هل يحقق الملقي حلماً وطنياً ثقيلاً ورثه عن أبيه؟
![](https://www.shula.news/wp-content/uploads/2018/03/1-455.jpg)
تسبب فتح ملف اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر الأردنيتين لإسرائيل، أخيرا، بصداع جديد للحكومة، في ظل جدل نيابي واسع حول ما يمكن فعله في ظل اقتراب استحقاق البت بالاتفاقية بعد نحو 6 أشهر من الآن، استنادا لاتفاقية وادي عربة بين الجانبين الموقعة عام 1994. حيث يشير سياسيون إلى أن الحكومة تتجه إلى تجديد الاتفاقية، كما أنها اعدت ملفا متكاملا للقضية، يتضمن سيناريوهات عدة.
وتكمن المفارقة التاريخية على المستوى الحكومي، بما يواجهه رئيس الوزراء الحالي هاني الملقي في الملف ذاته الذي واجهه والده فوزي الملقي عندما شغل منصب وزير دفاع قبل 68 عاما، والذي أكد آنذاك على ضرورة «دفع الاعتداء اليهودي بالقوة» عن تلك الأراضي، باعتبارها «أرضا أردنية صميمة». ما يشكل إحراجا شخصيا لرئيس الحكومة الابن، الذي ورث قضية وطنية وموقفا وطنيا صلبا من ابيه يفوق قدرة الابن على تحمله، ويطرح تساؤلا حول استطاعته المضي قدما بتحقيق حلم أبيه، أم أنه سيتنازل ويصبح عاقا بذلك الحلم الوطني؟
جدل برلماني
في المقابل، فتحت تصريحات رئيس الوزراء الأسبق عبد السلام المجالي عن أراضي الباقورة الأردنية (المحاذية لفلسطين المحتلة شرقا)، بأنها إسرائيلية ولا سيادة أردنية عليها، الباب على مصراعيه أمام جدل في البرلمان والشارع الاردني اللذين طالبا بعودتها لسيادة المملكة.
في حين تنص ملاحق اتفاقية وادي عربة، على أن إسرائيل تحظى في كل من «الباقورة» و«الغمر» القريبة من العقبة بحقوق خاصة تلغي السيادة الأردنية عليها، ويسمح بمقتضاها للإسرائيليين بالتملك والزراعة والبيع والشراء ودخول الشرطة الإسرائيلية إليهما بالزي الرسمي، استنادا لنظام خاص أقرب الى ما يكون للتأجير «المذعن» لمدة 25 عاما.
وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية أيمن الصفدي في مجلس النواب، الاسبوع الماضي، إن «الباقورة» أرض أردنية لكن فيها ملكيات لإسرائيليين منذ عام 1926، وان الأردن سيتخذ القرار المناسب حيالها بعد انقضاء مدة التأجير البالغة 25 عاما بحسب الاتفاقية، وأضاف أن التأجير سينتهي في أكتوبر المقبل، لكن الأردن ملزم بإبلاغ الجانب الإسرائيلي عزمه عدم التجديد قبل عام واحد. بدروها، قالت النائبة عن كتلة الإصلاح المدعومة من الإخوان المسلمين ديمة طهبوب لـ القبس، «قمنا بجهد وطني استقصائي حول التأجير رغم نفي الحكومة، وسنعمل على إبطال الاتفاقيات الموقعة حرصا على المصلحة العامة للوطن».
ويعترف الأردن للطرف الآخر، وفق المعاهدة، بـ«حقوق ملكية» ٨٣٠ دونمًا من أراضي الباقورة في الأغوار الشمالية، وبـ«حقوق استخدام» ٤ آلاف دونم من أراضي الغمر، جنوبي البحر الميت، عدا عن استغلال آبار المياه الجوفيه في تلك المناطق.
في حين، دعا النائب نبيل غيشان، إلى التحرك بقوة لمنع الحكومة من تمديد ملحق 1 أ و ب من اتفاقية السلام الموقعة عام 1994، وقال «يجب الانتباه الى أن أراضي «الغمر» أشد خطورة من «الباقورة»، كونها تمتد الى داخل الأراضي الأردنية بعمق 5 كيلو مترات، بينما تقع الباقورة على نقطة التقاء اليرموك ونهر الأردن، ولذلك لا بد من إعادة فرض السيادة عليها وأي عمل وقرار مناف لذلك سيزيد من حجم الإشاعات».
مطالعة تاريخية
وفي مطالعة له، قال النائب خالد رمضان إن القضية بدأت في عام 1928 وفي عهد حكومة حسن خالد أبو الهدى الثانية، حين أقرت حكومة شرق الأردن حق الامتياز للصهيوني بنحاس روتنبرغ لبناء شركة كهرباء، وبناء عليه أقرت الحكومة بيع 6 آلاف دونم. واشترط عقد البيع أنه يمنع على روتنبرغ أن يبيع أي أرض من هذه الأراضي لأي جهة كانت، لكن خلال حرب عام 1948، قام الجيش العراقي بضرب المحطة، وبقيت الـ 6 آلاف دونم جزءًا من المملكة الأردنية وفقًا لتقسيم الانتداب للحدود ولاتفاقية رودس عام 1949، وفي عام 1950 قامت إسرائيل باحتلال ألف و390 دونما من المساحة المذكورة أنفا. تعامل معها الجيش الأردني باعتبارها أرضًا محتلة، وفقًا لخرائط الجيش، ما يؤكد أن «اسرائيل’ سيطرت على هذا الجزء من الباقورة بالاحتلال وليس بشراء الأراضي».
وفي عام ١٩٩٤، استعاد الأردن 560 دونمًا من أصل الـ 1390 دونما التي تم احتلالها، ووافق المفاوض على وضع 830 دونمًا (تحت نظام خاص يسمح) لإسرائيل باستخدامها لمدة 25 عاما تحت بند «حقوق ملكية خاصة». وبعد حرب عام 1967، توسعت إسرائيل وراء الحدود شرقًا في منطقة وادي عربة واحتلت 387 كيلو مترا مربعا من أراضي المنطقة، ومن ضمن هذه الأراضي كانت منطقة الغمر. حيث استوطن المحتلون في عدد من هذه الأراضي، وقاموا باستخدامها وزراعتها وسرقة مياهها. وأثناء مفاوضات المعاهدة عام 1994 تمسكت إسرائيل بهذه الأراضي لأن المستوطنين رفضوا الاستغناء عنها، وقدمت تل أبيب فكرة تبادل الأراضي.
وبحسب المطالعة، وافق الأردن على استبدال كل الأراضي المزروعة بأراضي صخرية، لكن بقيت قطعة أرض واحدة تمتد بعمق ٥ كيلو مترات داخل الحدود الأردنية وهي الغمر، حيث رفضت إسرائيل التخلي عنها باعتبارها امتدادًا لمستوطنة «تسوفار» الإسرائيلية، وعرضت على الأردن وضعها تحت نظام خاص لمدة 25 سنة يمنح المستوطنين «حق التصرف» بالأرض واستخدامها دون قيد.