موسكو تثبّت نفوذها في سوريا بقوة عسكرية خاصة بها
تستمر روسيا في تحويل سوريا إلى قبضتها الامنية، بعد ان اعادت جزئيا سلطة نظام الرئيس بشار الاسد على اكثر من نصف البلاد، وتحاول روسيا خلق قوى عسكرية خاصة بها على الأرض السورية لتثبيت نفوذها، ومجاراة الوجود الإيراني، إذ تمتلك طهران قوة عسكرية على الأرض عبر دعمها لميليشيات محلية وإقليمية.
وفي هذا السياق نشرت روسيا شرطتها العسكرية في المناطق التي اتفقت فيها مع الفصائل المعارضة على تسوية قضت بخروج المسلحين منها. وفي هذا الاطار انتشرت قوات روسية في ريف البوكمال شرقي سوريا، لأول مرة بعد سيطرة قوات النظام والميليشيات المساندة لها على الضفة الغربية لنهر الفرات. وقالت شبكة «فرات بوست» إن العشرات من العناصر والمدرعات التابعة للجيش الروسي وصولوا إلى ريف البوكمال، وانتشروا في عدة مواقع قريبة من مواقع القوات الإيرانية.
ويتزامن انتشار القوات الروسية مع عمليات عسكرية ضد عناصر داعش المتحصنين في جيب في بادية دير الزور، ومع معارك تقودها قوات سوريا الديموقراطية ضد التنظيم في الضفة الشرقية للفرات.
ولم تتحدث وسائل إعلام النظام السوري عن الانتشار الروسي على الضفة الغربية لنهر الفرات. إلا أن مصادر من دير الزور أكدت الانتشار الروسي في عدة مواقع بريف حمص الشرقي وصولا إلى بادية الميادين.
فتح باب التطوع
وأعلنت الشرطة الروسية في ريف حمص الشمالي فتح باب التطوع لأول مرة ضمن صفوفها وطلبت من الراغبين بالتطوع التسجيل في ناحية تلبيسة وإحضار صور شخصية وآخر شهادة عملية. والعدد المطلوب يبلغ ألفي متطوع، ويتم قبول المتطوع بعد دراسة أمنية خاصة بالقوات الروسية.
وقالت مصادر سورية متابعة ان مدة العقد مع الشرطة الروسية تبلغ خمس سنوات، بأجر شهري يبلغ 50 ألف ليرة سورية، ويخوض المتطوعون دورة مدتها ثلاثة أشهر في إحدى القطع العسكرية في دمشق. وقالت المصادر المحلية أن الإقبال كبير من الشباب، ووصل العدد المتقدم إلى خمسة آلاف من الريف الشمالي لحمص، من بينهم منشقون عن النظام كانوا في صفوف المعارضة تأتي رغبتهم بالانضمام إلى الشرطة الروسية هربا من الخدمة في صفوف النظام السوري.
في اطار منفصل، كشفت تقارير إعلامية سورية عن حدوث خلافات حادة داخل الأروقة الأمنية الخاصة بالقصر الجمهوري تدور رحاها بين المسؤولين عن القصر وبين قيادات الصف الأول من الحرس الجمهوري وضباط آخرين يعملون داخل القصر، وتفاقمت الخلافات إلى ما يمكن وصفه بحرب داخلية بين الكيانات المقربة من الرئيس بشار الأسد، أدت إلى اعتقال ثلاثة من كبار الضباط المسؤولين عن قسم «الاستعلامات»، الخاص بالقصر الجمهوري.
ونقل موقع «أورينت نت» التابع للمعارضة عن مصادر وصفها بالخاصة، تأكيدها أنه نتج عن الخلافات معاقبة 12 ضابطا من الطائفة العلوية المسؤولة عن الموكب الرئاسي، ونقلهم إلى قطعات الجيش العسكرية، بعد تجريدهم من صلاحياتهم. وقالت إن العاصفة نالت من كبار الضباط العلويين أصحاب الولاء الكبير للأسد، كما طالت الأذرع الأمنية العلوية المقربة من العميد سهيل الحسن، الذي يبدو بأن استخبارات النظام وقعت على ورقة القضاء عليه وعلى القوة العسكرية التي بات يتحكم بها.
يذكر ان هذه ليست المرة الاولى التي تحدث خلافات داخل أروقة القصر الجمهوي مع الاشارة إلى الخرق الامني الذي ادى إلى تفجير ما كان يعرف بخلية الازمة التي راح ضحيتها صهر الرئيس الاسد وكبار القادة الامنيين في بداية الثورة.
تياران علويان
ويرى متابعون أن التدخل الروسي والإيراني في جيش النظام انعكس على الطائفة العلوية، فقسمها إلى قسمين مؤيد لإيران وهم الموالون لعائلة الأسد، وقسم يؤيد روسيا وهم جماعة سهيل الحسن الذي يعمل الروس على تقويته وإعطائه حجما كبيرا وتأمين حماية روسية له اينما ذهب، وهو ما اثار حفيظة ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة والضباط المقربون منه، حيث ان سهيل الحسن أصبح عند الروس الضابط الذي يمكن الاعتماد عليه، لا سيما مع تسليمه مهام في الفيلق الخامس الذي شكلته روسيا تحت قيادة مباشرة من ضباط روس وبإشراف الحسن الذي أنهى خلال الأسابيع الماضية عقود 6500 عنصر من قواته المنتشرين في عموم سوريا، في خطوة اثارت تساؤلات داخل اروقة النظام إن كانت روسيا وراءها، حيث ان الاخيرة تتصرف من منطلق الآمر الناهي بالنسبة إلى حل الميليشيات ودمجها في تشكيلات الفرقة الخامسة. وكانت موسكو منذ نهاية يوليو الماضي قررت ان تنقل الفرقة الرابعة التي يسيطر عليها ماهر الاسد من السويداء وجنوب سوريا إلى منطقة الساحل على ان يحل مكانها الفيلق الخامس.
اقتتال بين فصائل المعارضة
في المقابل، تواصلت الاشتباكات المندلعة بين «هيئة تحرير الشام» (النصرة) و«الجبهة الوطنية للتحرير» في ريف حلب الغربي، لليوم الثاني على التوالي، بحسب ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأشار المرصد إلى ان النصرة هاجمت مجددا، قسما من قرية ميزناز ومنطقة كفر نوران، ما تسبب باندلاع الاشتباكات بينها وبين «الجبهة الوطنية للتحرير» وسقوط قتلى من الطرفين، اضافة الى مدنيين.