![](https://www.shula.news/wp-content/uploads/2019/10/4-195.jpg)
يبدو أن ظاهرة هروب الطلبة من مدارسهم بدأت تتفشّى لتصيب قطاعات أخرى في البلاد، ومنها قطاع العاملين في الجهات الحكومية.
فما الأسباب التي تدفع الموظف إلى الهروب واختلاق الحجج الواهية للاستئذان من العمل؟ هل بات العمل بيئة طاردة لموظفيه؟ هل صار الموظف متّهما بالتقصير، وكان لزاما تطبيق نظام البصمة، من أجل إلزامه بالدوام؟
القبس تطرح هذه الأسئلة وغيرها في سبيل إجلاء الحقيقة بشأن هذه الظاهرة.
تقول عنود، الموظفة في قسم السكرتارية في إحدى المدارس الحكومية: إنها كلما حاولت الاستئذان وقفت المديرة لها بالمرصاد، لتمنعها منعا باتا؛ بحجة أن الاستئذان يجب ألا يتجاوز ثلاث مرات في الشهر.
عنود تختلق الحجج الواهية للتغيّب؛ إما «عرضيا» طارئا أو «مرضيا»، لأن المديرة ضيّقت عليها الخناق، وجعلتها تفكّر في الهروب من العمل بأي شكل من الأشكال، حتى لو ادعت المرض وتمارضت.
أما تهاني فهي موظفة في إحدى وزارات الدولة، ولم تجد الراحة من مديرتها، فكثيرا ما كانت تراقبها وتشعرها بالتقصير، وتكثر من انتقادها اللاذع لعملها، ما جعلها تتراجع في أداء عملها؛ لأنها رأت أنها إذا عملت أو لم تعمل فالأمر سيّان.
ساحة نزال
ويعمل محمد موظفاً في إحدى المؤسسات التعليمية، لكنه كره جهة عمله، لأن مكان عمله تحوّل إلى ساحة نزال بينه وبين مديره الذي يرفض أن يناقشه أحد، وعلى الكل التنفيذ لجميع الأوامر بلا تفكير أو اعتراض، ومن يحتج أو يعترض فستنهال عليه أشكال العقوبات التي يسجلها بقرارات تعسّفية جائرة، مستغلا سلطته في توقيع العقوبات على الموظفين.
محمد أمام أجواء كهذه، اتخذ من الغياب ذريعة كي لا يحتك بمديره، وصار الغياب فرصة ذهبية لعدم رؤية المدير.
شواذ القاعدة
لكن حصة عكست قاعدة الهروب من العمل، إلى عشق العمل والتفاني فيه وبذل الجهد والوقت من أجل الإنجاز، وعندما سألناها: ما السبب؟ قالت إنها تعمل في إحدى المناطق التعليمية، ومديرها يعاملها وجميع الموظفين معاملة إنسانية راقية؛ فهو يثق بحضورنا مبكرا، ولا يضع الجواسيس لمراقبتنا، بل على العكس فهو يمدح ويقدر كل التقدير إنجازاتنا في العمل، ويمدنا بعبارات تشجيعية يوميا، وإذا طلبنا الاستئذان لم يحتج ولم يمانع، وكان يقول: كل موظف له الحق في الاستئذان، ولو كان بصورة يومية، فهو لم ولن يمانع، ما دمنا نعمل بجد واجتهاد وننجز المطلوب منا.
والعجيب في الأمر أنه إذا جاء وقت الإجازة الأسبوعية تصاب حصة بالاكتئاب، وأصبحت تكره العطل الرسمية؛ لأن عملها تحوّل من سجن إلى بيئة جاذبة للموظف بسبب مديرها الناجح في حُسن تعامله وبرقيّ أخلاقه وسمو تصرّفاته النابعة عن ذوق رفيع، والأهم أن الجميع يشعرون بالعدالة معه، فأحبوه وأحبوا عملهم.
إن حبتك عيني
كرهت ابتسام، التي تعمل في أحد البنوك، عملها؛ لأنها وجدت مديرتها تعامل موظفاتها وفق مبدأ «إن حبتك عيني ما ضامك الدهر»، فمن تربطها بها علاقة معرفة أو نسب أو قرابة تدللها، وتسمح لها بالتأخير، وبالاستئذان كثيرا بلا حساب، والعكس صحيح، وهنا كان لا بد من الهروب من العمل بأي فرصة سانحة؛ فالعمل بات بيئة طاردة لموظفيه، الذين يشعرون بالظلم وبالتفرقة العنصرية في التعامل.