«الرعاية التلطيفية» يستقبل 200 مريض سنوياً

أملهم أن يعيشوا أيامهم المتبقية من حياتهم بلا ألم، أن يظلو قادرين على الابتسام والتعايش مع المرض، أن يحافظوا على حالتهم النفسية والاجتماعية.
هذه أبرز أمنيات المصابين بالمرض العضال (السرطان) الذي بلغ مرحلة يستعصي فيها على العلاج، ومن ثم وصل المريض إلى مراحله الأخيرة من الحياة، وتسعى الرعاية التلطيفية إلى صون كرامة المريض في أيامه الأخيرة وتوفير حياة كريمة له فضلاً عن تخفيف الألم وتقديم كل الدعم والمساندة.
وحسب خبراء مرض السرطان فإن معاناة المريض تتزايد بسبب مقاومة المرض لكل وسائل العلاج المتوافرة، وهو ما يؤثر سلباً فيه وفي أسرته، وهذه اللحظات هي الفترة الأشد قسوة على ذوي المريض ومحيطه وكذلك بالنسبة لطبيبه المعالج الذي رافقه لشهور أو لسنوات.
ومن ثم يستلزم الأمر تدخل الرعاية التلطيفية، ومن مسماها تقوم بتلطيف الألم وتخفف عن المريض وذويه وقع ما آلت إليه حالته، وذلك من خلال تقديم الدعم الطبي، التمريضي والنفسي والاجتماعي وغيرها، وهو ما يقدمه مركز الرعاية التلطيفية.
وقالت استشارية الطب التلطيفي د.أمينة الأنصاري: إن الكويت تقدم خدمات الرعاية التلطيفية منذ عام 2011 عن طريق مركز متخصص يعمل تحت مظلة وزارة الصحة.
وأشارت الأنصاري لـ القبس أن المركز يقدم خدمات لمرضى الأورام والسرطان المتقدم الذين لم تحدث استجابة لديهم للعلاج المتاح ولا يحتمل شفاؤهم، وتهدف الرعاية التلطيفية إلى تحسين نوعية الحياة لهم ولعائلاتهم من خلال الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي والروحي.
الأعراض المصاحبة
وأضافت الأنصاري: يوفر المركز خدمة الاستشارات لعلاج الأعراض المصاحبة للمرض مثل الألم وضيق التنفس والغثيان وغيره من الأعراض من قبل فريق الرعاية التلطيفية المتكامل والمكون من كوادر طبية وتمريضية ومعالجين نفسيين وأخصائي العلاج الطبيعي وصيادلة، مشيرة إلى أن المركز الذي يتخذ من منطقة الصباح مقراً له يضم 28 غرفة خاصة، إضافة إلى العيادات الخارجية وخدمة الاستشارات الخارجية.
وبينت أن المركز يستقبل ما يزيد على 200 حالة سنويًا ممن هم فوق 18 عامًا، موضحة أن المرضى دون سن 18 عامًا يتم تحويلهم إلى بيت عبدالله لرعاية الأطفال في مستشفى الأميري.
وعن الصعوبات التي تواجههم، ذكرت الأنصاري أن رفض بعض الأسر لتقبل هذا التخصص الجديد والتمسك ببعض الأفكار الخاطئة بأن هذا الرعاية التلطيفية للحالات المتقدمة فقط، علمًا أن هذه الخدمة تتوافر للمريض منذ بداية تشخيص المرض لتحسين نوعية الحياة والتقليل من أعراض المرض سواء جسدية أو نفسية واحتياجات أساسية سواء اجتماعية أو دينية (روحانية).
وأعلنت عن انطلاق مشروع خدمة الرعاية التلطيفية المنزلية لمرضى السرطان والأمراض المزمنة في بدايات العام المقبل وذلك تحت رعاية جمعية السدرة للرعاية النفسية لمرضى السرطان الكويتية التي تبنت هذا المشروع بالتعاون مع جمعية سند للعناية التلطيفية في لبنان الذي يأتي بدعم من شركة زين للاتصالات.
ولفتت إلى اجتماع ممثلي جمعية السدرة مع وكيل وزارة الصحة وجرت الموافقة المبدئية على إنشاء هذا المشروع، وحاليا نحن بصدد تحضير الأمور الإدارية واللوجستية لبدء هذا المشروع مع الوزارة.
وأشارت إلى أن الحاجة الملحة لتوفير هذه الخدمة من أهم الأسباب التي دفعتهم للتفكير في إطلاق هذا المشروع، لا سيما في ظل تزايد عدد مرضى السرطان حيث يتم تشخيص ما يزيد على 2100 حالة جديدة مصابة بالسرطان سنويًا، منوهةً أن المرضى المستفيدين من الرعاية التلطيفية بلغوا نحو 900 مريض من إجمالي العدد الكلي.
احتياجات المشروع
وألمحت إلى أنه جارية دراسة وتقييم كل احتياجات المشروع من حيث القوى العاملة والخبرات والمهارات الضرورية للقيام بهذه الخدمة، لافتة إلى أن جمعية سند اللبنانية ستتولى مهمة تدريب كل الكوادر الطبية والتمريضية والمعالجين النفسيين في لبنان نظرياً وعملياً لمدة شهر في كل ما يتعلق بالرعاية التلطيفية للاستفادة من خبرات التجربة اللبنانية للرعاية التلطيفية المنزلية، وتوثيق كل البيانات والتحليلات وفقًا للمعايير العالمية المتبعة.
دعم المرضى
بدورها، أشارت رئيسة جمعية سند للعناية التلطيفية في لبنان لبنى عزالدين إلى أن الجمعية تأسست منذ تسع سنوات وتهدف إلى دعم المرضى الذين يعانون مرضاً عضالاً او في المراحل المتقدمة منه، مشيرة إلى أن الجمعية تسعى إلى توفير حياة ذات نوعية كريمة للمرضى المُصابين بأمراض مستعصية وفي المراحل المتقدمة من مرضى السرطان وكذلك كبار السن، وذلك بطريقة تصون كرامتهم وتحسن من نوعية حياتهم.
وزادت بالقول: كما تقدم الدعم الطبي والتمريضي والنفسي والاجتماعي للمريض وعائلته في المراحل الأخيرة من المرض، وذلك في راحة بمنازلهم بين أهلهم ومحبيهم من دون مقابل، وبغض النظر عن الجنسية، الدين، نوع المرض، أو القدرة على الدفع.
واستعرضت تجربة خدمة الرعاية التلطيفية المنزلية التي توفرها الجمعية منذ تسعة أعوام، لافتة إلى أن الجمعية ارتأت ضرورة أن يعيش المريض في مراحله الأخيرة مع أسرته بطريقة سليمة من دون ألم وهذا ما حثت عليه كل المواثيق والاتفاقيات الدولية، مضيفة «نحاول أن نقف بجانب عائلته للإجابة على كل استفساراتهم وتدريبهم على الاعتناء به حتى نهاية حياته».
وتابعت بالقول: «ويقوم فريق الرعاية التلطيفية بعمل تقييم لمنزل المريض وأسرته للتعرف على احتياجاته، وما إذا كان يخضع للمعايير التي تتناسب مع أهداف الجمعية، ويضع فريق الجمعية خطة رعاية شاملة حسب الآلام والأعراض التي يعانيها واحتياجاته النفسية والاجتماعية، ويتم التواصل مع طبيب المريض للأورام لضمان شمولية العمل مع المريض وعائلته»، مشددة على أن عائلة المريض جزء لا يتجزأ من خطة الرعاية حيث إنهم يرافقون المريض في رحلته ويتعايشون مع مرضه.
وأشارت عزالدين إلى أن الجمعية كانت سنداً لأكثر من 500 استفادوا من الرعاية التلطيفية المنزلية خلال 8 سنوات.