المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

«لوفيغارو»: كارليس بويغديمون مهندس «جمهورية كتالونيا»

يعد كارليس بويغديمون (54عاما) الذي يرأس حكومة إقليم كتالونيا منذ عام 2006 أحد أبرز الانفصاليين في الإقليم، فالرجل لا يخشى السجن ولا تبرؤ رفاقه في الحزب منه، لأنه يؤمن بحق الكتالونيين بتقرير مصيرهم بأنفسهم، لكن من يكون هذا الرجل؟ وكيف أصبح قائداً للانفصال رغم أنه كان مجهولاً ولا أحد يعرفه في كتالونيا قبل عامين؟.

كان بويغديمون قبل أقل من عامين رئيس بلدية جيرون، ومصادفة أصبح رئيسا لكتالونيا، وربما سيكون محطم وحدة أسبانيا. أكد بيغموند أول الشهر الجاري، وبإصرار، أن مواطني كتالونيا مصرون على الانفصال وإقامة دولة مستقلة اختارت شكل الجمهورية، ولا يبدو أن هناك ما هو قادر على كبح جماح رغبة انفصال الإقليم عن بقية الاراضي الاسبانية، فبيغموند لا يخشى تبرؤ رفاقه في الحزب من المعارضين لافكاره الانفصالية منه، ولا التبعات القضائية أو السجن، ذلك أنه مقتنع تماما بأن قضية الاستقلال عادلة وديموقراطية وشرعية.
لم يكن بويغديمون رجلاً سياسياً في حياته، لكنه يعتزم العودة الى ممارسة المهنة التي شغف بها منذ فترة طويلة، ألا وهي الصحافة، ولكن حين يضع حلم الجمهورية الكتالونية على السكة. إنه حلم الشباب بالنسبة له، ولكنه أيضا حلم والديه وجدَّيه اللذَين كانا قوميَين وصانعَي حلويات معروفَين في قرية أمير، في إحدى ضواحي جيرون.
لا أحد راهن على هذا الرجل الذي كان يرأس سابقا جمعية «البلديات من أجل الاستقلال»، حتى تتمكن القوى الانفصالية من الخروج من المأزق السياسي الذي واجهته في يناير عام 2016. حيث لم يتمكن التحالف الانفصالي «جانتس بال سي إي» (معا من اجل نعم)، بعد ثلاثة أشهر من الانتخابات الإقليمية التي جرت في سبتمبر 2015، من الحصول على دعم 10 نواب من حزب «استقلال كتالونيا» اليساري للحصول على الغالبية في برلمان الإقليم، بعد ان كان قد فاز بـ62 مقعدا من اصل 135.
كانت هذه الحركة التي تنتمي إلى اليسار الثوري المتطرف المناهض لاوروبا تعارض بشدة ترشّح أرثور ماس، المنتهية ولايته على رأس الحكومة المحلية، بسبب مخاوف من عدم قدرته على المضي قدما في تنفيذ مسار الاستقلال بعد ان تغير رأيه أخيرا. ولم تكن هذه الحركة المناهضة للرأسمالية مستعدة ايضا لدعم أحد رجال السياسة الذي دافع عن التقشف خلال الأزمة، ولا رئيس حزب متورط في قضايا فساد. ولم يكن قد بقي سوى يومين وتنتهي مهلة تشكيل الحكومة والدعوة الى تنظيم انتخابات جديدة، حين دعم «استقلال كتالونيا» بويغديمون، رغم انه ينتمي إلى حزب يميني قومي «التجمّع الديموقراطي الكتالوني»، وهو حزب جوردي بوغول، أبو القومية الكتالونية، الذي حكم الاقليم بين عامَي 1980و2003.

مدافع شرس
يعد بويغديمون من دعاة الانفصال، فالرجل لم يؤمن أبدا بأن كتالونيا تقع في أسبانيا، كما كان مدافعاً شرساً عن فكرة الاستقلال عن المملكة حين كانت الحركة الانفصالية تمثّل أقلية، ليس فقط في كاتالونيا بل بين اولئك الذين شكلوا «التجمّع الديموقراطي الكتالوني».
في ثمانينات القرن الماضي، وحين كان بويغديمون طالبا يدرس الصحافة وفقه اللغة، كان يدعم لاكريدا (حركة قومية للدفاع عن اللغة والثقافة الكتالونية)، كما شارك في تأسيس «الشباب القوميين الكتالونيين في جيرون»، وهي حركة مقربة من «التجمّع الديموقراطي الكتالوني».
كما كان بويغديمون ينظم دورات مجانية حول هاجسه القومي حين كان يعمل في الصحافة، خاصة في صحيفة ألبونت، التي رأس تحريرها بين عامي 1991 و1999، وأما موضوعه المفضل فهو مكانة كتالونيا في العالم، كما نشر كتابا حول كتالونيا، ضمّنه سلسلة ريبورتاجات نشرها في الصحافة على مدى سنوات.
وفي عام 1999، دُعي بويغديمون إلى تأسيس وكالة أنباء كاتالونيا، وفي عام 2004 أسس مجلة أسبوعية أطلق عليها اسم «كاتالونيا تودي» التي تعمل فيها الى الآن زوجته الصحافية الرومانية مارسيلا توبور، مديرة للنشر.
لم يلج بويغديمون عالم السياسة إلا عام 2006، بعد أن انتُخب نائباً في برلمان كتالونيا عن «التجمّع الديموقراطي الكتالوني» ليصبح عام 2011 أول رئيس بلدية غير اشتراكي لجيرون، منذ عودة الديموقراطية. وفي العام التالي، وفر قطارات حتى يسمح لسكان المنطقة بإحياء اليوم الوطني الكتالوني في برشلونة.

عملية تطهير
يعد بويغديمون من أكبر المدافعين عن حق كتالونيا في تقرير مصيرها، حيث انتُخب رئيسا لــ«البلديات من أجل الاستقلال» عام 2011، ما دفع «استقلال كتالونيا» الى منحه منصب رئاسة الحكومة الكتالونية، بسبب عدم تراجعه عن قناعاته بالانفصال طيلة عام ونصف العام، بل على العكس، في يوليو، خاض عملية تطهير في حكومته، استبعد من خلالها كل الوزارء المحليين الذين ينتمون الى حزبه الاكثر اعتدالا، واستبدل بهم متطرفين مستعدين لتحدي القوانين الأسبانية، غير آبه بمخاطر عدة، كإدخاله السجن أو فرض غرامات كبيرة ضده.
ويبدو بويغديمون اليوم رمزا لانتصار جيل جديد من قادة «التجمّع الديموقراطي الكتالوني» ممن يؤمنون بضرورة استقلال كتالونيا عن باقي أراضي المملكة الأسبانية، الذين اطلق عليهم المحللون السياسيون لقب “كاتاليبان” (نسبة إلى حركة طالبان في افغانستان) أو اسم “بينيول” (العظم باللغة الكتالونية)، ذلك أنهم حولوا الحزب الكتالوني المعتدل – الذي يضم الطبقة البرجوازية التي طالما دافعت عن الاستقلال الذاتي لكتالونيا، لكن ضمن الكادر الأسباني – الى حزب انفصالي متطرف.
انهار «التجمّع الديموقراطي الكتالوني» لاحقا في الانتخابات، تاركا المجال لليسار الجمهوري الانفصالي، وأما اهم كوادره فواجهوا ملاحقات قضائية، بعد اتهامهم بتنظيم استفتاء حول الاستقلال عام 2014.
اليوم، يلاحق القضاء الأسباني بويغديمون واعضاء حكومته بتهمة الاستيلاء على اموال عامة وتنظيم استفتاء حول استقلال كتالونيا في الاول من الشهر الجاري، لكن الرجل لا يشعر بالخوف أبدا حين يتم التطرق اليوم لإمكان سجنه إن ادانه القضاء الأسباني بتهمة التحريض. ويقول إنه مستعد لكل الاحتمالات، فبالنسبة لهذا الانفصالي الذي بقي دائما وفياً لأفكاره، النتيجة تستدعي أي نوع من التضحيات، شرط استكمال العمل والنضال.

¶ لوفيغارو ¶

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى