
منذ اليوم الاول من شهر رمضان الفضيل سعى الاحتلال الاسرائيلي في القدس الى استفزاز المقدسيين ومشاعر كل العرب والمسلمين عبر اجراءات تعسفية واعتداءات على نساك ورواد المسجد الاقصى المبارك والتلويح بعزمه على ترحيل اهالي حي الشيخ جراح في القدس والاستيلاء على منازلهم لصالح المستوطنين .
سلطات الاحتلال الاسرائيلية في القدس قامت بما لا يقوم به الا مجنون او من (يجر شكل)مع المقدسيين، فمن الطبيعي ان يكون منع الاذان في المسجد الاقصى بحجة ازعاج المستوطنين ومنع المصلين من الوصول الى مسجدهم والاعتداء على المصلين والنساء في باحات المسجد الاقصى في شهر بمقام شهر رمضان الفضيل سيؤدي الى الانفجار الشعبي المقدسي الذي رأيناه وعايشناه في شوارع القدس .
فجيش الاحتلال في القدس استفز الناس ضمن خطة ممنهجة ومعدة سلفا لهذه الغاية والمقدسيون الابطال لا يملكون من خيارات سوا المواجهة المقدسة التي ابدعوا في خوضها بكل ما اتاهم الله من ايمان ووفاء للقدس والمقدسات الاسلامية والمسيحية .
لقد تابع العالم باسره المواجهات المحتدمة بين المقدسيين وقوات الاحتلال الاسرائيلي في شوارع المدينة وداخل وحول المسجد الاقصى واستطاع المقدسيون ان يسطروا اروع الملاحم البطولية في مواجهة مخططات الاحتلال التهويدية ،لقد استطاع المقدسيين ان يحيدوا الالة العسكرية الاسرائيلية باستخدام ادوات نضالية شعبية وصلت احيانا الى ضرب جنود الاحتلال بالاحذية والحجارة والاعتصامات والهتافات الوطنية الحماسية، كما تحلى المقدسيين بقيم التضامن فيما بينهم فناصروا حي الشيخ جراح وانتصروا لاهل الحي وكل العالم شعر بمعاناتهم فتحرك لاعلان التضامن مع القدس واهلها حتى ان الرئيس الامريكي بايدن طلب من حكومة الاحتلال وقف اعتداءاتها على المسجد الاقصى وعدم ترحيل اهالي حي الشيخ جراح ،لقد استطاع المقدسيين خلال ستة وعشرون يوما من الصمود في شهر رمضان ان يحركوا قضية القدس عالميا واعلاميا واصبحت مدينتنا تتصدر كل الشاشات وموضوع كل التحركات الدولية ودائرة التضامن الدولي والعالمي معنا تتسع وفي غضون ذلك كان جيش الاحتلال يتعرض للاهانة والمهانة في شوارع المدينة العتيقة فاثبت انه جيشا ورقيا لا يصلح لخوض معركة على تطبيق لعبة (الببجي) الشهيرة،،هنا كانت القدس والاقصى محط انظار كل العالم ونتنياهو وجيشه الذي قهره المقدسيين ببرعاتهم وقوة ايمانهم اخفقا وانكسرا اعلاميا وميدانيا ،لقد كانت القدس بكل معانيها حديث الجميع ومحط انظار الجميع وكلنا نتأهب للنصر المظفر على اعتى قوة احتلالية بالتاريخ ومخاسرنا كانت صفرية ومعنوياتنا كانت بأوجها ،،
يوم العشرين من رمضان بدأ نتنياهو وجيشه الكرتوني يبحثان عن مخرج لورطتهما مع المقدسيين وبدؤوا بتسخين الجبهة مع غزة والدفع بتعزيزات عسكرية الى الحدود مع القطاع وحماس بدأت تدخل على الخط اعلاميا عبر رسائل المقنعينو الملثمين والتهديدات التي كان يبحث عنها نتنياهو بل وجد فيها ضالته ،،نعم لا احد يستطيع ان ينكر ان نتنياهو وجيشه الغارق ببصاق المقدسيين كانا يبحثان عن ما يحرف الانظار عن ما يحدث في القدس وينقذهما من ورطتهما مع المقدسيين الذين استطاعوا ببراعة اداءهم النضالي تحييد الالة العسكرية الاسرائيلية فكانت خسائر المقدسيين صفرية في معركتهم مع الاحتلال في المسجد الاقصى وحوله لكنهم حققوا اعلاميا ودوليا ما لم تستطع تحقيقه قوى عظمى، لقد كان سر قوة المقدسيين انهم عزل من كل شيء الا من ايمانهم بحقهم فابدعوا في مقاومة المحتل واصبحوا نموذجا جميلا احبه الجميع.
فجأة ودون سابق انذار وبكبسة زر من حماس انحرفت الانظار عن القدس وكل وسائل الاعلام والمواقف الدولية اصبح موضوعها غزة وصواريخ حماس ..وبعد ان كنا نتحدث عن المسجد الاقصى اصبحنا نتحدث عن برج الهنادي ،،،،وبعد ان كنا نتحدث عن حي الشيخ جراح اصبحنا نتحدث عن حي الشيخ رضوان،،،، وبعد ان كنا نتحدث عن سلوان اصبحنا نتحدث عن جحر الديك ،،،،وبعد ان كانت خسائرنا في القدس صفر اصبحنا نعد الشهداء والجرحى بالمئات في غزة وبعد ان تعاطف كل العالم مع المقدسيين اصبح العالم يندد بصواريخ حماس وبعد ان كنا ضحية احبها كل الاحرار اصبحنا ارهابيين فالرئيس بايدن الذي طلب من حكومة الاحتلال وقف الاعتداء على المصلين وعدم ترحيل اهالي الشيخ جراح هو ذاته بعد يوم من هذا الموقف طالب بوقف الصواريخ الحمساوية وقال ان من حق (اسرائيل)الدفاع عن نفسها وحتى مجلس الامن الذي كان سيجتمع من لبحث ممارسات الاحتلال في القدس ها هو الان يحضر لاجتماع لبحث العمليات الحربية في غزة .
لا ادري لماذا استطاع نتنياهو وجيشه ان يجرنا الى الميدان الذي يحرف الانظار عن جرائمه في القدس وينقذه من ورطته مع المقدسيين الذين كبلوا جيشه بمقاومتهم الشعبية البسيطة في ادواتها لكنها كانت عظيمة في انجازاتها؟؟
لا ادري لماذا قررت (حماس)ان تعطي نتنياهو ما يبحث عنه من نقل المعركة من شوارع القدس حيث المقاومة الشعبية للمقدسيين والتي تضامن معها كل العالم الى الميدان العسكري والصاروخي العابر للحدود والذي لا طاقة لنا به ؟؟
لماذا ساعدت حماس نتنياهو على حرف انظار العالم عن جرائمه واخفاقه في القدس ؟؟؟ ولماذا يسهل علينا ان نقدم انهار من الدماء وجبال من الضحايا الاطفال والنساء والشيوخ في غزة دون ثمن او انجاز؟ لماذا نتعامل مع دماءنا على انها رخيصة والانسان في غزة لا قيمة له فنطعمه لالة الدمار الاسرائيلية دون ثمن ؟؟ ما الذي سنجنيه من تدمير ما تبقى من امل في غزة وجلب الدمار وشبح الموت المحمول على اكتاف صواريخ الاحتلال لاطفالنا في القطاع؟؟ لماذا تغامر حماس بارواح اطفالنا الى هذا الحد ؟ وما هو الثمن السياسي الذي ستجنيه حماس بحرفها الانظار عن القدس وتوريط اهلنا في غزة بما لا طاقة لهم به وبذات الوقت انقاذ نتنياهو من ورطاته المتعددة الاتجاهات ؟ بكل الاحوال انا مع المقاومة التي تحقق اهدافنا ولا تكبدنا خسائر بلا ثمن ،،،مع المقاومة التي تقدر قيمة الانسان الفلسطيني ودمه فدماؤنا ليست رخيصة ومن يسترخصون دماءنا ويسهل عليهم فكرة اراقتها يجب ان يراجعوا وطنيتهم وانتماءهم لفلسطين. انا مع المقاومة التي تكبد الاحتلال خسائر في صورته وتحرك العالم من اجلنا وتبقي على القدس والاقصى في واجهة الصراع مع المحتل وعنوان عظيم للمواجهة والنضال من اجل الحرية والاستقلال.
بعد فترة ستضع الحرب اوزارها وستأتينا الحقيقة حابية على رجليها وسنعرف جميعا اننا خسرنا كثيرا نتيجة لجرائم الاحتلال ومغامرات حماس والحقنا الدمار بوجودنا وقدمنا المئات من الشهداء والجرحى والذي سيقطف الثمار هم الاحتلال وجيشه وجماعة (هي لله) فقط والذي دفع الفاتورة من دمائه هو شعبنا الذي يلاحقه شبح الموت في كل شوارع غزة في وقت اختبيء فيه قيادات حماس تحت الارض وابناءهم على شواطيء تركيا ينعمون باموال شعبنا.
باختصار نتنياهو يحتاج لهذه الحرب ليقوي نفسه امام خصومه داخليا ويحرف الانظار عن جرائمه في القدس وينقذ نفسه وجيشه من الورطة مع المقدسيين، وحماس تحتاج لهذه الحرب لترميم سمعتها وصورتها شعبيا مع تحقيق ما يمكن تحقيقه استراتيجيا لملالي قم على حساب معاناة شعبنا وامنه ومستقبله.