لاقت الترقية الاخيرة التي حازها سوق الكويت للاوراق المالية صدى واسعا من قبل المتداولين والمستثمرين في مختلف القطاعات الاقتصادية، فانعكاساتها جاءت واضحة على مؤشرات السوق التي شملت سيولة محلية وتدفقات اجنبية، الامر الذي جعل منها محطة استثمارية جاذبة للمضاربين وحتى اصحاب الاستثمارات طويلة المدى. ووفقا لما ذكره تقرير «الشال» فقد بلغ حجم سيولة البورصة في الشهور الـ11 الاولى من العام الحالي نحو7.084 مليارات دينار، وعند مقارنة جملة قيمة التداولات العقارية منذ بداية العام الجاري حتى نهاية شهر نوفمبر 2019 بمثيلتها من عام 2018، فان انخفاضاً شهده إجمالي سيولة السوق العقاري من نحو 3.110 مليارات دينار كويتي إلـى نحـو 3.062 مليار دينار كويتي. وعلى الرغم من الحركة العكسية ما بين مؤشرات حركة الاسهم في البورصة والقطاع العقاري، فان هذا لا يعني عدم توجه بعض العقاريين للتداول في الاسهم، خصوصا خلال الفترة التي تنشط بها حركة البورصة والتي عادة ما تعني مرحلة «السكون» للقطاع العقاري. في الوقت نفسه، اكد الخبراء ان المستثمرين العقاريين عادة ما يفضلون التداول لفترات مؤقتة بالاسهم وبشكل «موسمي» مع نهاية العام، وذلك لاستثمار فوائضهم المالية بشكل فعال، موضحين ان ابرز الفروقات بين شخصية مستثمر الاسهم ونظيره العقاري هو ان الاخير يفضل الاستثمار بأقل المخاطر الى جانب «المدى الطويل»، كما ان الاصول العقارية تبقى محافظة على قيمتها مهما اهتزت اسعارها على عكس الاسهم، التي من الممكن ان تتدهور لتصل الى «الصفر».
القبس استطلعت آراء بعض المحللين الماليين وفي ما يلي التفاصيل:
قال الخبير العقاري سليمان الدليجان ان المتعارف عليه في حال زاد تحرك سوق العقار، فان حركة التداول تقل في سوق الاسهم والعكس صحيح. «الا أن المعادلة في الكويت قد تختلف نوعا ما بالنسبة لبعض المستثمرين، فالعقار هو الملاذ الامن لاموالهم وما نشهده في الوقت الراهن من اسعار جيدة في القطاع فان التداول فيه خطوة جيدة جدا».
واضاف ان هناك فرق كبير بين المستثمر العقاري والمستثمر في سوق الاوراق المالية، فالمستثمر في العقار هو شخص حر بتصرفه، فهو مالك لأصل قوي يمكنه من الحصول على قروض بنكية بسهولة نظرا للضمانة القوية للعقار وبشكل اكبر من الاوراق المالية المصنفة منها بـ«الصلبة»، فتلك لها مكانة خاصة عند البنوك. لكن يبقى العقار مكانته كبيرة حيث بالامكان رهنه و الاستثمار فيه.
وبيّن الدليجان ان الشركات العقارية المدرجة والتي زاد عليها التداول هي تلك التي حققت ارباحا، والتي عادة ما تعلن عن نجاحاتها وادائها بشكل سنوي، حيث ان هذه الشركات عادة ما يكون عليها اقبال، موضحا ان المستثمرين الطويلي المدى على الشركات العقارية هم قلة، ويرجع ذلك الى حقيقة ان معظم المستثمرين مضاربون، بينما في سوق العقار المحلي هناك نسبة لا بأس بها من التجار الذين عادة ما يدخلون في استثمارات طويلة المدى.
وفي ما يتعلّق بانتقال تجار العقار للتداول بالبورصة، ذكر الدليجان أنه على المستوى الشخصي لم يلحظ اي تخارجات كبيرة بالسيولة الموجودة بالقطاع العقاري، لكن قد يكون هناك بعض المستثمرين ذوي رؤوس الاموال الصغيرة والتي لا تحدث تخارجاتهم اي تأثير عند انتقالهم من سوق العقار الى سوق الاوراق المالية.
وأكد ان السيولة المتوافرة في البورصة تختلف تماما عند مقارنتها بأداء سوق العقار المحلي. فالسيولة متوافرة في البورصة بشكل أكبر، لكن يبقى العقار الملاذ الامن للكثيرين، خصوصاً لاهل العقار. اما المستثمرون في البورصة وأؤلئك الذين توجهوا للاستثمار بالاسهم، فإن بعض التجارب السابقة والتي بني عليها انشاء هيئة سوق المال والتي بدورها ساهمت في دعم البورصة واستقرارها، بالاضافة الى الترقية والاستثمارات الاجنبية، فهي جميعها عوامل قد تساهم في دفع وتشجيع البعض للتوجه والدخول بشكل اكبر للتداول بالاسهم. لكن الدخول السريع للاموال قد يعني ايضا خروجها بشكل سريع، وهو ليس بالضرورة بالامر الايجابي، وانما قد يكون مؤشرا لحدوث خسائر.
وقال المحلل الاقتصادي محمد رمضان إنه من الطبيعي ان يؤثر عامل ارتفاع سيولة البورصة على سيولة التداول العقاري. فارتفاع البورصة من الممكن ان يجذب الاموال من سوق العقار او قد يحصل العكس بأن يخرج الاموال من البورصة عن طريق البيع سعيا وراء شراء عقار. وبالتالي يعتمد الامر على وضع السوقين. وهناك اكثر من سيناريو يجب اخذها بالاعتبار، اذا الارتفاع بالبورصة شهد جني ارباح كبيرا، فان ذلك سيحفز المستثمرين على شراء العقار. وفي ذات الوقت قد يتسبب حدوث ارتفاع كبير جدا بالاسهم في خلق حالة من التخوف والارتياب لدى المستثمرين، الامر الذي سيدفعهم إلى سحب اموالهم والتخارج خوفا من حصول ركود.
واضاف: نحن حاليا نشهد ترقية البورصة، ما يعني دخول سيولة اجنبية إلى السوق، الامر الذي سيساهم في تغيير المفاهيم التي اعتاد عليها المستثمرون في السوق المحلي، لا سيما أن هذا النوع من السيولة يتدفق في سوق الاوراق المالية فقط. وبالتالي قد تعمل على تحفيز بعض المستثمرين على البيع في سوق الاسهم للتوجه والدخول في العقار.
واوضح رمضان ان انتقال تجار العقار للتداول بالبورصة يعتمد على نوعية العقارات التي يتعاملون بها سواء كانت سكنية، تجارية، استثمارية. فاذا وجدت فرص مجدية، فمن الطبيعي ان يتوجه المستثمرون بأموالهم للاستثمار بالبورصة.
اجتذاب مؤقت
وبيّن رمضان ان عوائد البورصة قد تجذب مستثمري القطاع العقاري لكن لفترات مؤقتة، وخلال طفرات استثمارية قد تحصل في البورصة. وذلك لان العقاريين عادة ما يحبذون التعامل بالعقار نظراً لخبرتهم واختصاصهم في هذا المجال، فهو القطاع الذي يبدعون به، وبالتالي فان تداولاتهم بسوق الاسهم عادة ما تكون محدودة ولفترات مؤقتة ومن ثم يتخارجون للعودة الى مجالهم العقاري.