رئيس الشؤون الدينية التركي يدعو لإدراج عصمة الإنسان بـ”آدميته” ضمن محكمات الشريعة

دعا رئيس الشؤون الدينية في تركيا الدكتور محمد غورماز إلى إدراج عصمة الإنسان بآدميته لا بإيمانه أو أمانه فقط، ضمن محكمات الشريعة وثوابتها.
وقال غورماز على هامش المؤتمر الدولي للاتجاهات الفكرية بين حرية التعبير ومحكمات الشريعة، الذي يعقده المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة: إنه بالعودة إلى القرآن والسنة النبوية، نجد أن كرامة الإنسان وعصمته من كليات الشريعة ومحكماتها التي لا تتغير.
وأرجع غورماز التوترات الحالية بين بلاده وبعض الدول الأوروبية، إلى تزايد الخوف من الإسلام في أوروبا.
وشدد على أهمية تخليص مفهوم الجهاد وإنقاذه من الجماعات المتطرفة.
فإلى الحوار…
دعوت في كلمتك خلال افتتاح المؤتمر إلى اعتبار القيم الإنسانية ضمن ثوابت ومحكمات الشريعة، هل من توضيح أكثر لهذه القضية؟
في الحقيقة الشريعة الإسلامية ركزت على كرامة الإنسان، وعلى الأمن وعلى المقاصد الخمسة حفظ النفس وحفظ المال، والعقل، والعرض، والنسل، ولكن علينا أن نركز على عصمة الناس وليس الأمن فقط، وهناك اتجاهان في عصمة النفس، فبعض الفقهاء يقولون العصمة إنما تكون بالإيمان أو بالأمان، وهذا الآن لا يمكن تطبيقه، لماذا؟ لأنه إذا أعلنا هذا، فنحن نقسم الدنيا إلى دار الإسلام ودار الحرب، ما يعني بالضرورة أن هناك أناسا ليست معصومة دماؤهم ولا أعراضهم، ولكن هناك اتجاه آخر في الفقه الإسلامي، وهو أن عصمة الآدمي إنما تكون بالآدمية، فما دام هو ابن آدم، فهو معصوم الدم والعرض والمال، ونحن إذا ركزنا على كتاب الله الكريم، وعلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، يمكننا أن نقول: إن كرامة الإنسان وعصمته من كليات الشريعة ومحكماتها التي لا تتغير.
التوتر الأخير بين تركيا وأوروبا، البعض ينظر إليه خصوصا في أوروبا باعتباره نتيجة لتزايد الطابع الإسلامي في الحكم التركي، كيف تنظر إلى هذه القضية؟
يمكن أن نقول تزايد الصحوة الإسلامية، وأيضا تزايد الخوف من الإسلام، أعني الإسلاموفوبيا، ونحن في رئاسة الشؤون الدينية منذ 40 سنة، نرسل الأئمة من تركيا إلى أوروبا، وعدد الأتراك في أوروبا بلغ 5 ملايين، وبنوا هناك 4 آلاف مسجد، وحتى الآن لا يمكن لأحد أن يقول إن حادثا ما وقع في مسجد من المساجد التابعة لنا، ولكن أعتقد أن المشكلة تكمن في تزايد قوة التيار اليميني في أوروبا، لاسيما قبيل هذه الانتخابات الأخيرة في ألمانيا، وهولندا، وفرنسا، يعني كلهم تحولوا إلى اليمين المتطرف حتى اليساريون، ولكن لرابطة العالم الإسلامي شعار، هو علينا أن نجادل الإسلاموفوبيا بالتي هي أحسن، أي بطريق الحكمة، فعلى عاتقنا إذا وظيفة: هي إزالة الخوف من الإسلام من قلوب المتطرفين في أوروبا.
المقاربة الإسلامية القديمة بشأن إسرائيل كانت تتحدث عن إنهاء إسرائيل واحتواء الشعب أو الديانة اليهودية ضمن دولة فلسطينية، لكن الآن أصبح هناك قبول في الأوساط الإسلامية لحل الدولتين، دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية، كيف تنظر إلى مستقبل العلاقة بين إسرائيل والعالم الإسلامي؟
في الحقيقة لا يمكن أن نتحدث في هذا الموضوع إلا بعد حرية فلسطين وحرية الأقصى، فقبل حرية الأقصى لا يمكن أن نتحدث عن هذا الموضوع، لكن ما تمارسه إسرائيل من منع الأذان وغيره من الممارسات التضيقية، هو منهج متبع لديهم، يريدون من خلاله رفض وجود الإسلام والمسلمين وتاريخ الإسلام والمسلمين في الأقصى وفي فلسطين وفي كل مكان، فقبل زوال الاحتلال الغاشم للأقصى وفلسطين، لا يمكن أن نتحدث عن مستقبل العلاقة مع العالم الإسلامي، ولو بمجرد التعليق.
هناك قضية دائما ما يتحدث عنها المثقفون المسلمون، وهي تخليص مفهوم الجهاد وإنقاذه من الجماعات المتطرفة التي وظفته في الإرهاب وسفك الدماء، برأيك ما الذي يمكن تقديمه في هذا الجانب؟
أنزل الله القرآن رحمة للعالمين ورسولنا بعث رحمة للعالمين، المشكلة أننا خلطنا الجهاد بالقتال، فالجهاد مفهوم حضاري، أما القتال بدون حقوق ولا أخلاق لا يمكن أن نسميه بالجهاد، فالقتال الذي لا يعرف أخلاق الحرب ولا حقوق الحرب، لا يمكن أن نسميه جهادا، كما أننا اختصرنا الجهاد في القتال فقط، بينما هو مفهوم عظيم، علينا أن نخلصه من بين أيدي المتطرفين، وأيضا أقول هناك علاقة بين الجهاد والاجتهاد، فالجهاد بلا اجتهاد هو قتال محض، وأقصد هنا الاجتهاد المبني على الكتاب والسنة، فعلينا أن نفكر سويا في تحرير مفهومي الجهاد والاجتهاد العظيمين.
هناك حالة من اللاحسم يعيشها العالم الإسلامي فيما يتعلق بالمفاهيم الكبيرة كحرية التعبير وغيرها، حيث لم يصل فيها المفكرون إلى كلمة سواء، كيف يمكن برأيك تجاوز هذه الحالة؟
كثير من هذه المفاهيم، هي كما قال سيدنا علي رضي الله عنه كلمة حق أريد بها باطل، يعني علينا أن ننظر من المنظور القرآني ومن منظور السنة النبوية إلى هذه المفاهيم بما فيها الحريات كحرية التعبير وحرية الفكر وحرية الأديان، فهذه كلها موجودة وراسخة في الحضارة الإسلامية، ما يعني ضرورة النظر إلى كل هذه المفاهيم بمنظور إسلامي وليس بمنظور شرقي أو غربي كما في حديث إلى وكالة الأنباء الإسلامية الدولية إينا”،.