منصات التواصل.. سوق إعلانية فاحشة الثراء

بين عشية وضحاها؛ أصبح تضخم الحسابات المصرفية لمشاهير التواصل الاجتماعي، حديث الساعة في دواوين الكويت الواقعية والافتراضية، ومثارا لحديث الكثيرين عن «مبالغ طائلة» وأرصدة متضخمة لأصحابها، على وقع قاعدة اعلانية جديدة سرت سريان النار في الهشيم مفادها ان «حسابك المصرفي يتوقف على عدد متابعيك على منصات التواصل»! حيث يجري الإشهار عن مطعم او اتيليه او شيء آخر نظير آلاف الدنانير.
كيف بدأت القصة؟ فالقائمة طويلة بأسماء مشاهير قادتهم الصدفة الالكترونية ليصبحوا ذوي انتشار واسع بين مرتادي وسائل التواصل المختلفة، وقائمة اطول بأصحاب مشاريع يصطفون انتظارا في جداول مواعيد هؤلاء الافتراضيين، للاعلان عن منتجاتهم وخدماتهم.
وليس ثمة مبالغة حين نقول ان انتشار ونجاح مشروع ما، يتوقف على من يعلن عنه في «سناب تشات» او «انستغرام».. فكلما كان المشهور يملك حسابا عامرا بأعداد ضخمة من المتابعين، فإن ذلك يكون مدعاة ليتلقف حسابه اصحاب المشاريع للاعلان فيه عن منتجاتهم، في ظل تنافس تجاري ساخن بين مشاريع اصبحت متشابهة في الشكل والمضمون، بحيث لا يتجاهل اصحاب المشاريع انتشار مشاهير السوشل ميديا للاعلان ليضمنوا التعريف الأسرع بمشاريعهم وتحقيق الارباح، ما جعل «جمهور المشاهير» توابع اكثر منهم متابعين!
سعر «العنوة»
ولعل هذا الامر يفسر ارتفاع اعلاناتهم يوما بعد آخر، فالحاجة لهم لانتشار منتج ما او مشروع معين، تجعل القوة بيدهم وبيد الشركات الاعلانية التي ينتمي لها بعضهم ليحددوا الاسعار، بل ان لكل سبيل اعلاني سعره الخاص، فالاعلان الذي تتحدث عنه «الفاشينستا»، وهي في منزلها ودون عناء لأقل من دقيقة عبر فيديوهات في «سناب تشات»، يكون أرخص من إعلان يطلب فيه صاحب المشروع حضور «الفاشينستا» الى مقر مشروعه، فـ«العنوة» لها سعرها ايضا!
ولقصة تضخم الحسابات المصرفية جانبان، تدور رحى المناقشة حولها في مواقع التواصل وفي المناسبات الاجتماعية، فمن وجهة نظر الجمهور الذي يمثل هو نفسه المتابعين الذين أسهموا في شهرة اصحاب الحسابات، ان تضخم الحسابات البنكية لا يمكن ان يتحقق بإعلان لمطعم او منتج وبالتالي يقع تحت شبهة «غسل الأموال»! في حين يدافع آخرون ومنهم المشاهير بالقول ان تضخم الحسابات امر طبيعي في ظل ارتفاع اسعار الاعلانات التي تتراوح بين 800 و3 آلاف دينار وفقا لعدد متابعي وانتشار المشهور، وبالمتوسط تصل الى نحو 4500 دينار في اليوم الواحد، ما يجعل المبالغ التي يراها البعض خيالية، طبيعية مقارنة بأسعار اعلاناتهم وايضا باقبال اصحاب المشاريع عليهم.
تسليع التواصل
ولا تبدو الساحة مقتصرة على اسماء معينة، او مهارات محددة، فيكفي ان يحقق المشهور «قبولا» لدى فئات واسعة من المتابعين حتى يدخل عالم الشهرة والاضواء والمال، في حين ان مشهور اليوم قد يندثر غدا ليحل محله مشهور آخر.. وهكذا، فالمتابعون الذين يتكاثرون بكبسة زر (follow)، قد يتناقصون ايضا بالسهولة ذاتها!
وتتنوع اساليب المشاهير في كسب الشهرة والانتشار، فالبعض يعتمد على طرح المواضيع الاجتماعية والحديث عنها، ويتخذ آخرون التعليقات الساخرة وسيلة للانتشار، وبعضهم يجد في السياسة طريقا، بينما اتجهت معظم الفاشينستات الى الموضة والمكياج وتنوعت اعلانتهن وتعددت مجالاتها من ازياء ومطاعم واستثمار وعقار وتداول وعلاج.
ويبقى التساؤل، هل هناك شبهات في تضخم الحسابات المصرفية لبعض المشاهير؟ ام ان «تسليع» منصات التواصل خلق سوقا جديدة للاعلانات باسعار جديدة، قد تحتاج الى التنظيم والتقنين لكي يستوعبها المجتمع؟
لا تهمة للربح المشروع
أكد مصدر مطلع لـ القبس أنه وحتى الآن لم تتم إحالة أي من المشاهير إلى النيابة العامة، موضحاً أنه في حال وردت إليها البلاغات فإنها ستتعامل معها، وفقاً للتهمة المتوقعة إحالتهم فيها، وهي «غسل الأموال».
واستبعد المصدر أن تجري إدانة أي من المشاهير، في حال ثبت أن تضخُّم الأرصدة نتيجة إعلانات تجارية، حيث إن ذلك لا يشكّل أي تهمة، ويعتبر حقّاً مشروعاً للربح.
رخصة إعلانية
في معرض تفنيدها لتهمة «غسيل الاموال» قدمت احدى الفاشينستات ملخصا لإيراد المشهور اليومي في الكويت، حيث حسبت المتوسط لثلاثة اعلانات يوميا بـ 4500 دينار، اي 135 الف دينار شهريا، داعية الى اصدار رخص اعلانية للمشاهير ليتمكنوا من ممارسة عملهم الاعلاني بعيدا عن الاتهامات.
إعادة الشهرة
يرى متابعون ان بعض مشاهير التواصل لا يملك رأسمال سوى متابعيه، فعليه ان يحافظ عليهم لأنهم سبيله للكسب، مضيفين ان البعض يتخذ من اسلوب «الفضائح» وسيلة للانتشار، الا انه غالبا ما يكون انتشارا مؤقتا، وان البعض يخلق فضيحة لنفسه ليحظى بالمتابعة!
couples
طغت ظاهرة جديدة على مواقع التواصل، تكمن في تحقيق بعض الازواج انتشارا اوسع واسرع من المشهور الفردي، ذلك ان حياة الازواج ومتابعة يومياتهم تجذب المتابعين اكثر من غيرها، بل ان بعض المشاهير ينشرون تفاصيل دقيقة عن حياتهم الشخصية لضمان استمرار المتابعين لهم.