المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

«هارفرد».. صرح علمي أم شركة تجارية؟!

شهدت كلية هارفرد لإدارة الأعمال انتقادات لاذعة مؤخراً. ففي كتابه الجديد «جوار السفر الذهبي»، يقول داف ماكدونالد إن كلية هارفرد فقدت تاجها كأكبر كلية إدارة أعمال في أميركا، فضلاً عن أنها أصبحت أرضاً خِصبة للسلوك المسموم، إلى جانب تضارب المصالح الذي تعاني منه الكلية، في حين حمّل خريجيها مسؤولية ترويج الشكل الجشع للرأسمالية الذي يفسر الكثير من العلل التي يعاني منها أكبر اقتصاد في العالم.

يعتبر ماكدونالد الذي ألّف كتباً سابقاً عن شركة ماكنزي للاستشارات، وبنك جي بي مورغان تشيس، كاتباً موثوقاً. ولكن مجلة إيكونوميست تتساءل عن السبب الذي يدفعه الآن لمهاجمة كلية هارفرد العريقة في كتابه الجديد، وهل هو محق في انتقاداته؟
تأسست كلية هارفرد لإدارة الأعمال في عام 19088، كجزء من جامعة هارفرد، ولعبت دوراً مهماً في عالم الأعمال الأميركي. عدا عن ذلك، كان للكلية تأثير كبير على تشكيل المؤسسات الكبيرة في بداية القرن العشرين، وساعدت على تكوين القاعدة الصناعية التي أتاحت للحلفاء الفوز في الحرب العالمية الثانية. في العقود القليلة الماضية، شَغَل خريجوها الحاصلون على ماجستير إدارة الأعمال مناصب مهمة في نخبة شركات وول ستريت المتخصصة بالاستشارات والإدارة. حتى في «سيليكون فالي»، التي تعد كلية هارفرد لإدارة الأعمال ضعيفة نسبياً فيها، فإن نحو 10 في المئة من كبرى الشركات الخاصة التي تزيد قيمتها على مليار دولار- أسسها على الأقل أحد حملة شهادة ماجستير إدارة الأعمال من كلية هارفرد لإدارة الأعمال. ويدفع طلبة الكلية رسوماً عالية بهدف الاستفادة من منهجها التعليمي «دراسة الحالة»، القائم على نماذج من الواقع، وأيضاً لشراء حقوق استخدام اسم «هارفرد» وشبكة خريجي كلية هارفرد لإدارة الأعمال من أجل الحصول على وظائف بأجور مرتفعة.
يقول مؤلف كتاب «جواز السفر الذهبي» إن كلية هارفرد خفضت الكثير من المصاريف بإغلاق الكثير من الوحدات وخسرت قدرتها التنافسية. وفي حين ارتفعت مبيعاتها وفق معدل نمو مركب يساوي 8 في المئة خلال العقد الماضي، فإن التكاليف هي الأخرى ارتفعت بنسبة 7 في المئة. إضافة إلى هذا، أخفقت الكلية في التحكم بموضوع تضارب المصالح على نحو ملائم. على سبيل المثال، تمنح الكلية الشركات حق النقض «الفيتو» على دراسات الحالة المكتوبة عنها، بينما يستطيع الأكاديميون الحصول على مبالغ من الشركات التي يدرسونها. كما ارتفع متوسط رسوم الفصل الدراسي الواحد في برنامجها لماجستير إدارة الأعمال 30 في المئة تقريباً في غضون خمس سنوات. ومع أن الكلية خرجّت مفكرين كباراً، مثل مايكل بورتر، فإنها فشلت حتى الآن في تخريج أجيال جديدة من النجوم.
وفي ظل ما تعانيه الكلية اليوم، يرى ماكدونالد أن أمام الكلية خيارين اثنين، الأول أن تركز بشكل أكبر على الجودة وموضوعية أهدافها وتقليص الاعتماد على أموال المتبرعين والتهافت على الشركات. ولكن هذا الخيار قد يدفعها إلى اتباع قيود صارمة بشأن تضارب المصالح. أما الخيار الثاني، فهو أن تعترف بوضعها كشركة تجارية وليست صرحاً للعلم والمعرفة. وإذا كان باستطاعتها خفض التكاليف إلى مستواها قبل خمس سنوات، وإذا ما تم تقديرها على أساس متوسط مضاعفات ربحية الأسهم في سوق الأوراق المالية، فإن قيمتها قد تساوي 5 مليارات دولار. وإذا تم إدراجها في الأسواق، فإن جامعة هارفرد ستحصل على أرباح خاصة كبيرة يمكن أن تضعها للأعمال الخيرية، ويمكن تحرير كلية هارفرد لإدارة الأعمال لمتابعة مصالحها الشخصية بلا هوادة كما يفعل خريجوها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى