المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

7 وقائع غير مسبوقة في الانتخابات الفرنسية

تعيش فرنسا منذ الإعلان عن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، تداعيات وضع سياسي غير مسبوق في هذا البلد الأوروبي، الذي لطالما تنافس فيه اليمين واليسار على سدة الحكم. وفيما يلي رصد لأبرز هذه التداعيات التي أفرزها اجتياز كل من مارين لوبان وإيمانويل ماكرون الجولة الاولى واستعدادهما للجولة الثانية التي تجري الاحد المقبل.

 1- إقصاء الأحزاب الكبرى
أهم ما تميزت به هذه الانتخابات الرئاسية إقصاء أكبر حزبين في البلد، وهما الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه الرئيس فرنسوا هولاند والجمهوريين. وتاريخيا لم تنهزم أحزاب الاغلبية في فرنسا الا في عامي 1940 ثم 1958 بسبب ظروف استثنائية مرتبطة بالحرب، ففي الحالة الأولى كان السبب هزيمة فرنسا امام المانيا النازية، واما في الحالة الثانية فتعود الى تداعيات حرب الجزائر، لكنها المرة الاولى التي يتقهقر فيها اليسار واليمين في فرنسا في وقت السلام.

2-  انهيار وحدة اليسار

لم يحطم بونوا هامون مرشح الحزب الاشتراكي لانتخابات الرئاسة في فرنسا بفضل الـ6 في المئة من أصوات الناخبين التي حصل عليها خلال الجولة الأولى الرقم القياسي في اضعف مشاركة للاشتراكيين في تاريخ فرنسا، فقد سبقه غاستون ديفير الذي حظي بـ5 في المئة فقط من أصوات الناخبين خلال انتخابات الرئاسة في عام 1969، لكن هذه الانتخابات جرت قبل تجديد الحزب الاشتراكي والاستراتيجية التي وضعها فرانسوا ميتران لتوحيد الحزب خلال مؤتمر إيبيني من خلال تحالف مع الحزب الشيوعي الفرنسي تحضيرا للانتخابات التشريعية.
في عام 1969 تمكن مرشح الحزب الشيوعي جاك دوكلو من اقصاء اليسار، وحصد 21 في المئة من الأصوات، لكن ميتران تمكن في 1974، وكان مرشحا لتحالف اليسار من الفوز بـ45 في المئة من الأصوات، وفي 1981 قدم الحزب الشيوعي مرشحه جورج مارشي، لكنه لم يحصل الا على 15 في المئة من الأصوات، وهكذا تواصل انهيار الحزب.
واليوم إذا ما قارنا ما حققه بونوا هامون والـ19 في المئة من الأصوات التي حظي بها جان لوك ميلونشون، سنلاحظ بأن الآلية انقلبت، وهنا يستذكر الفرنسيون ما قاله مانويل فالس بعد هزيمته في الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي، وهي ان وحدة اليسار التي كرسها مؤتمر أيبيني انتهت وقد اتضح ذلك بشكل قاطع من خلال النتائج.
3- زوال اليمين

قبل هذه الانتخابات، أُقصي اليمين مرتين في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة في الجمهورية الخامسة، ووقع ذلك في 1969 وفي 2002. وهنا علينا ان نذكر أن استبعاد التيار الديغولي حدث في وقت سابق. ففي 1974، لم يحصل جاك شابان دلماس الا على 15 في المئة من الأصوات الانتخابية، ومثله مثل فرانسوا فيون كان الاقرب لنيل ثقة الناخبين، لكن تسريبات نشرتها لوكانار اونشيني حول تهربه الضريبي دمرت مستقبله السياسي، مثلما دمرت هذه المجلة ايضا فرانسوا فيون بعد أن كشفت تلقي بينيلوب فيون مرتبات نظير وظيفة وهمية في مكتب زوجها حين كان نائبا في الجمعية الوطنية.

4- صعود اليمين المتطرف

حين نتصفح نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت في فرنسا، يتبين أن التوقعات كانت تشير الى فوز مارين لوبان بـ30 في المئة من الأصوات خلال الدور الاول، لذلك على الديموقراطيين ان يفرحوا لأنها لم تحظ الا بـ21.43 في المئة من الأصوات، اي 7.658 ملايين صوت، وعلينا ألا ننسى ايضا بأن النتيجة التي حققتها الجبهة الوطنية هي افضل نتيجة حققها اليمين المتطرف في فرنسا منذ فترة ما بعد الحرب. ويجدر هنا التذكير بأن جان ماري لوبان حصد 0.75 في المئة من الأصوات أي 191 ألف صوت فقط خلال المرة الاولى التي تقدم خلالها للانتخابات الرئاسية في 1974.

 5- نظام العائلة

خصوصية اخرى يتميز بها اليمين المتطرف في فرنسا، وهي اعتماده على عائلة واحدة. ففي ظرف 15 عاماً وصلت مرشحة الى الدور الثاني فهي في الواقع ابنة مرشح آخر بلغ ايضا الدور الثاني، وهذا امر غير مسبوق في الجمهورية الفرنسية، فحتى نجد قرابة بين المرشحين للانتخابات الرئاسية في فرنسا علينا نعود الى عهد الملكية أو الامبراطورية، فلويس نابليون بونابرت هو حفيد نابليون الاول الذي حكم الجمهورية الثانية في 1948.

6- لا يمين ولا يسار

اقترح إيمانويل ماكرون على الفرنسيين مستقبلا يمينيا ويساريا، رغم الثنائية القطبية التي تكرست في الحياة السياسية الفرنسية. فخلال النظام البرلماني في الجمهورية الثالثة، كان الحزب الراديكالي يلعب بشكل او بآخر بورقة «لا يمين ولا يسار» ولكن بالتحالف أحيانا مع اليمين واحيانا اخرى مع اليسار مثلما حصل مع الجبهة الشعبية.
وخلال عشرة اعوام حكم الوسط الجمهورية الرابعة التي كان يتنازع عليها اليمينيون والشيوعيون، وكان هذا الوسط يعتمد على تحالف حزب يميني هو الحركة الجمهورية الشعبية، وهي حركة ديموقراطية مسيحية مع الاشتراكيين.
واخيرا ولدى وصوله للحكم في 1958، رغب الجنرال ديغول في تجاوز نظام الاحزاب السياسية، فدعا شخصيات سياسية للمشاركة في أولى حكوماته مثل غاي موليه الذي كان يتزعم حزبا اشتراكيا. وهكذا نجح اليسار بسرعة في اعادة بناء نفسه، ومنذ بداية 1960 لم يعد الفكر الديغولي يبدو كايديولوجية كبيرة في اليمين.

7- ماكرون حامل الرقم القياسي

تمكن ايمانويل ماكرون بفضل شخصيته ومشواره من تجديد الخطاب السياسي بشأن نقاط دون غيرها، لكن الكثيرين انتقدوا ماضيه كمصرفي في بنك روتشيلد، مثله مثل الرئيس السابق جورج بومبيدو(1911ـ 1974). وماكرون ليس الشخصية الوحيدة التي باتت تنافس على منصب الرئيس من دون ان تنتخب في مناصب أخرى في وقت سابق، فقد سبقه شارل ديغول الذي ترشح لاول مرة لانتخابات الرئاسة التي نظمت في عام 1965.
لكن عكس الجنرال ديغول، فماكرون لم تسنح له الفرصة ليكون الضابط الفرنسي في مواجهة النازية، ولا ان يكون رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية بعد التحرير في الجزائر ثم باريس، ولا تم اختياره لانقاذ البلد بعد انهيار الجمهورية الرابعة.
على كل حال سيفخر إيمانويل ماكرون مرشح حركة معا إلى الأمام، وسيتباهى في 7 مايو الجاري إن فاز بالجولة الثانية من الانتخابات بكونه أصغر رئيس للجمهورية.

  نوفيل أوبسارفاتور 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى