هكذا تعرف إن كنت مصاب بالسكري

تجعلك معدلات السكر في الدم العالية عرضة للإصابة بداء السكري ومرض القلب. لذلك لا بد من التنبّه جيداً لهذا الأمر، والعمل على اتباع حمية غذائية صحية وممارسة التمارين الرياضية.
إن كنت تأمل تفادي داء القلب، لا بد من أنك تولي معدل الكولسترول في دمك اهتماماً كبيراً.
ولكن عليك أيضاً أن تراقب معدل السكر في الدم لأن ارتفاعه يشكّل إشارة تحذير مبكرة إلى احتمال الإصابة بداء السكري، أحد عوامل الخطر الرئيسة في الأمراض القلبية الوعائية.
إذا بلغ معدل السكر في دمك بعد الصوم 100 إلى 125 مليغراماً في الديسيلتر، يعني هذا أنك تعاني حالة شائعة تسبق داء السكري وتُدعى “ما قبل السكري” (يجب أن يتراوح معدل السكر في الدم الطبيعي بين 70 و99 مليغراماً في الديسيلتر). وتشير التقديرات إلى أن واحداً من كل ثلاثة بالغين حول العالم يعانون حالة “ما قبل السكري”، مع أن معظمهم يجهل ذلك.
يوضح الدكتور أوم غاندا، بروفسور مساعد في كلية الطب في جامعة هارفارد والمدير الطبي لقسم الدهون السريري في مركز جوسلين لداء السكري: “إن كنت في مرحلة ما قبل السكري، يشكّل هذا الواقع إشارة إلى ضرورة أن تبدأ بمحاولة خسارة الوزن، لا سيما أن معظم الناس في هذه المرحلة يعاني زيادة في الوزن”.
ويُعتبر الوزن الزائد، خصوصاً الدهون المتراكمة حول البطن، إشارة بارزة إلى مقاومة الإنسولين، وهي حالة تمهد لمرحلة ما قبل السكري، وفق الدكتور غاندا.
مشكلات وأنواع
السكري داء تبرز فيه المشاكل المرتبطة بالإنسولين، وهو هرمون يُفرزه البنكرياس ويسمح للخلايا في الجسم بامتصاص الغلوكوز (السكر) بغية إنتاج الطاقة. يظهر نوعه الأكثر شيوعاً، داء السكري من النمط الثاني، عندما يصبح الجسم مقاوماً للإنسولين أو عندما يتوقف البنكرياس عن إنتاج كمية كافية من هذا الهرمون.
لم يتوصل العلماء بعد إلى تكوين فهم كامل عن أسباب مقاومة الإنسولين الأساسية.
ولكن يسود الاعتقاد أن كمية دهون الجسم الكبيرة وعدم القيام بمقدار كافٍ من النشاط الجسدي يؤديان دوراً مهماً في ذلك.
وأظهرت البحوث في هذا السياق أن دهون البطن تنتج الهرمونات والمواد الأخرى التي تحفّز الالتهاب المزمن، ما يساهم في مقاومة الإنسولين. كذلك ربطت دراسات عدة غياب النشاط الجسدي بمقاومة الإنسولين.
إن كنت تعاني مقاومة الإنسولين، تعجز خلايا العضلات، والدهون، والكبد عن امتصاص الغلوكوز بسهولة من الدم.
نتيجة لذلك، يرتفع معدل السكر في الدم. رداً على ذلك، يحاول البنكرياس مجاراة هذا الطلب المتنامي بإنتاج مزيد من الإنسولين.
ولكن بمرور الوقت، تتعطل الخلايا المنتجة للإنسولين في البنكرياس، ما يؤدي إلى مرحلة ما قبل السكري وداء السكري في النهاية.
قوة الوقاية
يلقي الأطباء اليوم مسؤولية وباء “ما قبل السكري” الحالي على الانتشار الواسع للسمنة بين البالغين في عدد من الدول، خصوصاً الولايات المتحدة حيث تبلغ معدلاتها راهناً نحو %35، وفق الدكتور غاندا. ولكن إن كان معدل السكر في دمك مرتفعاً، لا تحتاج إلى تغييرات جذرية كي تلمس تحسناً كبيراً. أظهر برنامج الوقاية من داء السكري (دراسة بالغة الأهمية نُشرت قبل 15 سنة) أن خفض 150 سعرة حرارية يومياً وإمضاء 30 دقيقة في المشي السريع طوال خمسة أيام في الأسبوع يحدان من خطر الإصابة بداء السكري بأكثر من النصف (%58). كذلك عليك أن تتفادى النشويات المعالجة، مثل الأرز الأبيض، والأطعمة المعدة من الطحين الأبيض، والأطايب الغنية بالسكر مثل الحلويات والمشروبات الغازية.
صحيح أن خسارة الوزن تشكّل خطوة مهمة، إلا أنها ليست ضرورية.
يضيف الدكتور غاندا: “أنصح مرضاي بألا يستسلموا إن لم يخسروا الوزن”. فإذا واظبت على التمرن بانتظام، تتبدّل تركيبة جسمك حتى لو لم تخسر الوزن.
فتراجُع كمية الدهون وتنامي الكتلة العضلية يحسنان رد الفعل تجاه الإنسولين، شأنهما في ذلك شأن التمرن بحد ذاته. يقول البروفسور: “يمكننا تشبيه التمرن بتقديم كمية أكبر من الإنسولين للجسم”.
نصائح بشأن الفحوص
من الضروري نحو منتصف العمر أن يخضع البالغون لفحص بغية التحقق من الداء السكري. وإذا كنت تجري فحوصاً دورية تحت إشراف طبيب عام، فلا شك في أن معدل السكر في دمك بعد الصوم يُقاس كجزء من فحوص الدم هذه. إن كان معدل السكر في دمك يتراوح بين 100 و125 مليغراماً/ديسيلتر (أو بلغ مقياس HbA1c 5.7 إلى 6.4)، فمن المرجح أن يطلب منك الطبيب إعادة الفحص بعد بضعة أسابيع.
وإذا لم تتبدل النتيجة وشخّص الطبيب بأنك في مرحلة “ما قبل السكري”، فعليك مضاعفة جهودك كي لا تتطور حالتك وتُصاب بداء السكري. لا يزيد هذا الداء خطر الأمراض القلبية والسكتة الدماغية فحسب، بل يؤذي أيضاً الكليتين، والأعصاب، والعينين. من المؤكد أن الغذاء الصحي والتمرّن بانتظام يحسنان أيضاً ضغط دمك ومعدلات الكولسترول.
أما إذا بلغ معدل السكر في دمك المستويات التي يُعتبر معها المريض مصاباً بداء السكري (126 مليغراماً/ديسيلتر أو أعلى)، فتنصحك التوجيهات الوطنية الأميركية بتناول دواء ستاتين حتى لو لم تكن معدلات الكولسترول في دمك مرتفعة. ولكن ماذا عن التقارير التي تشير إلى أن تناول الستاتينات يزيد خطر الإصابة بالداء السكري؟
صحيح أن عدداً من الدراسات أظهر زيادة متواضعة في حالات داء السكري الجديدة بعد البدء بتناول الستاتين، حسبما يشير الدكتور غندا، ولكن من المرجح أن هؤلاء كانوا سيُصابون بالداء السكري في مطلق الأحوال نظراً إلى نمط حياتهم المشترك أو عوامل الخطر الجينية التي يواجهونها. في مطلق الأحوال، تفوق فوائد تناول الستاتين خطر الإصابة بداء السكري. يختم الدكتور غندا: “يُعتبر تفادي مرض قلبي وعائي أكثر أهمية من الوقاية من السكري”.