«الجيرة».. علاقة ضرورية أصابها الفتور
![](https://www.shula.news/wp-content/uploads/2017/11/1-146-2.jpg)
«الجار قبل الدار» حكمة عربية قديمة تدل على مدى أهمية الجيرة ودورها في الاستقرار النفسي والاجتماعي بين الناس. فالجار هو الأقرب إلينا حين نحتاج للآخرين، وهو الأسرع في تلبية طلباتنا والأقرب لظروفنا، والمطلع على أحوالنا؛ يساعدنا، يشاركنا في الأفراح والأحزان وفي كل الأوقات وجميع الظروف. وقد أوصانا الدين بالجار حتى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه». وقد نشأنا في مجتمع نراعي هذا الحق، ولكن مع مرور الزمن اختلفت علاقة الجيران الان عنها في السابق، لأسباب منها اختلاف نمط الحياة والارتباط بالتكنولوجيا الحديثة التي، رغم إيجابياتها، فقد باعدت بين أفراد الأسرة داخل البيت الواحد. فما هو شكل علاقة الجيرة الان؟
صديقة الزيد تؤكد حسن علاقتها بجيرانها، سواء ممن كانت تجاورهم في بيت أبيها او الجيران الجدد في منزل الزوجية، وتقول: قضيت احلى ايام الطفولة مع بنات الجيران، جيراننا القدامى كانوا ومازالو أخوة بمعنى الكلمة، يحفظون حرمة بعضهم البعض، ويصونون العادات والأعراف، وهو ما كان يشعر الجميع بالأمان وبأن هناك من هو قريب منك ليقف الى جانبك عند الحاجة، وأضافت صديقة: بعد انتقالنا الى منزل جديد كسبنا علاقات جديدة وجميلة، والتي توطدت اكثر من خلال الزيارات والمشاركة في مناسبات الافراح والاعياد وغيرها من المناسبات الاجتماعية.
بين الأمس واليوم
ولا يستشعر علي حمادة بتغير كبير في علاقات الجيرة بين الامس واليوم، مؤكدا قوة علاقة أسرته مع جيران الفريج الذي يسكن فيه وكذلك الفريج الآخر القريب منهم، ويضيف: تربيت مع أولاد الجيران كالأخوة فكنا نذهب للمدرسة معاً ونلعب في أوقات الفراغ معا، والأسر تتبادل فيما بينها الزيارات في الأعياد الاجتماعية والدينية، اضافة الى تبادل الأطباق بين ربات البيوت والمباركات في المناسبات والأفراح، وكذلك تقديم الواجب في المحن والعزاء، موضحا ان الوالد يسمح لتدخل الجار في تأديبه لابن جاره وتوجيه النصيحة له، لافتا الى انه واجب تفرضه العادات واسلوب الحياة باعتبار أنه بمقام الأب ومسؤول عن أولاد المنطقة.
أمان أثناء الغياب
ويؤيد احمد النامي رأي سابقه في أهمية علاقة الجار بجاره، مشيرا الى ان الجيران هم الأمان لبيتك في غيابك وأثناء سفرك، وفي كثير من الأحيان يسدون في المحن، ووقت الحاجة هم الأسرع من الأهل بحكم التجاور، ويضيف: انتقلنا من منزلنا مرتين وفي كل مرة نحرص على توطيد العلاقة فيما بيننا من خلال تبادل الزيارات بين زوجتي وزوجة جاري، وذهاب أولادي مع أولادهم للنادي لممارسة الرياضة واللعب والترفيه عن أنفسهم، وقضاء وقت ممتع معاً وأنت مطمئن لأنك على علم بأخلاق جارك وتربيته لأولاده، وأوضح انه سيعزز في نفوس أولاده قيم احترام الجار وتعريفهم بحقوقه وواجباتنا نحوه، ومحاولة التغلب على كل ما يفسد العلاقة بينهم.
الجيل الجديد
وعن علاقة سعاد السلوم بجيرانها تقول: على حسب الجار، هناك من يسمح بأن تقيم علاقة اجتماعية معه وهناك من يصد عنك، واصفة علاقات الماضي بالوطيدة وكانت القلوب صافية مع كل من يسكن حولها، مبررة ذلك بأن السكان الجدد من الشباب ممن لديه بعض التحفظات والتخوفات بسبب الانفتاح الذي يؤدي لمشاكل في بعض الاحيان لاختلاف اطباع الشخصيات، ولهذا تحاول السلوم أن تحدد علاقتها بمن حولها خوفا من الاندفاع والصد،
وتضيف: في الماضي كان البيت الواحد يضم عدة أجيال، فكان الجميع على قلب واحد أما الجيل الجديد فيتربى ويعيش لوحده. وقد يستغني عن صداقة الجار بوسائل التكنولوجيا والاتصال الحديثة التي تقرب له صداقة البعيد. لذلك علينا عبء تعليمهم أهمية الجار وحسن معاملته، ومن الصعب أن أطرق الباب وأبادر بنفسي. فعمل المرأة وانشغال الكل بمشاكله اليومية باتت الاسرة الواحدة مهددة بالتفكك، ناهيك عن العلاقة بين الجيران التي بدأت تندر ويغلب عليها الجفاء، بسبب الخوف من الاختلاط. فتخلّى كثيرون عن العادات والتقاليد مما أدى لحدوث تغيرات اجتماعية.
علاقة سطحية