أثبت جهاز إلكتروني قابل للزرع نجاحه في بعض الاختبارات الأولية التي تهدف إلى معالجة الأعصاب الطرفية المصابة من خلال تحفيزها بنبضات كهربائية قبل أن يُحلّله الجسم بيولوجياً ويمتصه.
كشفت الدراسة التي أجرتها كلية الطب التابعة لجامعة واشنطن في “سانت لويس”، “ميسوري”، وجامعة “نورث وسترن” في “إيفانستون”، “إيلينوي”، أن ذلك الجهاز الذي لا يتجاوز حجمه القطعة المعدنية ساعد الجرذان على تجديد الأعصاب سريعاً في سيقانها. تمكنت الجرذان من استعمال أعصابها مجدداً واسترجعت قوتها العضلية قبل أيام عدة من إقدام أجسامها على تفكيك الجهاز القابل للتحلل وامتصاصه بالكامل. يهدف هذا الابتكار إلى تسريع شفاء الإصابات التي تقع في الأعصاب الطرفية وكانت قد عولجت بالتحفيز الكهربائي خلال الجراحة.
يقول الدكتور ويلسون راي الذي شارك في الإشراف على الدراسة، وهو أستاذ مساعد في جراحة الأعصاب والعظام في جامعة واشنطن: “نعرف أن التحفيز الكهربائي خلال الجراحة مفيد. لكن بعد انتهاء الجراحة، لا يعود التدخل ممكناً”. في التقرير الذي يُلخّص الدراسة ومن المتوقع أن يُنشَر في مجلة “طب الطبيعة” قريباً، كشف راي وزملاؤه كيف يوسّع الجهاز الإلكتروني هامش التدخل. يوضح راي: “بفضل هذا الجهاز، أثبتنا أن التحفيز الكهربائي الذي يتكرر وفق جدول دقيق قد يُحسّن فرص تعافي الأعصاب”.
الأعصاب الطرفية قابلة للتجدد
تمتد الأعصاب الطرفية عبر جذع الجسم والذراعين والساقين وتختلف عن الأعصاب الموجودة في الحبل الشوكي لأن خلاياها وأنسجتها قادرة على التجدد بعد الضرر.
تؤدي الإصابات في الأعصاب الطرفية إلى شعور بالوخز والخدر والألم وضعف العضلات.
بفضل الأدوية والعلاج الفيزيائي، يمكن أن تُشفى بعض الإصابات خلال أسابيع، بينما تتطلب إصابات أخرى شهوراً عدة.
لكن غالباً ما تستلزم الحالات الحادة إجراء جراحة وتقلّ الطرق التي تسمح بتسريع التعافي.
تشير التقديرات الراهنة إلى إصابة حوالى 20 مليون شخص في الولايات المتحدة بضرر في الأعصاب الطرفية نتيجة صدمات واضطرابات صحية متنوعة، وتتطلب هذه الحالات رعاية صحية بكلفة سنوية تصل إلى 150 مليار دولار.
في ما يخص الحالات التي تُعالَج بالجراحة، يكون التحفيز الكهربائي خياراً نموذجياً لأنه يساعد الخلايا العصبية على النمو مجدداً ويسمح بشفاء النسيج المتضرر بالكامل من خلال تسهيل إطلاق معززات النمو.
تحفيز إضافي لتحسين مسار التعافي وتسريعه
يُغلّف الجهاز الإلكتروني القابل للزرع العصب المتضرر ويحفّزه على مر بضعة أيام عبر إطلاق نبضات منتظمة قبل أن يفككه الجسم ويمتصه بكل أمان.
لبث النبضات، يستمد الجهاز الطاقة من شاحن لاسلكي خارجي يكون عمله شبيهاً بالجهاز الذي يشحن الهواتف الخليوية لاسلكياً.
اختبر الباحثون الجهاز على جرذان تعرّضت لإصابات في العصب الوركي: إنه أكبر عصب في الجسم ويتولى نقل الإشارات صعوداً ونزولاً نحو الأطراف السفلية ويتحكم بعضلات مثل أوتار المأبض وعضلات أخرى في الساق والقدم.
كان الجهاز يرسل نبضات إلى العصب الوركي المتضرر لدى الجرذان طوال ساعة كل يوم. انقسمت الحيوانات إلى ثلاث مجموعات: تلقت المجموعة الأولى هذه الجرعة من التحفيز الكهربائي ليوم واحد، والمجموعة الثانية لثلاثة أيام، والمجموعة الثالثة لستة أيام.
كذلك، لم تتلقَ بعض الجرذان أي تحفيز مماثل لمقارنة النتائج.
خلال الأسابيع العشرة اللاحقة، لاحظ فريق البحث أن أي نسبة من التحفيز كانت أفضل من غياب التحفيز لتجديد قوة العضلات والكتلة العضلية. لكن كان تجدد الإشارات العصبية والقوة العضلية كاملاً وسريعاً بدرجة إضافية كلما زادت الأيام التي تتلقى خلالها الحيوانات ذلك التحفيز.
يستطيع العلماء أن يحددوا عدد الأيام التي يريدون تشغيل الجهاز فيها قبل أن يتحلل من خلال تغيير بعض الخصائص مثل سماكة المواد وتركيبتها.
يقول راي: “قبل أن نجري هذه الدراسة، لم نكن متأكدين من أن إطالة مدة التحفيز يُحدِث فرقاً. لكن بعدما تأكدنا الآن، يمكننا أن نحاول إيجاد الإطار الزمني المثالي لتحسين فرص التعافي لأقصى حد”.