها»، أن يتم الاحتفاظ بالأرباح المستقبلية خلال السنوات الـ5 المقبلة، وأن يكون هناك دعم ومساندة من جهات الدولة المختلفة لتنفيذ الخطة التمويلية.
وأظهرت أن إجمالي الصرف خلال الخطة الخمسية 2019/2020 – 2023/2024 يبلغ نحو 27.7 مليار دينار حصة الاستكشاف والانتاج داخل الكويت نحو 60 في المئة منها بمتوسط 5.5 مليار دينار سنوياً.
وأكدت الوثيقة أنه سيترتب على تراجع معدل السيولة والملاءة المالية لمؤسسة البترول طلب ضمانات إضافية من الدولة وانخفاض رغبة المستثمرين في سندات المؤسسة مقارنة بالشركات النفطية وارتفاع تكلفة الاقتراض والحصول على تصنيف ائتماني ضعيف، وكلها تصب في سمعة الكويت النفطية.