المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

نزعة ابتسامة ..

بقلم : منيرة المخيال

 

 

أحد السلف كان أقرع الرأس..أبرص البدن .. أعمى العينين..مشلول القدمين واليدين ..
و كان يقول: (( الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيرا ممن خلق
وفضلني تفضيلا ))
فمر رجل و قال : مما عافاك ؟؟ أعمى وأبرص وأقرع مشلول .. مما عافاك ؟؟
فقال : ويحك يا رجل ألم يجعل لي لسانا ذاكرا و قلبا شاكرا و بدنا على البلاء صابرا ؟؟

رجل ابتلاه الله بما لاحول ولاقوة له به فآثر التعايش والحب والرضا على الرفض والكره والسخط ، نادرا مانواجه من الناس من هم على هذا القدر من القوة ، يهزمون كل آلامهم ، بل يحولون كل هزيمة الى انتصار ،
حين تجدهم ستدهمك السكينة حين تجالسهم ، يشعرونك بأن الأمور طيبة وعلى أفضل مايكون ، هم كريحانة شقت طريقها عبر أرض تصدعت من الجفاف يملكون من الجمال والمتانة والقوة مايجعل همك يقف صغيرا أمامهم ..
يلهمون الرضا والسعادة لكل من حولهم
تعلو شفاههم ابتسامة تزيدهم جمالاً ، مهما كانت همومهم فهم يحتفظون بها في قرار بعيد ناءٍ لا أحد يعرف إليه طريق .
يسرقون من لحظاتهم الآنية ضحكة على طُرفة عابرة أو على مشهد عادي ، يضحكون بمبالغة لعل قلبهم ينخدع بصوت الفرح ، لهم نفوس ندية تقاوم عجاف الأيام .
في عز ألمهم يغالبون دموعهم فينظرون للسماء باحثين عن جفافها .. أو قد يدعون أن قذى قد دخل في العين ..
حين تصادف هؤلاء الأبطال ستستصغر همك وتزول غصتك وتتفه آلامك ..
حين يرزقك الله في دروب الحياة من هؤلاء النوادر تشبث بهم وحاول مجالسته قدر ما يعطيك القدر ، وثق أن الرضا والفرح سينتقل إليك منهم ..
رأيت تلك الصوّامة القوّامة الصابرة حين ابتلاها الله تعالى بالمرض و اشتد بها الألم ، كنت كلما سألتها عن حالها اجابتني برضا أنا بخير و طيبة …طبت حية وميتة .. طبت ففي أحلك اختباراتك تمسكت بيقينك .. طبت وطابت ذكراك وطاب صبرك ..
ورأيت تلك الثكلى التي انقطع عنها حب الحياة بانقطاع نفس فلذة كبدها ، ولاينفك لسانها عن الحمد والشكر والصبر ..وذكرها لفضل الله عليها ورحمته..
وجدت تلك الأم المبتلاة بإطفال معاقين ، وأب كره وجودهم في حياته فرحل عنها وعنهم وتركها معهم لوحدها ، كان يومها الاعتيادي عبارة عن مأساة ، منذ الاستيقاظ صباحاً الى وقت نومها ،كل يوم لها موقف يُبكي الحجر وهي تتحدث لاتفارق محياها الابتسامة ، كل مشكلة تواجهها تقلبها الى قصة طريفة ، سعيدة هي بهم في حياتها تقول هم جوهر حياتي وتحدياتي المستمرة للفرح

الحب والرضا والسعادة تنبع من التكيف مع الحياة والتي ليست دائماً كما نرغبها ..
يقول طارق شوقي مناكفاً لبيت المتنبي ..
تجري الرياح كما تشتهي السفن
نحن الرياح والبحر والسفن .
ليس بالضرورة تجري بما نريد لكن إن رضينا كانت لنا كما نريد

اللهم اجعلنا لك شاكرين حامدين وبقضائك راضين مرضيين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى