«ميم 3»: «لجنة التظلمات» هل تُنصف الكتاب حقاً؟
لا تزال قضية الرقابة على الإنتاج الإبداعي تشغل الوسط الثقافي في الكويت. وبعد القرارات الأخيرة بشأن تشكيل لجنة للتظلمات تُمكِّن الكتاب الذين منعت إصدراتهم بقرارات رقابية من التظلم، وهو ما يبدو كخطوة متقدمة لإزالة سوء التفاهم بين الكاتب والرقيب، بدا وكأن تلك الخطوة معرضة للتعثر بدورها، على الأقل في نظر عدد من الكتاب والمبدعين، الذين رأوا في تشكيل لجان التظلمات ما يدعو للقلق. «ميم 3»، وهي جماعة ناشطة تطوعية مفوضة من قبل عدد من المثقفين والمبدعين للدفاع عن حرية التعبير، أصدرت بياناً بهذا الشأن وتعريفاً بتشكيلها ودورها.
عريضة تفويض
في رسالة إلى القبس، أوضح أعضاء «ميم 33» أنهم مجموعة تطوعية ناشطة في مجال حرية التعبير والرقابة على الإعلام المرئي، المسموع، والمقروء، تشكلت خلال السنة الماضية لرصد قرارات المنع التي تعتبرها «متعسّفة» ضد الإنتاج الفني والأدبي، وللدفع نحو تحقيق مساحات أكبر من الحرية الإبداعية في الكويت.
ويقول أعضاء «ميم 33» إنهم «اجتمعوا مع عدد من الكتّاب والناشرين وأصحاب المكتبات في الكويت من أجل الحصول على حل لمشكلة تعسّف قرارات المنع الصادرة من وزارة الإعلام، وتم توقيع عريضة من أكثر من 50 كاتباً في الكويت لتفويض المجموعة من أجل التفاوض مع الجهات المعنية لتحقيق هامش أكبر من الحرية الإبداعية في الكويت».
وبحسب ما ذكرته المجموعة، فإن من بين الكتّاب الذين وقّعوا على هذا التفويض الشاعر والباحث د. خليفة الوقيان، والناقد والأكاديمي د. سليمان الشطي، والروائي عبدالله البصيص، والروائي سعود السنعوسي، وغيرهم.
إنصاف المؤلف والناشر
وفي رسالتها ذكرت «ميم 33» أن أعضاءها اجتمعوا من قبل بوزير الإعلام والوكيل المساعد لشؤون المطبوعات والنشر ومجموعة من المحامين والباحثين القانونيين في مجال حرية التعبير وحقوق الملكية الفكرية، كما أنهم التقوا عدداً من من نواب البرلمان، سعياً إلى تنسيق الجهود.
ومن ضمن مساعي المجموعة، بحسب ما جاء في رسالتها، كانت «المطالبة بتفعيل دور لجنة التظلمات من أجل إنصاف المؤلفين والناشرين الذين منعت كتبهم من قبل وزارة الإعلام، والتي كان من المفترض أن تكون فاعلة وقائمة بدورها منذ سنوات».
وكانت لجنة التظلمات قد تشكّلت بموجب القرار الإداري 13/20177 برئاسة الوكيل المساعد لقطاع التخطيط الإعلامي والتنمية المعرفية، وثمانية أعضاء آخرين، وأعلنت اللجنة أنها ستعلن عن قرارها بشأن الكتب المقدمة للتظلم خلال شهر أغسطس.
وذكرت مجموعة «ميم 33» أنها قامت بمحاولات للتواصل مع المسؤولين في وزارة الإعلام من أجل اطلاعهم على مجموعة من التحفظات بشأن طبيعة اللجنة المشكلة وآلية عملها. وتزعم اللجنة أن محاولاتها التي «باءت بالفشل»، بحسب قولها، قد دفعتها إلى إصدار بيان توضح فيه موقفها، وهذا نص البيان الذي بعثت به بهذا الشأن:
نص البيان
أولاً: تتألف لجنة التظلمات من 55 أعضاء (من ضمن ثمانية)، هم موظفون في وزارة الإعلام، من بينهم المستشار القانوني من مكتب وكيل الوزارة، ومدير إدارة الفتوى والرأي، ومدير إدارة المعارض والإصدارات الإعلامية، وموظف من إدارة المعلومات والنشر. ونجد أن اللجنة بهذه التشكيلة تفتقر تماماً إلى الرؤية الموضوعية للنظر في قرارات لجنة المنع. فإذا كانت قرارات المنع أصلاً قد صدرت باسم وزارة الإعلام، فهل يمكن لموظفي وزارة الإعلام التصويت ضد قرارات الوزارة؟ يوجد تضارب شديد في المصلحة بين أعضاء اللجنة بصفتهم موظفين قد يقع على عاتقهم مسؤولية تحصين قرارات الوزارة، وبين دورهم في اللجنة التي يفترض أن تكون محايدة وموضوعية بالكامل في قرارها.
وإذا كانت أغلبية الأصوات داخل اللجنة (من موظفي وزارة الإعلام بنسبة 5 إلى 88)، فهل سيصوت موظف وزارة الإعلام ضد قرارت الوزارة؟ وما الفرصة الحقيقية للكتّاب من أجل الحصول على حكم محايد وموضوعي؟ ولماذا تشكّل وزارة الإعلام لجنة تكون هي الخصم والحكم بعد كل هذه المطالبات بنظام تظلم يتمتع بالموضوعية اللازمة؟ وهي شكلت لجنة التظلمات فعلياً للنظر في قرارات المنع، أم لمنحها الشرعية اللازمة؟
ثانياً: بحسب ما نعلم، لم تقم اللجنة بطلب نسخ من الأعمال المقدمة للتظلم وهي «فئران أمي حصة لسعود السنعوسي، وخرائط التيه لبثينة العيسى» من الكتّاب، فهل ستقوم اللجنة بقراءة العملين لتبيّن سلامة قرار المنع الصادر بحق الكتابين، أم أنها أسوة بلجنة الرقابة التي منعت الكتابين في الأصل، تكتفي بقراءة تقرير الرقيب وتقرّر المنع وفق منطق «ولا تقربوا الصلاة» باجتزاء سطور من سياقاتها بما يتنافر بشكل مباشر مع طبيعة هذه النصوص الأدبية؟
ثالثاً: لم تقم اللجنة باستدعاء الكتّاب المتظلمين ليتسنى لهم تقديم الدفوع والمبررات التي يجدون بناء عليها أن المنع كان متعسّفاً، واكتفت تماماً بما أورده تقرير الرقيب وقرار لجنة المنع، وهذا يعني أنها اكتفت بمعرفة وجهة نظر واحدة، هي وجهة نظر الوزارة نفسها.
بناء على ما تقدم، فإن الأمور حتى الآن لا تبدو في صف الحياد والموضوعية، وأمام لجنة التظلمات اختبار صعب لإثبات حيادها وموضوعيتها. وما نرجوه صادقين هو ألا يكون الغرض الفعلي من تشكيل هذه اللجنة هو منح الشرعية لقرارات المنع، عوضاً عن إنصاف المتضرر من التعسف فيها. كما نأمل أن تنظر وزارة الإعلام بعين الجد في ضرورة إعادة النظر في طبيعة تشكيل اللجنة وآليات عملها لضمان إنصاف الكتاب من تعسف الرقيب.