هل تنازلت واشنطن لموسكو؟
![](https://www.shula.news/wp-content/uploads/2017/07/2-43-9.jpg)
لم يعد أحد يفهم السياسة الأميركية الوعرة في الملف السوري، ضمن خط بياني متعرج لها، ففي اجتماع خاص جدا جمع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الأسبوع الماضي، ووفقا لثلاثة مصادر موثوق بها حضرت الاجتماع، قال تيلرسون بوضوح لغوتيريس إن مصير الرئيس السوري بشار الأسد الآن في أيدي الروس، موضحا أن أولوية إدارة الرئيس دونالد ترامب، اليوم، تنحصر فقط في هزيمة تنظيم داعش.
وتشير تأكيدات تيلرسون لغوتيريس إلى أن إدارة ترامب سمحت لروسيا، أكثر من أي وقت مضى، بأن تتسلّم مقود القيادة في الملف السوري، كما أكد تيلرسون خلال الاجتماع أن «العمل العسكري الأميركي ضد الأسد وقواته خلال الأشهر القليلة الماضية كان يهدف إلى تحقيق هدف تكتيكي محدود، هو ردع هجمات بالأسلحة الكيمياوية قد يقوم بها النظام السوري، مستقبلا، وكذلك حماية القوات المدعومة من قبل الولايات المتحدة لمحاربة «داعش» في سورية (القوات الكردية)، وليس من باب إضعاف حكومة الأسد أو تقوية المعارضة».
ويأتي هذا بالتوافق مع ما قاله ترامب الأسبوع الماضي، محذرا الأسد من استخدام الأسلحة الكيمياوية مرة أخرى.
ويعكس موقف تيلرسون الاعتراف بالحكومة السورية المدعومة من قبل روسيا وإيران، ويُبرزها بأنها منتصرة سياسيا، بعد ست سنوات من حرب أهلية طويلة، ما يمثّل تراجعاً أميركياً واضحاً عن اتفاق جنيف، الداعي إلى إقامة حكومة انتقالية تجمع بين المعارضة والنظام السوري.
ووفقا لإدارة الرئيس السابق باراك أوباما وحلفاء غربيين آخرين، كان اتفاق جنيف ينص على رحيل الأسد عن السلطة.
ووفق مجلة فورين بولسي، ذكرت المصادر التي حضرت لقاء تيلرسون – غوتيريس، أن تيلرسون قال للأمين العام للأمم المتحدة: «ما سيحدث للأسد هو مشكلة روسيا وليس مشكلة الإدارة الأميركية».
وبات من غير المعروف إن كانت إدارة ترامب ستصرّ على تنحّي الأسد عن السلطة أم لا، خاصة وأنه قبيل ثلاثة أشهر، قال تيلرسون: «نصرّ على أن يترك الأسد السلطة، كونه استخدم الأسلحة الكيمياوية ضد الأبرياء والمدنيين العزّل».
وبالتالي، فالمستفيد الأكبر من تلك التصريحات والمواقف الأميركية المتضاربة هو موسكو. ويساور مسؤولون سابقون كبار في إدارات أميركية سابقة الشك في كيفية تعامل أميركا في الملف السوري وما الذي ستستفيده مقابل التنازل لروسيا عن قيادة الأزمة.
من جهتها، رفضت الخارجية الأميركية التعليق على كل ما ذكر حول لقاء تيلرسون بالمسؤول الأممي.
ويأتي هذا التنازل لروسيا حول مصير الأسد عشية لقاء، أطلقت عليه الصحافة الأميركية «لقاء مفتولي العضلات، والأنا الزائدة عند كل طرف» الذي سيجمع ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث سيلتقيان على هامش اجتماعات قمة العشرين للدول الصناعية في هامبورغ. ومن المرجّح أن ترامب لن يتحدث مع بوتين حول التدخّل الروسي في الانتخابات الأميركية عام 2016.
الجدير بالذكر أن تيلرسون قال إن ترامب كلّفه إصلاح العلاقات الأميركية – الروسية، محذّراً الكونغرس من فرض أي عقوبات جديدة على روسيا، بسبب تدخّلها المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأميركية، من شأنها أن تقوّض الجهود الرامية إلى التعاون مع موسكو حول سورية.
وأوضح تيلرسون، بعد أقل من شهرين على أدائه القسم كوزير للخارجية، أن لديه اهتماماً ضئيلاً باستخدام القوة العسكرية الأميركية لإجبار الرئيس السوري على الرحيل.