المصدر:
أبوظبي – مصطفى خليفة
التاريخ: 22 أكتوبر 2019
أكد كون يونج وو سفير جمهورية كوريا الجنوبية لدى الدولة، أن دولة الإمارات رسخت مكانتها كمركز إقليمي للخدمات اللوجستية والنقلية والمالية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وحققت المركز الأول إقليمياً والخامس عالمياً ضمن أكثر الدول تنافسية في العالم حسب أحدث إصدار لتقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2019، مما يليق بسمعة ومكانة دولة الإمارات عالمياً. مشيراً إلى «أننا سنحتفل مع الإمارات في 2020 بالذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية المتميزة بين بلدينا».
وأضاف أن الحكومة الكورية تدعم جهود الإمارات الرامية لصناعة مستقبل أفضل، وهو ما يتطلب تعاونا دوليا واسعا من جميع دول العالم، حيث تشارك كوريا كشريك مميز في معرض إكسبو 2020 دبي الذي سيبدأ أعماله أكتوبر 2020 تحت عنوان «تواصل العقول، وصنع المستقبل»، وسيكون جناح كوريا الجنوبية في معرض إكسبو 2020 دبي، خامس أكبر الأجنحة الدولية في هذا المعرض.
وأشار إلى أن الإمارات تعتبر حاضنة لقيم التسامح والتعايش والانفتاح والتعددية الثقافية، حيث تضم أكثر من 200 جنسية تنعم بالحياة الكريمة والاحترام، بينما تحافظ على الثقافة العربية والتقاليد الأصيلة، لافتا إلى أن الأجواء الآمنة المتسامحة في الإمارات من الزوار استقطبت الكوريين الذين يصل عددهم إلى 200 نحو ألف زائر سنويا، بالإضافة إلى أن نصف المواطنين الكوريين في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا يعيشون في الإمارات.
40 سنة من التعاون
وقال السفير الكوري خلال حوار مع «البيان»، إن العلاقات الثنائية بين بلاده والإمارات تشهد أفضل حالاتها بمناسبة الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 2020، إذ تمتلك كل من كوريا والإمارات الإطار المؤسسي لتعزيز التعاون الثنائي مع إطلاق العديد من المشاورات الرفيعة المستوى في مجالات الشؤون الدبلوماسية، الدفاعية، الطاقة النووية، العلوم والتكنولوجيا، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها.
وأشار إلى أن زيارة الرئيس الكوري مون جاي إن إلى الإمارات في مارس 2018 وأيضا زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى كوريا في فبراير 2019 أدتا إلى وصول العلاقات الكورية الإماراتية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الخاصة»، بعدما توصلت الدولتان إلى إقامة الشراكة الاستراتيجية عام 2009.
زيارات متبادلة
وسلط السفير الكوري لجنوبي الضوء على التعاون في المجال الدبلوماسي، وقال: «تهتم الحكومتان الكورية والإماراتية بتعزيز الزيارات المتبادلة، حيث تم عقد جلسة مباحثات ثنائية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2019، كما اتفقت الحكومتان على الارتقاء بالحوار الاستراتيجي بين وزيري الخارجية إلى الحوار الاستراتيجي الخاص فبراير 2019.
وقامت الدولتان بعقد الجولة الثانية لاجتماع وزارتي الخارجية والدفاع على مستوى نائب وزير (2+2) في أبوظبي أكتوبر 2019، في المجال الاقتصادي، انطلقت اجتماعات متعددة بين الدولتين منها اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة على مستوى وزاري، ومشاورات رفيعة المستوى بشأن التعاون النووي، واجتماع لجنة التعاون الزراعي الإماراتية الكورية.
متانة العلاقات
وأكد السفير الكوري أن كوريا والإمارات حققت نتائج إيجابية تعكس متانة العلاقات الكورية الإماراتية بينهما، من أهمها: إطلاق سراح مواطن كوري جنوبي، كان محتجزا في ليبيا العام الماضي، بمساعدة جدية من دولة الإمارات في شهر مايو، مما أعطى انطباعا إيجابيا للشعب بأن كوريا والإمارات، وهي التي ساعدتنا في لحظة صعبة، تربطهما علاقات أخوية راسخة.
وفي الرعاية الصحية، تم تجديد عقد مستشفى جامعة سيؤول الوطنية لإدارة مستشفى الشيخ خليفة التخصصي في رأس الخيمة، لمدة 5 سنوات، ونذكِّر بأنه يديره منذ عام 2014، وهذا ما يؤكد ثقة المواطنين الإماراتيين ودعمهم للكوادر الطبية الكورية التي كانت تعمل في الإمارات، بالإضافة إلى ذلك، سنسعى إلى دعم المزيد من التعاون في المجالات التي يمكن لأفراد البلدين تجربتها مثل الزراعة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا المتقدمة.
13.9 مليار دولار
ورداً على سؤال يتعلق بحجم التبادل التجاري بين البلدين وحجم الاستثمارات القائمة بين البلدين والشركات الإماراتية في كوريا وعدد المشاريع القائمة ومجالات عملها، أكد السفير كون يونج وو أن حجم التبادل التجاري بين كوريا والإمارات وصل إلى حوالي 13.9 مليار دولار، حيث تمثل الإمارات 1.2٪ من إجمالي حجم التجارة في كوريا، وهي الرقم عشرين على لائحة الدول الكبرى في الشراكة التجارية مع كوريا، كما أنها تعد أهم شريك تجاري في الشرق الأوسط.
وأوضح السفير أن كوريا صدّرت ما قيمته 4.6 مليارات دولار من السيارات، الهيكل الصلب، الإلكترونيات، وغيرها إلى دولة الإمارات في عام 2018، بينما بلغت الواردات من الإمارات 9.3 مليارات دولار، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية والألمنيوم، مشيراً إلى أن الاستثمارات المباشرة التراكمية المشتركة بين البلدين تقدر بـ4.3 مليارات دولار حتى نهاية عام 2018 حيث بلغ حجم الاستثمارات الكورية في الإمارات 2.3 مليار دولار، فيما بلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في كوريا ملياري دولار.
وقال السفير الكوري كون يونج وو: إن عدد الشركات الكورية العاملة في الإمارات بلغ حوالي 140 شركة، حيث إن معظم هذه الشركات تتوزع بين دبي وأبوظبي ولتكون المقرات الرئيسية لها في منطقة الشرق الأوسط، وتشارك في مشروع محطات براكة للطاقة النووية شركات الطاقة الحكومية ومنها شركة كوريا للطاقة الكهربائي (كيبكو) والشركة الكورية للطاقة المائية والنووية (KHNP) وأيضا شركات خاصة ومنها شركة «دوسان» للصناعات الثقيلة والإنشاءات وشركة هيونداي للهندسة والإنشاءات المحدودة وشركة سامسونغ سي اند تي.
«كيبكو»
وسلط السفير الضوء على شركة «كيبكو» الكورية العاملة في محطات براكة للطاقة النووية السلمية، وأشار إلى أن شركة كوريا للطاقة الكهربائية «كيبكو» تمتلك حصة تقدر بنحو 18% من مشروع «براكة» ومن المقرر تشغيل أول مفاعل لمحطات براكة بداية عام 2020، كما بدأت شركة الظفرة للبترول التابعة لأدنوك إنتاج النفط الخام تجارياً من حقل «حليبة» في دولة الإمارات في يوليو، وذلك بالتعاون مع الشركات الكورية منذ بدء عملية الاستكشاف إلى التطوير والإنتاج، حيث تمتلك مؤسسة كوريا الوطنية للنفط «كنوك» ومجموعة جي إس إنرجي الكورية الجنوبية حصتهما المشتركة 40% من شركة الظفرة للبترول.
تعزيز التعاون
وتطرق السفير إلى أبناء الجالية الكورية في الإمارات، وأشار إلى أن المواطنين الكوريين في الإمارات يساهمون في تعزيز التعاون بين البلدين، ويعملون في العديد من القطاعات الصناعية مثل النفط والغاز والبناء وفي شركات الطيران مثل طيران الإمارات والاتحاد للطيران، وأيضا في مستشفى الشيخ خليفة التخصصي في رأس الخيمة، لافتا إلى أن هناك حوالي 11 ألف مواطن كوري يقيمون في الإمارات بتأشيرة طويلة الأمد، وإذا أضيف على ذلك عدد المقيمين بتأشيرة إقامة قصيرة الأمد، يبلغ إجمالي نحو 13 ألف كوري في الدولة، ويعيش حوالي 6500 كوري في أبوظبي، ويعمل حوالي 2500 منهم في موقع مشروع محطات براكة للطاقة النووية، والذي أعتبره رمزا للتعاون بين البلدين.
معجزة الصحراء
وكيف ينظر الشعب الكوري إلى التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده دولة الإمارات حاليا في كافة مجالات التنمية؟ أجاب السفير كون يونج وو: «أود أن أشير إلى أن الشعب الكوري تغلب على الأوضاع الصعبة خلال الاحتلال الياباني وبعد الحرب الكورية، وحقق النمو الاقتصادي السريع الذي يطلق عليه معجزة نهر هان، فيعتقد الشعب الكوري أن الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية العظيمة التي حققها الشعب الإماراتي في المناطق الطبيعية القاحلة على الصحراء تستحق الاحترام والتقدير كما قال الرئيس الكوري مون جاي إن أثناء زيارته للإمارات في مارس 2018: «إن دولة الإمارات حققت معجزة وسط الصحراء».
وأضاف: تبذل الإمارات جهودا حثيثة لتوفير بيئة ملائمة لأعمال للشركات تجذب العديد من الشركات الكورية التي تلعب دورا مركزيا في الإشراف على أنشطة الأعمال كمقر رئيسي لها في هذه المنطقة.
قيم التسامح
ولفت إلى لقاء قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، في فبراير الماضي الذي ساهم إلى حد كبير في نشر قيم دولة الإمارات للتسامح التي تحتضن مئات الآلاف من مختلف الجنسيات والأعراق والديانات المتنوعة، ويأتي ذلك في إطار «عام التسامح» الذي أطلقته دولة الإمارات شعاراً للعام 2019.
تواصل
وتحدث كون يونج وو عن دور المركز الثقافي الكوري في العاصمة أبوظبي وقال: «أنشأت الحكومة الكورية 32 مركزاً ثقافياً كورياً في 27 دولة في العالم بهدف التواصل مع الشعوب العالمية من خلال تبادل الزيارات والخبرات الفنية والثقافية، ويعد المركز الثقافي الكوري في أبوظبي الأول والوحيد من نوعه في منطقة الخليج العربي، حيث يلعب المركز الثقافي الكوري في أبوظبي دورا محوريا في توسيع التبادلات الثقافية بين كوريا والإمارات بالاستفادة من المحتويات الثقافية الكورية المتنوعة، آملا في أن توفر أنشطة المركز فرصة لمشاركة كوريا كشريك مهم في نمو دولة الإمارات كواحد من أهم المراكز الثقافية في الشرق الأوسط.
وأضاف: يدير المركز الثقافي الكوري عدة برامج ثقافية تضم المعارض والعروض والمحاضرات الثقافية والعروض السينمائية بكل المعدات والأجهزة التي تساعد على دعم التبادل الثقافي. وفي هذا الإطار، ينظم المركز العديد من الفعاليات المشتركة الكورية الإماراتية، منها محاضرات الثقافة الإماراتية والمعارض المشتركة بين الفنانين الكوريين والإماراتيين.
وحول أهم الفرص الاستثمار المتاحة حاليا في جمهورية كوريا الجنوبية؟ وفي أي المجالات؟ والتسهيلات التي تقدمها الحكومة الكورية لجذب الاستثمارات الأجنبية خاصة الإماراتية والخليجية، أوضح السفير كون يونج وو أن كوريا تتمتع بقدرة تنافسية تحديدا في مجالات الصناعات المختلفة، بما فيها بناء السفن، البناء، المواد الكيميائية، الإلكترونيات، السيارات، وأيضا الصناعات الجديدة؛ أشباه الموصلات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطاقة المتجددة.
وأضاف في نفس الوقت تتبنى دولة الإمارات استراتيجيات اقتصادية مُحفزة على التنويع الاقتصادي، نعتقد أن اكتساب الخبرات والمعارف من كوريا التي حققت تطورا وتقدما سريعا في الصناعات المختلفة يسهم بشكل أكثر فعالية في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الوطنية لحكومة دولة الإمارة.
وقال: تعمل وكالة ترويج التجارة والاستثمار الكورية «كوترا» في دبي لتقديم خدمات الاستشارات الاستثمارية كنافذة للمستثمرين في منطقة الخليج العربي، حيث دشنت الحكومة الكورية الوكالة الوطنية الكورية لترويج الاستثمار (استثمار كوريا) التابعة لوكالة كوترا في دبي من أجل جذب وترويج الاستثمار الأجنبي إلى كوريا.
السياحة العلاجية
وفيما يخص السياحة العلاجية أشار السفير إلى أن كوريا الجنوبية أصبحت مقصدا للسياحة العلاجية، فقد زار كوريا أكثر من 3500 مريض إماراتي للعلاج في عام 2018 مما يمثل نصف المرضى القادمين من الشرق الأوسط، على وجه الخصوص، يتم إرسال حوالي 1000 منهم للعلاج على نفقة دولة الإمارات، مؤكدا أن المستشفيات الكورية تبذل قصارى جهدها لتحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى الإماراتيين الذين يحتاجون إلى مهارات متقدمة لعلاج السرطان أو زرع الأعضاء.
وتحتل كوريا الجنوبية المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة كدولة ترسل الإمارات إليها المرضى للاستشفاء، مما يعكس ثقة الشعب الإماراتي في الأطباء والممرضين الكوريين ذوي الخبرة، المهنيين والمتفانين الذين يعتنون بمرضاهم الإماراتيين، وبناءً على هذه الثقة، بدأت المستشفيات الكورية تقدّم خدماتها الطبية في الإمارات.
فيمكننا أن نتوقع أن تسهم الكوادر الطبية الكورية على المدى الطويل في ترسيخ مكانة الإمارات كوجهة رئيسية في مجال الرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وأضاف: لقد حققت الطواقم الطبية الكورية إنجازات كبيرة في مستشفى الشيخ خليفة التخصصي في رأس الخيمة، فيما يزداد عدد الأطباء الكوريين العاملين في الإمارات، خاصة في قسمي جراحة العظام، العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، في هذا الصدد، نحن نتطلع إلى مزيد من التعاون في المجالات الطبية المتقدمة مثل تحسين نظام معلومات المستشفى والرعاية الصحية الذكية في ظل الثورة الصناعية الرابعة.
احتفاء
وختم السفير بأن كوريا ودولة الإمارات ستحتفلان بالذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا في عام 2020 اللذين تم تأسيس علاقاتهما الدبلوماسية في 18 يونيو 1980.
كما سوف تنطلق فعاليات مختلفة تتمثل فيها علاقات الصداقة المتميزة بين كوريا والإمارات والإنجازات المشتركة على مدى أربعة عقود، ومن المقرر أن تنطلق فعاليات مشتركة بين كوريا والإمارات مثل البرامج الأكاديمية والمعارض الفنية والعروض في أبوظبي ودبي، وكذلك في سيؤول عاصمة كوريا، ونأمل أن نحقق في السنة القادمة إنجازات مثمرة بما يخص الأعمال المشتركة بين البلدين في المجالات المختلفة منها الشؤون الدبلوماسية، الدفاع، الطاقة، الرعاية الصحية، الزراعة وغيرها.
100 سنة جديدة من التعاون المثمر
قال كون يونج وو سفير جمهورية كوريا الجنوبية لدى الدولة: «في إطار حرص قيادتي البلدين على مواصلة تعزيز التعاون بما يعود عليهما بالمنفعة المتبادلة كشريكين مهمين نحو مرحلة جديدة من التعاون الثنائي لمدة 100 سنة جديدة، تعمل الدولتان على توسيع نطاق التعاون إلى مجالات جديدة بما فيها الطاقة المتجددة واكتشاف حقول النفط وتطويرها، وبذلك يكون هذا التعاون قد تجاوز المجالات القائمة منها البناء والهياكل الحديدية والنفط، مشيرا إلى أن مشروع محطات براكة للطاقة النووية الذي يرمز إلى علاقات الصداقة القوية بين البلدين، سيبدأ تشغيل أول مفاعل في براكة بداية عام 2020».
وأضاف «إننا نخطط لاستضافة العديد من الفعاليات والأنشطة المشتركة الكورية الإماراتية بمناسبة الذكرى 40 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا عام 2020»