المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

غرائب و منوعات

ما أفضل وقت لتناول دواء تصلّب الشرايين؟

تصلّب الشرايين هو حالة طبيّة قد تؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية نتيجة انسداد الشرايين . يشمل علاج هذه الحالة تغيير أسلوب الحياة وتناول بعض الأدوية. ولكن ولأول مرة، إكتشف علماء من جامعة لودفيج ماكسيميليان في ميونيخ في ألمانيا أن إيقاع الساعة البيولوجية يؤثّر في بيولوجيا تصلّب الشرايين. وهذا يعني إمكان وجود وقت محدّد في اليوم يكون فيه تناول أدوية تصلّب الشرايين مفيداً بشكل أكبر.

ويشير المؤلف البارز أوليفر سوهلين، وهو أستاذ في معهد الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية التابع لجامعة لودفيج ماكسيميليان: “توضّح دراستنا كيف يمكن استخدام الأنماط اليومية لإجراء تدخّل علاجي موقوت تنتج عنه تأثيرات جانبية أقل وفعالية أعلى”.
وقد نشر هو وزملاؤه النتائج التي توصلوا إليها في مجلة Cell Metabolism (الأيض الخلوي).

تصلّب الشرايين والإيقاع اليومي

تصلّب الشرايين هو حالة تتراكم فيها الرواسب الدهنية داخل الشرايين وتتسبّب تدريجاً في جعلها صلبة وضيقة.
تُسمّى هذه الترسبات لويحات، وهي تتألّف من جزيئات الدهون والكوليسترول والكالسيوم ومواد أخرى في الدم.
تتراكم هذه الترسبات ببطء على مدى سنوات عديدة (لا بل على مدى عقود)، ما يحدّ من تدفّق الدم الغني بالأوكسجين والمغذّيات، ويؤدّي بالتالي إلى الإصابة بأمراض القلب أو النوبة القلبية أو السكتة الدماغية أو الموت في بعض الأحيان.
أما إيقاعات الساعة البيولوجية، فهي عبارة عن أنماط مرتبطة بعلم الأحياء والسلوك تنتظم في دورة مدتها حوالي 24 ساعة.
تضبط الساعة البيولوجية الإيقاعات اليومية لجميع الكائنات الحية تقريباً، بدءاً من الخلايا والبكتيريا إلى النباتات والحيوانات، وصولاً إلى الخلايا المستنبتة في المختبر.
تتحكّم جينات معيّنة في توقيت وإيقاع الساعة البيولوجية عبر توجيه الخلايا إلى كيفية صنع البروتينات التي تدير ساعاتها البيولوجية الخاصة. وتتم مزامنة الساعات البيولوجية المتعددة للجسم بواسطة الساعة الرئيسة التي تقع في منطقة الدماغ.

الأنماط اليومية والتوقيت

ثمة أدلة متزايدة على وجود علاقة وثيقة بين الساعات البيولوجية ونظام القلب والأوعية الدموية. ومن الأمثلة المعروفة على ذلك، اختلاف معدل ضربات القلب وضغط الدم باختلاف الأوقات خلال اليوم.
من ناحية أخرى، تؤثّر الأنماط اليومية في بيولوجيا نسيج الأوعية الدموية وتشكيل الصفائح الدموية وظهور مرض عدم انتظام ضربات القلب والنوبات القلبية والسكتة الدماغية وأمراض القلب والأوعية الدموية الأخرى. كما ثبت أن تعطيل إيقاع الساعة البيولوجية قد يشكّل عامل خطر للإصابة بمثل هذه الأمراض.
ونظراً إلى أنّ الإيقاع اليومي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمليات البيولوجية، فمن المرجّح والمنطقي أن نفترض أنه يؤثّر أيضًا في فعالية العقاقير.
ومع ذلك، وعلى الرغم من إجراء كثير من الأبحاث حول الساعات البيولوجية على مدى عقود، نادراً ما أخذ الأطباء أو مطوّرو الأدوية الإيقاع اليومي في الإعتبار.
في الدراسة التي أُجريت في جامعة لودفيج ماكسيميليان، فحص العلماء تأثير الإيقاع اليومي على الاستجابة البيولوجية للأدوية.

تجنيد الخلايا المناعية

درس البروفسور سوهلينين وفريقه بيولوجيا تصلّب الشرايين على المستوى الجزيئي، فتبيّن لهم التالي: مع تقدم المرض، تتجمّع الخلايا المناعية في المواقع التي تتراكم فيها اللويحات، ثمّ ترسل إشارات لتجذب مزيداً من الخلايا بهدف التصدي للأضرار الناجمة عن المرض.
ولكن في نهاية المطاف، تنهار آلية الإصلاح المناعي وينتشر الالتهاب.
ومع ذلك، وعلى الرغم من أن تطوّر الالتهاب قد يستغرق سنوات طويلة، يشير الباحثون إلى أن نمط “تجنيد” الخلايا المناعية لمحاربة الالتهاب يتبع الإيقاع اليومي. وقد تأكد لهم ذلك من خلال مراقبة الفئران المصابة بتصلّب الشرايين.
فقد رصد الباحثون أوقاتًا معيّنة في اليوم تزداد فيها أعداد كريات الدم البيضاء التي تصل إلى موقع الالتهاب بمقدار ثلاثة أضعاف.
ولاحظ الفريق أيضاً أن نشاط الخلايا المناعية الذي يؤدّي إلى تكوّن الترسبات التي تُفاقم تصلّب الشرايين يصل إلى الذروة بعد 12 ساعة من تجنيد خلايا الدم البيضاء في “دوران الأوعية الدقيقة”.
ويوضح البروفيسور سوهلينين: “من المهم تجنيد خلايا الدم البيضاء في دوران الأوعية الدقيقة في حالات العدوى الحادة مثل عدوى الرئة أو المثانة”.

آثار توقيت الدواء

مرحلة الـ 12 ساعة مهمّة جداً من الناحية العلاجية. إذ يجب أن يمنع الدواء تراكم الخلايا المناعية في موقع التهاب تصلّب الشرايين، ولكن ليس في المواقع الضرورية لدوران الأوعية الدقيقة. فهل يضمن أخذ الدواء في الوقت المناسب ذلك؟

أثبت الفريق أن توقيت تناول الدواء قد يحقّق هذه المعادلة عبر اختباره في نموذج المراحل المبكرة من تصلّب الشرايين.
في البداية، حدّد العلماء المسار الجزيئي الذي يجنّد خلايا الدم البيضاء. ومن ثمّ أظهروا أن اعتراض سبيل هذا المسار خلال “مرحلة النشاط” التي تهاجر فيها خلايا الدم البيضاء إلى مواقع تصلّب الشرايين لم يؤثر في هجرة الخلايا إلى دوران الأوعية الدقيقة.
ويقول البروفيسور أوليفر سوهلين:
“في أوقات معينة من اليوم، يزداد عدد الكريات البيضاء التي تسافر إلى مركز التهاب الشرايين ثلاثة أضعاف مقارنة بما يحدث في أوقاتٍ أخرى”.
من هنا، أهمية اختيار توقيت مناسب لتناول دواء تصلّب الشرايين لزيادة فرص نجاح العلاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى