المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

مستثمرون يتحولون نحو العقارات الباريسية

 

بفضل موجة التفاؤل التي تسيطر على المشهد الاقتصادي في فرنسا، بدأ الكثير من المغتربين الفرنسيين الأثرياء والمستثمرين الأجانب بتوديع لندن وبروكسل كسوق عقارية والتوجه نحو باريس، وبفضل عودة الاستثمار إلى السوق الفرنسية، عادت أسعار البيوت في بعض المناطق إلى مستويات ما قبل الأزمة المالية. ويتوقع وكلاء عقارات وخبراء اقتصاد أن تواصل قيمة أسعار البيوت في فرنسا ارتفاعها في غضون العامين المقبلين. وينصح خبراء أي صاحب عقار باريسي ينوي بيعه بأن يتريث عاماً آخر للاستفادة من ارتفاع الأسعار التي ستصل إلى مستويات ذروة جديدة.
وتعد السوق العقارية الفرنسية من بين أفضل الأسواق على مستوى العالم، وحصلت أخيراً على تصنيف متقدم في مؤشر شفافية العقار الدولي الصادر عن شركة جونز لانغ لاسال العالمية للاستشارات والأبحاث، حيث حلت بالمرتبة الرابعة عالمياً.
إضافة إلى ذلك، صنفّت دراسة جديدة صادرة عن شركة «نايت فرانك» السوق العقارية الباريسية كثانية أفضل سوق جاذبة في أوروبا بالنسبة لفئة العقار الاستثماري بين كبار الأغنياء بعد لندن. وتصنّف هذه الدراسة جاذبية المدن العالمية في فئة العقار الاستثماري بين أصحاب الثروات الصافية جداً، أي الذين يملكون ثروة عائلية تزيد على 24.2 مليون يورو.
هذا، وحلَّت العاصمة الفرنسية التي سجلت شققها العام الماضي أسعاراً مرتفعة في المركز الـ12 عالمياً من حيث الجاذبية الاستثمارية.
وقالت «نايت فرانك» في تقرير حديث، إن المستثمرين في أنحاء العالم عادوا لرصد باريس من جديد ضمن رادار استثماراتهم، خاصة من الولايات المتحدة الأميركية، والشرق الأوسط وأوروبا.
ومن غير المفاجئ أن يميل كبار الأثرياء أو ما يطلق عليهم اصطلاحاً «السوبر ريتش» إلى تفضيل باريس عن غيرها من المدن العقارية الرئيسية في العالم، خاصة الدوائر الأولى، والسادسة والسابعة.
لكن المفاجئ هو ظهور اهتمام بالاستثمار في الدائرة العاشرة التي تعد واحدة من أكثر المناطق المتعثرة في العاصمة الفرنسية لكن سرعان ما أصبحت تناسب أذواق الطبقة المتوسطة بعد ترميمها وتحسينها.
في تقريرها، وصفت «نايت فرانك» الدائرة 10 قائلة: «بفضل مبانيها الرائعة وشوارعها المفعمة بالحيوية، تغري الدائرة العاشرة السكان الشباب والعصريين، في حين أن الجادات وممرات المشاة والحانات والمطاعم على طول قناة سان مارتان تنشئ حياً ممتعاً ومتنوعاً على وجه الخصوص».
ورصد وسطاء عقار زيادة النشاط في سوق العقار في مدينتي كان ونيس، حيث وصل سعر البيوت هناك إلى أكثر من 10 ملايين دولار، أو 8.4 ملايين يورو.

العقار السكني
من جهة أخرى، ساعدت قوة السوق في باريس في رفع أسعار سوق العقار السكني الممتاز في فرنسا بعد أن زاد معدل الأسعار في العاصمة خلال العام الماضي بنسبة %12.
وبشكل عام، ظهر «انعكاس واضح» في سوق العقار الممتاز في فرنسا خلال العامين الماضيين، وعزت شركة «نايت فرانك» السبب جزئياً في ذلك إلى «تأثير ماكرون». إذ تقول إن انتخاب إيمانويل ماكرون كرئيس لفرنسا في مايو 2017 نتج عنه موجة من التفاؤل، فيما شهدت مناطق مثل Cote d`Azur، وProvence، وAlps وجنوب غرب فرنسا تحولاً قوياً في ظل استقطاب اهتمام المشترين وارتفاع الصفقات.
يقول رئيس قسم المبيعات في الأسواق الأوروبية في «نايت فرانك» إن فرنسا احتفلت العام الماضي برقم قياسي بعد بيع أكثر من مليون عقار، ويتوقع أن يرتفع حجم الصفقات خلال الفترة المقبلة. وأشار إلى أن انخفاض أسعار الفائدة التاريخية، وارتفاع تضخم أسعار البيوت والاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي يشير إلى أن فرنسا قد تستقطب الثروات العالمية، الأمر الذي سيجعل أسواقها العقارية تزدهر في 2018 والسنوات المقبلة.
وتشير التحاليل الاقتصادية لخبراء في العقار إلى أن المستثمرين الأجانب ما زالوا هم القوة المحركة لمبيعات العقار السكني الفاخر في فرنسا، وعاد البريطانيون للسوق الفرنسية من جديد، ومن بين كل أربعة صفقات عقار سكني فاخر، يستحوذ البريطاني على واحدة منها. أما بقية المستثمرين الذين يشكلون %75 فينحدرون من دول جنوب أوروبا، مثل بلجيكا والدانمرك، وهولندا، وسويسرا، والدول الاسكندنافية، إضافة إلى مشترين محليين في فرنسا يشكلون واحداً من بين كل 5 مشترين. علاوة على ذلك، يظهر المشترون من الشرق الأوسط وآسيا وأميركا هم أيضاً شهية أكبر على العقار الفرنسي.
من جهة أخرى، تعتمد شعبية أنواع العقارات المختلفة إلى حد كبير على الموقع. ففي باريس، هناك طلب كبير على العقارات التقليدية ذات المساحات الكبيرة، في حين أن الأفضلية في جنوب فرنسا هي عادة للأبنية ذات الطراز المعماري مع لمسة داخلية أكثر عصرية.
ووفقاً لذلك تختلف الميزانيات على الرغم من أن غالبية الصفقات تتراوح بين 2 مليون و5 ملايين يورو، عدا عن أن المستثمرين يفضلون المباني الأنيقة المجهزة بحدائق يمكن التحكم فيها مع مناظر خلابة.
على النقيض من ذلك، يتركز الطلب في Alps على العقارات الجديدة، وتشكل مشاريع التطوير على المخطط %80 من مجموع البيوت التي بيعت العام الماضي. ومن مزايا الشراء على المخطط في فرنسا أن المشاريع متعددة والدفعات متدرجة، وتصل فيها الضمانة لغاية 10 سنوات، عدا عن استخدام أحدث تقنيات الإنشاء والمواد فيها، وخصم محتمل لضريبة القيمة المضافة يصل إلى %20 بالنسبة لأولئك الذين يفتقرون إلى حل الإيجار.
بالنظر لاحقاً، يتوقع خبراء أن تزيد نسبة المبيعات، ومع انتشار عدم اليقين العالمي، تظل فرنسا وسحرها الثقافي الثري خياراً جذاباً ومجزياً لشراء العقار سواء للاستثمار أو المعيشة.

شقة 100 متر بـ750 ألف يورو

نصائح بالشراء في «الدائرة العاشرة» قبل تهافت الأثرياء

ينصح خبراء العقار بالشراء حالياً في الدائرة العاشرة في العاصمة الفرنسية قبيل أن يتهافت كبار الأثرياء عليها، ويمكن شراء شقة 100 متر مقابل 750 ألف إلى 950 ألف يورو. وبحسب التقرير الأخير يصل متوسط سعر المتر الواحد في باريس إلى 9 آلاف يورو، ومن المتوقع أن يرتفع في الفترة القليلة المقبلة إلى 9300 يورو.
وتسوق «نايت فرانك» الشقق المكونة من ثلاث غرف بالقرب من تروكاديرو في الدائرة 16 عند حوالي 14400 يورو للمتر المربع الواحد أو ما يعادل 17134 دولارا، ولو أن هذا السعر ما زال أقل من مستويات 2012 في المناطق المجاورة. أما شركة سافيلز فتسوق الدوبلكس الفاخر المكون من 5 غرف في الدائرة 16 بسعر 5.775 ملايين يورو أو ما يعادل 6.94 ملايين دولار، أي عند حوالي 14440 يورو للمتر المربع الواحد أو 17180 دولارا.

سوق التجزئة الأقوى في العالم

تقول صحيفة وول ستريت جورنال إنه لا توجد سوق تجزئة تضم علامات تجارية فاخرة أقوى من باريس، حيث لا تزال هذه العلامات مستعدة لدفع إيجارات غالية جداً لتسويق منتجاتها من الملابس والإكسسوارات والأحذية والسلع الأخرى.
في 2017، شهدت العاصمة الفرنسية افتتاح أكثر عدد من المتاجر الفاخرة قياساً بأي مدينة أخرى في العالم، لتشكل %5.6 من إجمالي المتاجر العالمية التي تم افتتاحها عالمياً، بحسب أرقام نشرتها شركة سافيلز العقارية.
أما الملاك فهم يجنون الفوائد، إذ نمت أسعار إيجار العقارات الفاخرة في باريس حوالي %9 سنوياً بين عامي 2013 و2017، وفقًا لروب ويلكنسون، الرئيس التنفيذي لشركة AEW Europe SA، وهي وحدة تابعة لشركة AEW Global المتخصصة بإدارة الأصول.
بعض المستثمرين استفادوا أيضاً من الأسعار الأخيرة، حيث رفعوا أسعار عقاراتهم المعروضة للبيع. على سبيل المثال، باعت شركة ثور إيكويتيز التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، والتي استحوذت على ستة عقارات في باريس في السنوات الأخيرة، عقارين رائدين في شارع ريو دي رين في الأسبوع الماضي. كما باعت في الآونة الأخيرة عقاراً في كان، مؤجراً إلى علامات تجارية معروفة مثل بربيري، بوتيغا فينيتا وسان لوران، إضافة إلى أسماء أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى