أين سيتوجه المستثمرون بعد الصين؟

لقد كانت الصين وجهة جيدة للمستثمرين الأجانب خلال العقد الماضي، بل واحدة من أعظم قصص النمو في أوائل الثمانينات، ومنذ انهيار «بنك Lehman Brothers» بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 2008، عرض مؤشر MSCI CHINA، والذي يعبر عن مجموعات البيانات المخصصة ذات الجودة العالية والمدعمة بمستويات دقة تبلغ 99.96٪، عائداً سنوياً بنسبة 8.6٪، بالرغم من تداعيات أزمة الرهن العقاري على كبرى الاقتصادات العالمية.
حرب تجارية
تعد الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم من حيث هيمنتها على أهم القطاعات الاقتصادية، وتربعها على عرش التصنيع خاصة في مجال المنتجات الغذائية، إلا أن ما تشهده الصين الآن من حرب تجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية أدى باقتصادها إلى الهبوط، وذلك بسبب قيام الحكومة الأمريكية برفع الضريبة الجمركية على الصين إلى 10%، والتي من المتوقع أن تصل إلى 25% مع بداية شهر مارس في حال لم تصل المحادثات بين البلدين إلى اتفاقية.
هذه الحرب التجارية أصابت الاقتصاد الصيني بنكسات لم يشهد مثيلا لها منذ الأزمة المالية العالمية لسنة 2008، حيث تشير آخر الإحصائيات إلى تراجع مؤشر MSCI CHINA بنحو 20%، الأمر الذي قد ينبأ بسقوط الاقتصاد الصيني.
من المستفيد؟
يقول المثل البولندي القديم: «عندما يتشاجر شخصان، أكيد سيكون هنالك طرف ثالث سيستفيد» إذا من المستفيد من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين؟
مع ارتفاع الضرائب الجمركية على الواردات الصينية، قامت العديد من الشركات الكبيرة بإعادة تخصيص أصولها، كما وعدت الحكومة الأمريكية شركة Apple بعدم فرض الضرائب على وارداتها من الصين، في حال تحويل صناعة منتجاتها إلى الولايات المتحدة، حيث غرد الرئيس الأمريكي Donald Trump على تويتر قائلا إن «أسعار Apple قد ترتفع بسبب الرسوم الجمركية الكبيرة التي قد نفرضها على الصين، لكن هناك حل سهل ستكون الضريبة فيه صفر، بل وسيكون هناك حافز ضريبي، اصنعوا منتجاتكم في الولايات المتحدة بدلا من الصين، ابدأوا في بناء مصانع جديدة الآن».
حيث تشير آخر الإحصائيات أن الأسهم الصينية تتداول الآن بواقع 11.5 مرة فقط، أي أقل بنسبة 28% مقارنة بسنة 2018 الأمر الذي جعل الكثير من شركات الاستثمار تبحث عن بديل عن الصين.
إن ما تفرضه الحكومة الأمريكية من ضرائب جمركية على الواردات الصينية، والتراجع الملموس لمعدل الاقتصاد الصيني في عام 2018 إلى 6.6% جعل الكثير من المستثمرين يبحثون عن بديل آخر للاستثمار.
الأسواق المتوقعة
وتقول المحللة Shuli Ren عبرbloomberg أنه «مع ارتفاع التعريفات التي تواجهها شركة الصين، ستميل الشركات الأمريكية إلى شراء أجزاء من أشباه الموصلات من ماليزيا، أو وحدات تخزين البيانات من تايلاند، أو القطن من باكستان».
وتضيف: «في الواقع، بعض إعادة تخصيص الأصول يجري بالفعل في فيتنام على سبيل المثال، فقد كانت الدولة الآسيوية الناشئة الوحيدة خارج الصين التي تلقت صافي تدفقات الأسهم الأجنبية العام الماضي»، و كان العديد من المستثمرين في المنطقة يراهنون على أن الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا ستكون الرابح الأكبر من الخلاف بين الولايات المتحدة والصين»، مشيرة إلى أنه: «قامت الشركات متعددة الجنسيات بما في ذلك شركة Samsungللإلكترونيات بنقل المصانع هناك حتى قبل بدء الحرب التجارية».
استئناف المفاوضات
الولايات المتحدة والصين استأنفتا مفاوضاتهما التجارية في بكين على مستوى رئيسي الوفدين صباح اليوم الخميس، قبل نحو أسبوعين من انتهاء مهلمة حددتها إدارة دونالد ترامب قبل فرض حزمة عقوبات جديدة على بكين في هذه الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
ويقول محللون عبر AFP أن تراجع الفائض التجاري الصيني مع الولايات المتحدة في يناير قد يساعد على تليين أجواء المفاوضات، فقد بلغت قيمته 27,3 مليار دولار، رقم مرتفع لكن أقل من 29,87 مليار في ديسمبر و35,54 مليار في نوفمبر، كما ارتفعت قيمة الصادرات الإجمالية للعملاق الآسيوي بنسبة 9,1 بالمئة، فيما تراجعت الواردات بنسبة 1,5 بالمئة.
وفي انتظار ما سينتج عنه عقب هذه المفاوضات يبقى المستثمرون في حالة ترقب ولن يجازف أي منهم في الاستثمار خاصة مع حالة الشك التي تعيشها الأسواق.