«هيئة الأسواق»: مشروع وطني للنهوض بثقافة المواطنين
أولت هيئة أسواق المال – منذ سنوات تأسيسها الأولى – كثيراً من الاهتمام والحرص على أداء دورها في تنمية المجتمع، وذلك انطلاقاً من مسؤوليتها الاجتماعية.
فعلى الصعيد التشريعي نص القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية على أن «توعية الجمهور بنشاط الأوراق المالية» أحد أهداف الهيئة الرئيسية، وقد رأت الهيئة أن الجمهور المستهدف لا يقتصر على المعنيين والمهتمين بأنشطة الأوراق المالية فحسب بل يتخطى هذه الحدود.
أما على صعيد التطبيق فقد حرصت الهيئة على تقديم نموذج لتكون أول الملتزمين بتطبيق مختلف توجهاتها، وذلك من خلال سعيها ومبادرتها بتطبيق قواعد الحوكمة التي تتضمن بدورها دعماً للدور الاجتماعي للشركات-واعتبار المسؤولية الاجتماعية قاعدة رئيسية من تلك القواعد.
كما أنها جعلت من «النهوض بمستوى الثقافة المالية والاستثمارية والقانونية المتعلقة بأسواق المال لدى كل فئات المجتمع» إحدى أدوات التنمية المستدامة وأحد أهداف استراتيجيتها الحالية والمستقبلية، وحددت عدة مبادرات لتحقيق هذا الهدف، كتوعية فئات المجتمع بأساسيات الاستثمار وتعزيز الثقافة المالية لدى النشء عبر البرامج المتعددة، وبمشاركة جهاتٍ مختلفة من وزاراتٍ ومؤسساتٍ وهيئاتٍ حكومية وأهلية. واستيفاء للاستحقاقات التشريعية وتحقيقاً للتوجهات الاستراتيجية آنفة الذكر، فقد عمدت الهيئة إلى تبني برامج وفعاليات تتخطى حدود المستهدفين بأنشطتها من مستثمرين ومرخص لهم، وفق منهجية مغايرة لأدوار الجهات الرقابية عادةً، لتصب جُلَ اهتمامها نحو مستثمري الغد بما يتوافق ومتطلبات سوق العمل ويسهم في إصلاحه ورفده بالكفاءات المؤهلة ويتفق مع التوجهات الحكومية، إضافة إلى الاهتمام بمختلف الفئات والشرائح المجتمعية بما يعزز دور الأسرة ويرتقي بمستوى توعيتها المالية، ولعل المشروع الوطني لتعزيز الثقافة المالية والبرنامج التدريبي للكويتيين حديثي التخرج يمثلان أبرز تلك البرامج.
فالمشروع الوطني لتعزيز الثقافة المالية يُعد مشروعاً استراتيجياً يهدف لتأسيس ثقافة مالية يفتقدها واقعنا المحلي ويساعد على الحد من تدني التوعية المالية المجتمعية في واقعنا، كما يساعد في التأسيس لأجيال استثمارية واعية تمدّ سوق العمل بالخبرات اللازمة وصولاً إلى توعية شاملة للجمهور، لاسيما في المجال التعليمي بمراحله المختلفة بدءاً بالمتوسطة وانتهاءً بمرحلة التعليم الجامعي، والمشروع يمتد لسنواتٍ ويستلزم تنفيذه مشاركة جهاتٍ وطنية متعددة، تمتد مراحله الأولى بين عامي (2020 – 2017)، وتستهدف تأهيل آلاف الطلبة في المراحل التعليمية المختلفة المتوسطة والثانوية عبر برامج متخصصة تتنوع وفقاً للشريحة المستهدفة، بعضها يتم بالتعاون مع جهات وطنية كجمعية إنجاز الكويتية، وأخرى من المنتظر تنفيذها بالتعاون مع جهاتٍ وطنية أخرى يجري الإعداد لها حالياً، ويتولى مهام تنفيذ فعالياته متطوعون من الهيئة، كما يستهدف على الصعيد الجامعي تحقيق التوعية المطلوبة في مختلف القضايا ذات الصلة بأنشطة الأوراق المالية لدى تخصصات مختلفة وعبر برامج عدة وصولاً لاعتماد مقررات دراسية خاصة بتلك الأنشطة وبتشريعات الهيئة في بعض الكليات والجامعات.
وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة قد أنهت مؤخراً تنفيذ أولى مراحل هذا البرنامج والتي امتدت على مدار أربعة فصولٍ دراسية نتج عنها تنفيذ 192 ورشة عمل توعوية في المرحلتين التعليميتين المتوسطة والثانوية، نفذها 46 متطوعاً من الهيئة في 48 مدرسة توزعت بين محافظات دولة الكويت واستهدفت توعية 2216 طالباً وطالبة، كما تم على الصعيد الجامعي تنفيذ 11 محاضرة جامعية في كليات متعددة.
أما البرنامج التدريبي للكويتيين حديثي التخرج، فتستهدف الهيئة من خلاله المساهمة في تأهيل الكوادر الوطنية لدخول سوق العمل من خلال تطوير مهاراتهم، وتمكينهم من امتلاك مقومات المشاركة في تنفيذ البرامج التنموية الحكومية التي تندرج في إطار سياسات التحول المنشود إلى مركزٍ مالي وتجاري إقليمي. يستقطب هذا البرنامج الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع مؤسسات تدريبية رائدة، المتميزين من حديثي التخرج في تخصصات متعلقة بأسواق المال: «كالتمويل والاقتصاد والمحاسبة وإدارة الأعمال وكذلك الرياضيات المالية إضافةً للقانون وغيرها»، وذلك وفق آلية معتمدة من الهيئة لقبول المتقدمين واختيارهم وتقييم أدائهم. ويخضع المتدربون لبرامج مكثفة وعلى مراحل، بعضها داخل الكويت تشمل برامج نظرية للمهارات العامة، وبرامج أخرى تخصصية، إضافةً إلى برامج التدريب الميدانية في عدة مواقع كهيئة أسواق المال وشركة بورصة الكويت للأوراق المالية والشركة الكويتية للمقاصة، أما بعضها الآخر فيخصص للتدريب خارج الكويت بدءاً من البرنامج الأول المنفذ خلال السنة المالية 2013/2014 بمؤسسةSecurity Industry Development Corporation وهي الذراع التدريبية لمفوضية الأوراق المالية في ماليزيا ورائدة التعليم والتدريب في مجالات أسواق المال في دول جنوب شرق آسيا. وتضمن البرنامج الثاني تدريباً خارجياً في Business School IE- مدريد خلال الفترة من 29 فبراير إلى 22 إبريل 2016. أما «الثالث والرابع» فكان التدريب الخارجي لهما في جامعة هارفارد العريقة في ولاية بوسطن الأميركية، وذلك للعامين 2017 و2018 على التوالي.
هذا وتشير الإحصائيات الخاصة ببرنامج حديثي التخرج، الذي نفذت الهيئة أربعاً منه ابتداءً من السنة المالية (2013/2014) أفضت بمجملها إلى تدريب 81 متدرباً تم تعيين 38 منهم لدى الهيئة. وأخيراً، وعلى صعيد التوجهات الحالية والمستقبلية للهيئة في إطار مسؤوليتها الاجتماعية واستكمال برامجها، فقد تم افتتاح البرنامج التدريبي الخامس لحديثي التخرج في الثاني من ديسمبر الحالي، وأما بخصوص المشروع الوطني لتعزيز الثقافة المالية فمن المنتظر تنفيذ فعالياتٍ جديدة في إطار هذا المشروع، ومن المنتظر أيضاً تنفيذ العديد من المبادرات المتممة له، والتي ستسهم في تحقيق إضافةٍ نوعية لنجاحه، كاستحداث موقعٍ الكتروني تفاعلي للأطفال وإصدار مجلة ٍتوعوية لهم، والمشاركة في برامج منظمة التمويل الدولي للأطفال والشباب بعد الحصول على عضويتها.