28 محطة أرصاد.. هل تكفي للتنبؤ بالخطر؟
توقعات الطقس تؤكد «أن أجواء اليوم معتدلة مع فرصة هطول أمطار متفرقة»، وقد ينتهي اليوم دون اي قطرة غيث، هكذا هو حال «علم التنبؤات» وكما هو واضحاً من عنوانه، ويعتمد على بيانات رقمية وعلمية لتوقع حدوث شيء ما من عدم حدوثه، ويشدد هذا العلم على أنه لا صواب ولا أخطاء في التوقعات والتنبؤات التي يأخذها بعض المتلقين على محمل «الجد» و«القطعية».
رصدت «القبس» آراء عدد من خبراء الطقس الذين أكدوا أن دقة التنبؤات تتوقف على مدى دقة أجهزة الرصد وانتشارها، مشددين على أهمية دور الأرصاد الجوية في الإنذار المبكر لاتخاذ التدابير اللازمة التي من شأنها حماية الأفراد والمنشأة، مطالبين بتحديث أجهزة الرصد الحالية وإضافة أجهزة متطورة مع زيادة عدد المحطات ليتمكن الخبراء من الحصول على قراءات صحيحة تبنى عليها تنبؤات دقيقة.
قال مراقب التنبؤات في إدارة الأرصاد الجوية عبدالعزيز القرواي، «لا توجد تنبؤات خاطئة أو صحيحة في علم الأرصاد الجوية، حيث نعتمد على أجهزة الرصد ونقوم بعملية التحليل والتنبؤ»، لافتا إلى أن دقة هذه البيانات تقل في الفترات الانتقالية بين الفصول، نتيجة التغيير المفاجئ لدرجات الحرارة والكتل الهوائية،
وبين أن هناك 15 خبيراً للأرصاد الجوية، يقومون بدراسة بيانات 28 محطة أرصاد اتوماتيكية موزعة على المناطق البرية والبحرية والزراعية في البلاد، لافتاً إلى أن التنبؤات اليومية هي حصيلة تحليل ودراسة يشارك فيها نحو 6 مراقبين.
وأوضح القرواي، أن المتنبئ لابد أن يكون حاصلا على شهادة جامعية في الأرصاد الجوية قبل الالتحاق والعمل في هذا المجال، مشيرا إلى أنه يمكن التنبؤ بحالات الطقس لخمسة أيام مقبلة عبر قراءة خرائط الطقس السطحية وخرائط الطبقات الجوية العليا، وتحليل بيانات الضغط الجوي، نسبة الرطوبة، حركة الرياح ودرجات الحرارة، مؤكدا أن الخبرة لها عامل كبير في استخلاص نتائج الخرائط.
وأشار إلى أن برنامج «النماذج العددية»، هو الذي نعتمد عليه في قراءة الحسابات والرياضية والفيزيائية بناء على عناصر الطقس المتوافرة لبناء التوقعات للأيام المقبلة، إلى جانب رادارات الطقس والعواصف الداخلية، والتي تزود الخبراء بالبيانات، إلا أن جودة أداء الأجهزة يقل في الفترات الانتقالية، وبالتالي تقل صحة التنبؤات، وتصبح خبرة المتنبئ في هذه الحالة هي الفيصل لتوقع الطقس.
كل تضاريس لها ظواهر محددة وطقس الكويت يكون مستقر خلال فترة الصيف لعدم وجود مرتفعات بعكس الفترة الحالية التي نشهد فيها تغيّرا خلال الساعة، لأننا خلال فترة انتقالية، فهناك فترات من السنة يتسم فيها الجو بالاستقرار في أغلب البلدان
وأكد أن التنبؤ بالطقس ونشر التحذيرات الجوية من مسؤولية إدارة الأرصاد الجوية فقط، لأنها تترتب عليها حياة الأشخاص وسلامة الممتلكات، لافتا إلى وجود كثير من الهواة الذي يدلون بتصريحات وتنبؤات غير دقيقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مناديا بعدم الالتفات إلا إلى المعلومات الصادرة عن خبراء الأرصاد الجوية فقط.
محطات الرصد
ومن جانبه، عدَّد رئيس قسم التنبّؤات البحرية في إدارة الأرصاد الجوية ياسر البلوشي أسباب عدم تطابق توقعات الطقس مع الواقع في بعض الأحيان، منها وصول بيانات غير دقيقة من الأجهزة والإدارات وشبكة الإنترنت نتيجة خلل ما، إضافة إلى أن الدول المجاورة لنا لا تمتلك محطات رصد سطحية كافية، مما يصعب التنبؤ بالآتي من هذه الجهات.
وكشف البلوشي عن توجه إدارة الأرصاد الجوية للتعاقد مع شركة أرصاد عالمية قريباً، لتوفير أحدث الأجهزة والمعدات، لتفادي الخلل الفني المتكرر في أجهزة الرصد الحالية، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على دقة التنبؤات الجوية مستقبلاً.
حالة البحر
وأوضح البلوشي أن التنبؤ بحالة البحر مرتبطة بحالة الطقس، حيث إن اتجاه الرياح وسرعتها يؤثران في ارتفاع الموج والتيارات المائية، فضلاً عن استقبال نشرات عن حالة البحر من السفن، حيث تعطي كل سفينة نشرة جوية من مكانها، ويقوم مركز الأرصاد البحرية بتوقع حالة البحر بناءً على المعلومات الواردة.
وأضاف: «علمياً، لا يوجد تنبُّؤ صحيح %100، فضلاً عن أن علم المناخ علم حديث، ولا توجد له قاعدة معلوماتية واسعة يمكن الاستناد عليها في التنبؤات»، مشيراً إلى أن الاختلاف بين خبراء الطقس في تحليل البيانات ليس جوهرياً، مثلاً يتفق الخبراء على هطول الأمطار، لكن يختلفون في شدتها، ويحسم الأمر قبل صدور النشرة الجوية عبر دراسة المعطيات العلمية.
خبرة المتنبئ
أما خبير التنبؤات الجوية جمال إبراهيم فأرجع صحة التنبؤ إلى خبرة المتنبئ ومدى متابعته للخرائط الجوية، مشددا على ان خبير الأرصاد الجوية لابد أن يكون حاصلا على شهادة بكالوريوس في علوم الأرصاد.
ولفت إلى ان التباين بين توقعات خبراء الأرصاد عادة يكون حول سقوط الأمطار، مشيرا إلى ان الجميع لديهم نفس الخرائط، ولكن عامل الخبرة بجانب القراءة الصحيحة للخرائط يساهم في الإدلاء بنتائج اقرب إلى الصواب، لافتا إلى ان العديد من الخبراء يتخوفون من الإدلاء بتصريحات أو تنبؤات مباشرة خوفا من ألا تحدث فتؤخذ عليهم.
واكد ان البلاد تعاني من فقر في عدد محطات الرصد، التي تؤثر في تدفق المعلومات، لافتا إلى دولة مثل الولايات المتحدة لديها أقمار اصطناعية خاصة بالأرصاد الجوية، في حين محطاتنا تفتقر للصيانة الدورية ما يترتب عليه أحيانا إعطاء معلومات خاطئة، تصعب مهمة المتنبئ.
مسار الطائرات
وشدد على أهمية علم الأرصاد الجوية، التي يعتمد عليها في تحديد مسار جميع رحلات الطيران القادمة والمغادرة من البلاد إلى جميع دول العالم، كذلك تفادي أمراض المواسم، واتخاذ التدابير والاحتياطات اللازمة قبل حدث معين للحد من أضرارها، سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى الدولة.
الدخلاء
وبدوره، انتقد المؤرخ والفلكي عادل السعدون المدعين انهم خبراء أرصاد، الذين يجمعون المعلومات من الانترنت وينقلونها دون أي دراية او خبرة، مؤكدا ان اغلبهم لا يستطيع حتى قراءة خرائط الطقس.
في الوقت الذي أرجع فيه اختلاف التنبؤات بين خبراء الأرصاد الى عدم ثبات قراءات الضغط الجوي التي تتميز بعدم الثبات، لاسيما خلال الفصول الانتقالية، مشيرا إلى ان المناطق الصحراوية يغلب عليها مفاجأة الطقس بسبب التباين الحراري بين الليل والنهار، الذي يحدث تغيرات جوية سريعة وتؤثر في حركة واتجاه الرياح.
العميرة: لا علاقة بين علمي الفلك والأرصاد
اكد مدير إدارة علوم الفلك والفضاء في النادي العلمي بدر العميرة عدم وجود أي صلة بين علم الفلك وعلم الأرصاد الجوية، مشيرا إلى ان الأرصاد الجوية تعنى بالعوامل الجوية المختلفة داخل الغلاف الجوي، اما علم الفلك فيبدأ من بعد الغلاف الجوي للأرض وصولا إلى النجوم والمجرات.
وبين انه من الخطأ الربط بين العلمين او توقع تنبؤات جوية بناء على حركة النجوم والكواكب التي لا تؤثر إطلاقا على حالة الطقس داخل الغلاف الجوي، ولا يمكن الربط بين حركة الأرض او الكواكب بالمناخ إلا ظاهرة المد والجذر المرتبطة بالقمر.
واكد عدم وجود صلة بين مشاهدة احد النجوم في السماء وبداية مواسم محددة، وانما مجرد تزامن، لافتا الى ان الأجداد ربطوا بينهما لتزامنهما في التوقيت وليس لتأثيرهما في حدوث ظاهرة جوية معينة.
العنزي: لا يمكن التنبؤ بحدوث الزلازل
قال مشرف شبكة رصد الزلازل ومدير برنامج دعم متخذي القرار لإدارة الأزمات البيئية د.عبدالله العنزي «إن التنبؤ بالزلازل يعتمد على البيانات التاريخية والإحصائيات، كأن نتوقع حدوث زلزال بقوة 4 ريختر كل 5 سنوات في الكويت، إلا ان هذا التوقع لا يؤخذ كأساس لإطلاق التحذيرات للعامة». وأوضح العنزي أن هناك موجات أولية يتم رصدها أثناء وقوع الزلازل، تليها بثوان موجات ثانوية، وفيما بينهما تطلق إدارة رصد الزلازل تحذيرها للدفاع المدني، وبدوره يتم إبلاغ المنشآت الحيوية لإغلاقها مؤقتاً، كاشفاً عن وقوع زلازل بصفة أسبوعية في الكويت، وتتراوح قوتها بين درجة ودرجتين على مقياس ريختر، اي انها غير محسوسة بالنسبة إلى الناس.
صيف 2017 «غبار»
توقع عبد العزيز القراوي أن تشهد البلاد صيفاً مغبراً، بسبب شح الأمطار هذا الشتاء، على عكس العام الذي سبقه، حيث تم تسجيل كميات كبيرة من الأمطار ساهمت بندرة الغبار في الصيف المنصرم، قائلاً «إن العواصف الغبارية تصل إلى الكويت عن طريق صحراء العراق والسعودية وتتأثر أجواء البلاد بعوامل التصحر والانشطة البشرية والحروب في الجارتين».
موسم السريات
أكد السعدون ان موسم السريات من المواسم التي لا يمكن التنبؤ بحالتها في اليوم نفسه، نتيجة تكون العوامل الجوية بسرعة لا تمكننا من اطلاق تحذير مبكر.
اليابان وإيران
ذكر العنزي أن الركيزة الأساسية في رصد الزلازل هي المباني والمنشآت ومدى جاهزيتها في مقاومة الهزات الأرضية، مؤكداً أن من يزهق الأرواح أثناء وقوع الزلزال هو المباني التي قد تتعرض للانهيار نتيجة ضعفها، ولهذا السبب بالتحديد عندما تقع الزلازل في إيران بقوة 6 و7 ريختر تحصد آلاف الأرواح، بينما تصل قوتها إلى 9 ريختر في اليابان دون اي حالات وفاة تذكر.
أسباب الغبار
أرجع جمال إبراهيم أسباب تكون الغبار في البلاد الى الهواء البارد الذي يأتي مع فصل الصيف على الأرض الحارة، مما يسبب صعود الهواء الدافئ الى أعلى محملاً بالغبار.
10 ملايين لجهاز «خاطئ»!
كشف مصدر أن إدارة الأرصاد الجوية قامت منذ فترة بشراء جهاز رصد بنحو 10 ملايين دينار، في حين أنه لا يساوي مليون دينار وكل معلوماته خاطئة، والمسؤول عن شرائه في ذلك الوقت تقاعد من دون محاسبة أو مساءلة.