المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

امن ومحاكم

نواب وقانونيون: دستورنا توافقي ومرن والخلل في كيفية تطبيقه

  • الفيلي: مرونته تجعل مواده قابلة للتعديل ومعاناتنا في التعامل مع السلوك الاجتماعي
  • المليفي: دستورنا رقبته كادت تنكسر بسبب «ردة سياسية» نعيشها وممارسات منحرفة
  • الدلال: الدستور آلة «جيمت» مع الأيام.. لكن وجوده بسلبياته أفضل من عدم وجوده
  • الدوسري: كيف يتساوى المواطنون وهم مختلفون في المواطنة؟!

 

نظمت جمعية المحامين أمس حلقة نقاشية بذكرى مرور 56 عاما على التصديق على دستور الكويت بعنوان «دستورنا بين التطبيق والحاجة للتعديل» شارك فيها سياسيون وقانونيون وأدارها رئيس لجنة الدفاع عن الدستور وحماية المشروعية المحامي مصطفى ملا يوسف.

دستور توافقي

في البداية، تحدث أستاذ القانون العام في جامعة الكويت والخبير الدستوري د.محمد الفيلي قائلا إنه عندما أقر الدستور أقرت معه لائحة تعديله، مشيرا إلى أنه وضع من قبل هيئة منتخبة ووافق عليها رئيس الدولة ما يعني أنه يسمح بتعديله من قبل هيئة منتخبة ويوافق عليها رئيس الدولة.

وذكر الفيلي ان الدستور لم يعدل رغم مرور أكثر من 50 عاما على إقراره، وذلك لأنه توافقي ووضع ليتسع للمقبول والمأمول على عكس القوانين المعروف أنها نادرا ما تتضمن فكرة المستحب، كما أن من وضعه حرص على وضع دستور مرن يمكنه السير بأكثر من سرعة.

وأفاد بأن تحقيق بعض الحريات كالأغلبية البرلمانية أو الحكومة المشكلة وفق نظام برلماني تقليدي أو متوافقة مع أغلبية البرلمان، أمر لا يحتاج إلى تعديل الدستور، مؤكدا أن الدستور الحالي لا يمنع ذلك بل يعتبره الأصل.

وأضاف ان تحقيق مثل هذه الحريات لا يحتاج إلى تعديل للدستور بل لأغلبية برلمانية يرتبط عملها إما بالجانب الواقعي والمتعلق بالناخبين والبرنامج السياسي، وإما بالجانب القانوني يتعلق بالعمل القانوني للأغلبية وفق الأحزاب أو الكتل وغيرها، وهما جانبان غير مرتبطين بذات الدستور.

ورأى ان الدستور لا يمنع التعديل إلا أنه لم يتم استخدام إمكانياته الكاملة حتى الآن، ضاربا بذلك مثالا على رغبة البعض في تغيير هواتفهم رغم أنهم لم يحسنوا استخدام إمكانياتها المتميزة، داعيا إلى استخدام هذه الإمكانيات قبل اللجوء إلى تعديل الدستور وفق المواد 174 و175 و176.

وأوضح ان الدستور أحد أدوات السلوك الاجتماعي وليس الأداة الوحيدة، مشيرا إلى أن السلوك الاجتماعي يحتاج أحيانا إلى أدوات غير القانون، وأن ما يحدث هو وجود عجز عن إحداث التغيير المطلوب في السلوك الاجتماعي، كقضية معالجة فكرة الفئوية في الانتخابات الفرعية حيث لم تعالج بالوسائل الاجتماعية بل وضعت لها آلية قانونية معقدة حتى نزيل عن كاهلنا المسؤولية.

دستور مرن

بدوره، أثنى الوزير السابق د.أحمد المليفي على المجلس التأسيسي الذي شكل الدستور خلال سنة والتزم بالمهلة القانونية المحددة لذلك، وتحدث عن مواقف شجاعة لبعض من شاركوا بمناقشته ووضع مواده أبرزهم الراحلون الشيخ عبدالله السالم والشيخ جابر الأحمد والشيخ سعد العبدالله وعبدالعزيز الصقر، حيث رفضوا سرية المناقشة وأبدوا ملاحظات مهمة أسهمت بإخراجه بشكل متميز.

وشدد المليفي على وجوب الفخر بالدستور الحالي الذي لا يحتاج إلى تعديل وفق رأيه، مشيرا إلى أن لدينا دستورا وضعه الآباء والأجداد لحماية حريتنا وحقوقنا وصون كراماتنا والدفاع عن أموالنا، حيث حذر من المساس به، لاسيما في هذه المرحلة الحرجة، بوقت ذكر فيه أنه يمكننا تحقيق ما نصبو إليه من خلال هذا الدستور المرن.

وانتقد إساءة البعض لاستخدام مواد الدستور استخداما سيئا، قائلا: «نعيش ردة سياسية بسبب ممارسات انحرفت ولوت عنق الدستور حتى كاد أن ينكسر، وذلك من خلال تغليب الأحزاب والفئوية والطائفية».

اقتتال ودماء

من جانبه، أشاد النائب د.خليل أبل بمن صاغوا مواد الدستور، لافتا إلى أن الدستور والنظام الديموقراطي نعمة من الله بهما علينا دون اقتتال ودماء، عكس دول أخرى عانت مجتمعاتها وضحت بالدماء والأرواح للحصول على جزء من الدستور الكويتي.

وذكر أبل انه على الرغم من الحاجة للتطوير إلا أنه لم تتم ممارسة الدستور والديمقراطية بالشكل الصحيح، مؤكدا عدم وجود أي مشاكل في الدستور إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن بعدم تفعيله وتطبيقه تطبيقا سليما، قائلا: «مواد الدستور تفصل بين السلطات ومع ذلك نشاهد تداخلا بأعمالها، كما أنه يضمن العدالة والمساواة والحرية كدعامات أساسية للمجتمع إلا أنه في كثير من الأحيان لا نتلمس ذلك».

وأوضح ان الخلل الحقيقي يكمن في النفوس، مبينا انه لو فرضنا أننا نريد تعديل الدستور فسيكون لدى البعض تساؤلات حول الجدوى والمصلحة والمغزى من تعديل أي مادة عكس ما كان يحدث عندما وضع الدستور، حيث كانت هناك ثقة بين أعضاء لجنته غير موجودة حاليا، لذا يصعب تعديل الدستور في الوقت الحالي.

وأشار أبل إلى أهمية تعديل سلوك المجتمع وخلق الثقة قبل الحديث عن تعديل الدستور، مشيرا إلى أن لدينا معاناة تكمن باختطاف المجتمع، وضرب بذلك مثلا للحسابات الوهمية التي قد تختطف المجتمع في غضون ربع ساعة من خلال «هاشتاق».

نظرة مستقبلية

من جهته، أثنى النائب محمد الدلال على شجاعة مؤسسي الدستور وثقافتهم التي نظرت إلى مستقبل الكويت في وقت كانت فيه الدولة أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات أشبه بقرية لدى سكانها ثقافة بسيطة، حتى أنجزوا دستورا بنظرة مستقبلية ثاقبة من خلال وثيقة ضمنت الحقوق والواجبات.

وأكد الدلال أهمية وجود الدستور حتى إن تضمن بعض السلبيات على عدم وجوده، بوقت وصف فيه الدستور بالآلة التي تعبت و«جيمت» مع مرور الأيام وتحتاج للتطوير.

وأوضح ان المعاناة الحقيقية هي مع سوء الإدارة وفشلها بتنفيذ مشاريعها وواجباتها، مشيرا إلى أنه بعد تجربة الدستور على مدى 50 عاما تبين أن لدينا مشكلة كبيرة مع الإدارة الحكومية والبرلمانية بدليل المشكلة التي خلفتها الأمطار الغزيرة والتي جاءت نتيجة مجالس ووزارات سابقة ومتعاقبة، وهو ما يدعونا إلى الحديث عن أهمية التطوير.

ورد الدلال على من ينادي بأن تبقى أوضاعنا على ما هي عليه أفضل وعلينا شكر الله، بقوله: «هذه عقلية لا ترضى التطوير فكيف يمكننا معالجة المادة 56 التي تشترط المشاورات في اختيار الوزراء دون علمنا بهذه المشاورات، وكيف يمكننا التعامل مع المادة 98 التي تلزم الحكومة بتقديم برنامجها فور تشكيلها وهو ما لا يحدث».

وأشار إلى أن بعض الدول قامت بتعديل دساتيرها أكثر من مرة بعد أن وجدت صعوبة في التعايش معها، مضيفا اننا بحاجة ماسة إلى أخذ نص نص في دستورنا، وتفعيلها جميعا بالإضافة إلى مناقشة وبحث عملية التعديل والتطوير وصولا إلى إدارة حكومية أفضل، وهو يتطلب مجهودا كبيرا من جميع الجهات.

مؤسسون عظماء

من ناحيته، وصف المحامي د.محمد الدوسري، مؤسسي الدستور بالعظماء الذين ضحوا كثيرا حتى نحصل على حريتنا وحقوقنا من خلال دستور خط بعد نقاشات جميلة خلت من النفاق والكذب اللذين انتشرا كثيرا في الوسط السياسي.

وحول مدى الحاجة إلى تعديل الدستور، ذكر المحامي الدوسري ان الخلل الحقيقي يكمن في تطبيق الدستور لا مواده، مشيرا إلى أن الدستور كفل العدل والحرية والمساواة وشدد على أن يكون الناس سواسية، إلا أنه في أرض الواقع لا نشاهد ذلك وخير دليل هو مواد الجنسية، حيث استغرب من كيفية تساوي المواطنين وهم متفاوتون في المواطنة.

وانتقد الإدارة الحكومية وما تتخلله من فساد وعجز حسب وصفه، مدللا على ذلك بقضية الأمطار وغرق الشوارع والأنفاق وتكسير زجاج بعض المركبات جراء الحصى المتطاير، إلى جانب إهمال مدينة صباح الأحمد السكنية ومعاناة أهاليها صيفا وشتاء بالرغم من أنها سميت على اسم صاحب السمو الأمير.

كما انتقد الدوسري الأداء النيابي في مجلس الأمة وتعاطيه مع بعض القضايا وفق الدستور، مشيرا إلى أن وضعنا في السابق أفضل بكثير عما نعيشه الآن وبجميع المستويات والمجالات، وهو بسبب عدم التطبيق السليم للمواد الدستورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى