المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار عربية

لبنان: مسار ضبابي لتشكيل الحكومة بعد العقوبات

في ظاهر الأمور يمكن القول إن العقوبات الخليجية والأميركية الجديدة على حزب الله حدت من اندفاعة القوى السياسية اللبنانية نحو تشكيل حكومة بأقصى سرعة، ووضعت هذه القوى في حالة من الترقب بانتظار اتضاح معالم التوجه الأميركي الخليجي إزاء الوضع اللبناني بعد انجاز الانتخابات النيابية، وما اذا كان سيتم نوع من الفصل بين العقوبات المقررة واستكمال الاستحقاقات السياسية المقبلة. وبدا لافتاً في هذا السياق تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون خلال استقباله أمس مدير دائرة شمالي أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية جيروم بونافون أن «مرحلة ما بعد الانتخابات ستشهد تشكيل حكومة وحدة وطنية، تمضي بالاصلاحات ومكافحة الفساد وتنفيذ خطة اقتصادية تحقق النهوض»، داعياً «المجتمع الدولي الى دعم الارادة اللبنانية في تحييد لبنان عمّا يجري في جواره».

تضييق الخناق
في الأثناء تتواصل الإشارات الأميركية المتتالية لتأكيد أن مسار تضييق الخناق على ايران وذراعها حزب الله يتدرج صعوداً، فبعد إصدار وزارة الخزانة الاميركية رزمة عقوبات الأربعاء الفائت على أمين عام حزب الله حسن نصرالله ونائبه نعيم قاسم، وأشخاص على صلة بالحزب، عادت وفرضت عقوبات جديدة على شخصين و5 كيانات مرتبطة بالحزب، وذكر موقع الوزارة أن الشخصين هما محمد إبراهيم بزي وعبدالله صفي الدين.
وأضافت الوزارة أنها أدرجت على القائمة السوداء أيضاً مجموعة خدمات الطاقة البلجيكية «غلوبال تريدينغ غروب»، وشركة المنتجات البترولية «يورو أفريكان غروب»، ومقرها غامبيا، وعلى ثلاث شركات مقرها لبنان.
وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين في بيان: «لا يمكن التغاضي عن الأفعال الوحشية والشريرة لأحد أبرز ممولي حزب الله».
وأضاف: «هذه الإدارة ستفضح وتفكك شبكات الإرهاب لحزب الله وإيران في كل مكان، بما في ذلك تلك التي لها علاقة ببنك إيران المركزي».
وكان مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية أكد في تصريح تلفزيوني «ان الخطوات التي تم اتخاذها خلال الأسبوعين تأتي وفق خريطة محددة لاستهداف تمويل حزب الله»، مشيراً إلى أن حزب الله ليست لديه ميزانية مستقلة، وأن كل شيء يقومون به يتم تمويله من قبل الإيرانيين، مضيفا أن نحو 700 مليون دولار يتم تحويلها شهرياً إلى زعيم الحزب حسن نصرالله من طهران وهو يتحرك بأوامر قاسم سليماني. ونفى المسؤول الأميركي أن تكون الخطوة الأميركية جاءت للتأثير في تشكيل الحكومة اللبنانية أو لأغراض سياسية، محذّرا من تبعات كارثية بالنسبة للبنان إذا تقلد أعضاء من حزب الله وزارات سيادية.
وأكد مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية لقناة الحرة أن العقوبات التي فرضتها الوزارة الخميس على القيادي في حزب الله محمد إبراهيم بزي حرمته من الكثير من الأموال التي يودعها في المصارف الإفريقية التي يستخدمها لتمويل المنظمة اللبنانية.
وكشف عن ضلوع بزي في عملية استخدام فتيات سوريات يجمعهن من مخيمات للاجئين ويتاجر بهن لتحقيق أموال يساعد فيها حزب الله.

مسار ضبابي
وحتى الساعة لم يصدر عن حزب الله أي موقف رسمي من هذه العقوبات باستثناء ما نقل عن مصادره بأن هذه العقوبات لا قيمة لها وهي لن تترك أي تأثير عليه، معتبرة انها مجرد رسالة الى ايران. صحيح أن حزب الله وحده هو المستهدف من هذه الإجراءات غير ان المسار الحكومي برمته بات ضبابيا، لا سيما ان تساؤلا يطرح حول كيفية تعامل رئيس الحكومة سعد الحريري المرشح لتولي الحكومة المقبلة مع هذه العقوبات.
لا شك في أن تحديات كبيرة تواجه الحريري وتضعه امام خيارين احلاهما مر فيما لو أصر حزب الله على حقائب سيادية او لها ارتباطات بالخارج. وهذا احتمال مطروح كما يقول مصدر نيابي لـ القبس، لا سيما ان الحزب يركن الى ما افرزته الانتخابات النيابية الأخيرة. ويلفت المصدر الى ان التأثير المالي لهذه العقوبات يصعب تحديده، لا سيما ان حزب الله يعمل ويمول منظومته العسكرية بوسائل من خارج النظام المالي الدولي. أما التداعيات السياسية، فنتائجها قد لا تكون ضارة للحزب بقدر ما قد تكون بالنسبة لخصومه.
ولا يستبعد المصدر أن تشهد عملية تأليف الحكومة تجاذبات طبيعية، لاسيما أنه في الظروف العادية وبعيدا عن أي ضغوط إقليمية ودولية كان الامر يستغرق شهرين أو ثلاثة، ومن الطبيعي اليوم عقب انتخابات نيابية افرزت واقعاً جديدا وكتلاً بأحجام مختلفة تطالب بحقائب وازنة ان يطول مسار التأليف.

معركة مسيحية على نيابة رئاسة المجلس

بانتظار جلاء ملامح الحكومة العتيدة، من المرتقب ان تعقد الأسبوع المقبل جلسة للمجلس النيابي المنتخب لانتخاب رئيس المجلس ونائبه. وبعدما تأكدت رئاسة مجلس النواب للرئيس بري، برزت بوادر معركة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على منصب نائب الرئيس المكرس لطائفة الروم الأرثوذكس. فـ«التيار» لم يحسم خياره بعد وان كان النائب المنتخب شامل روكز قد استبق اجتماع التكتل، معلناً أن مرشحه هو ايلي الفرزلي، الأمر الذي اعتبره رئيس التيار ووزير الخارجية جبران باسيل «محض اجتهاد»، مؤكداً ان القرار يتخذ في اجتماع التكتل، فيما أعلنت «القوات» ترشيح انيس نصار، الذي أعلن عن وجود التزام كبير بين جعجع ورئيس الحكومة سعد الحريري، معتبراً انه لم يتبلّغ رسمياً دعم الاخير له ولكن في حال أقر ذلك فموقف «المستقبل» لن يتبدّل لأنه تيار ملتزم..
فيما قال الفرزلي «ان الحديث عن فيتو من الرئيس الحريري على اسمي لتولي منصب رئاسة مجلس النواب مرفوض بالشكل»، نافيا وجود انقسامات داخل «تكتل لبنان القوي» حول ترشيحه، وقال «إن تأييد النائب المنتخب شامل روكز لي هو اجتهاد شخصي مشكور، لكنني وإياه ننتمي الى تكتل سيحدد موقفه الثلاثاء المقبل».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى