المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

وكأنَّ التلفزيون يلعب في الوقت الضائع!

تخلق التكنولوجيا في زمن ما شكل التواصل الاجتماعي بين الأفراد، وتصنع أنماطاً لاجتماعاتهم وعلاقاتهم. الفرجة على التلفزيون عندما ظهر، خلقت مشهد تجمّع الأفراد حول شاشته، سواء في صالة منزل أو مكان ما يرتاده من لا يمتلكون القدرة المالية على اقتنائه، آنذاك. أو لنقل الفرجة الجماعية أو الأسرية هي العلاقة التي صنعها التلفزيون، ما يتطلب حضور الجميع أمام شاشته، على عكس الراديو الذي قد يسمعه من يجلس بعيدا عن الجهاز والجماعة. وأيضا عكس السينما التي تشاهدها مع غرباء في مكان عام وبتجهيز مسبق وتوقيت محدد. إنها الحالة العفوية و«المنزلية» للمشاهدة أو التجمّع الحميم، إن جاز لنا قول ذلك. وهذه العوامل هي ما صنعت للتلفزيون مجده في زمن ما، قد يمكن القول إنه أفل.

تغيّر نمط الفرجة
فكرة الشاشة الواحدة للجميع لم تعد موجودة بكل تأكيد، في زمن الشاشات المتعددة و«الخاصة» كشاشة الآيباد أو اللابتوب أو الموبايل، وبالتالي تضاءلت علاقة المشاهدة الجماعية إلى أقل حدودها، كل فرد وفي أي مكان داخل أو خارج المنزل يمكنه أن يشاهد ما يريد وفي أي وقت يختاره، من دون الاضطرار الى انتظار موعد عرض عمل أو برنامج معين أو توقيت نشرة الأخبار، فكل القنوات لها مواقع تعيد عليها عرض برامجها أو تعرض بعضها بشكل مباشر على النت. هذا النمط المنعزل من المشاهدة قلّص حتى مساحة التعليق والحوار المشترك بين المشاهدين، والذي كان يحدث وقت المشاهدة المشتركة. بإمكان أي شخص أن يكتب رأيه في ما بعد على مواقع التواصل الاجتماعي ليشاركه مع آخرين ليسوا بالضرورة أن يكونوا شاهدوه معا في نفس الوقت.

كاميرا المشاهد المراسل
الدور المهم الذي كان يلعبه التلفزيون في السابق كناقل رئيس للحدث وقت حدوثه، أو للتصريحات والبيانات والأخبار السياسية وغيرها تضاءل أيضا، منذ أن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي الأسرع في نقل الخبر مصوّرا ومكتوبا، ومنذ أن ظهر مفهوم الفرد المراسل أو الصحافي، والذي تعتمد عليه أحيانا الفضائيات في نقل صور وفيديوهات صورها عبر كاميرا «موبايله» الخاص، من مناطق الأحداث الساخنة التي لا يستطيع الإعلام الوصول لها أحيانا. فأصبح الفرد الذي كان مشاهدا فقط، مشاركا في صنع الخبر والصورة. بل وبإمكانه عرض ما يريد على منصة من منصات التواصل الاجتماعي لتنقلها التلفزيونات عنه.

قنوات خاصة
ولأن أغلب الفضائيات والمحطات التلفزيونية لها أجندات وتوجهات ومعايير رقابية لما يقدم على شاشاتها، ولأن كاميرات التصوير تطورت تقنيا، فلم يعد ضرويا أن تصور البرامج في استوديوهات تلفزيونية تقليدية، فأصبحت هناك برامج تعرض على قنوات على «اليوتيوب»، تتمتع بمساحة اكبر من الحرية وبتكلفة أقل في الإنتاج، وتجتذب المعلن في بعض الأحيان.
هو زمن العزلة والشاشات الصغيرة والخاصة، وضد حالة الفرجة التلفزيونية المؤقتة على جدول البرامج ونشرات الأخبار. فضاء النت والوسائط الجديدة للمشاهدة والمشاركة في صنع الحدث والصورة، وضعت التلفزيون في مأزق اللاعب في الزمن الضائع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى