المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

«معرض العمارة القديمة».. حكمة التعايش مع البيئة

في الطريق إلى مجمع الحمراء لزيارة معرض «العمارة في الكويت القديمة»، يمكنك اكتشاف المفارقة: عمائر حديثة شاهقة تتحدى سماء الليل بإضاءات مبهرة، يضطر الواحد إلى الرجوع برأسه حتى تصل عيناه إلى غاياتها. أما في جناح المعرض نفسه، الذي أقامه المجلس الوطني للثقافة، ضمن مهرجان صيفي ثقافي 13، فسوف تعثر على عمارة من نوع آخر أكثر تواضعاً أمام المكان، لكن ربما أكثر ألفة وحميمية أيضاً.
يكشف المعرض جانباً من العمارة القديمة في الكويت، من خلال عرض مجسمات لبعض الأبنية، مثل بيت السدو، ونماذج من مواد البناء المحلية التي استخدمت في تلك الآونة، مثل صخور البحر والطين، وكذلك بعض المواد التي كانت تستورد من العراق. ويقدم المعرض أيضاً لوحات إرشادية لبعض الأبنية تتناول تاريخها، وطريقة تصميمها ومخططات لموقعها.

جهود المجلس الوطني
على هامش المعرض، صرح د. عبدالله الويشي، رئيس قسم التوثيق والمتابعة للمباني التاريخية بالمجلس الوطني للثقافة، إن الغاية هي التعريف بتاريخ العمارة في الكويت، ودور المجلس في الحفاظ على المباني التاريخية والعمارة التاريخية. ويتناول المعرض المواد المستخدمة في البناء وأسلوبه وطريقته، مع توفر المجسم لأحد المباني المحافظ عليها.
وقال الويشي إن المجلس بدأ دوره في رعاية هذا الإرث المعماري منذ عام 1997 مع إنشاء الإدارة الهندسية، وبدأ يهتم بجمع ودراسة المباني داخل سور الكويت، ثم اتجه إلى المباني الواقعة خارج السور. وأوضح الويشي أن هناك سجلا وطنيا يسمى سجل المباني التاريخية لدولة الكويت، وقد أودع لدى مجلس الوزراء، حتى ينفذ فيه المرسوم الأميري 1 ــ 960، الذي يحافظ على المباني التاريخية في الكويت. كما تمت رعاية وترميم المباني التي دخلت تحت مظلة المجلس الوطني، مؤكدا أهمية المرسوم الأميري الذي أتاح الحفاظ على تلك المباني.
من ناحية التصميم المتبع في تلك المباني، فقد روعي، وفق الويشي، الحفاظ على التقاليد، خاصة في البيوت الكبيرة، فالبيت مقسم إلى أحواش، منها حوش خاص بالحرم، وآخر للديوان. وعادة ما كانت شبابيك حوش الحرم تفتح إلى الداخل لا إلى الخارج، وهو ما كان يعكس الروح المحافظة التي اتسم بها المجتمع في تلك الآونة.
وعدّد الويشي بعضاً من العمارات والأبنية التابعة للمجلس، ومنها بيت دكسن وبيت السدو والقصر الأحمر والمدرسة القبلية، والبوابات وسور الكويت وقصر الغانم وبيت العثمان.

كتاب توثيقي
منح المجلس الوطني فرصة للزائر لمزيد من الاطلاع على الإرث المعماري، من خلال عرض كتاب «الكويت: تاريخ، تراث، عمار 1837 ــ 1950»، الذي يبين المرحلة التي يشملها التوثيق. ويتضمن الكتاب صورا وبيانات وتصاميم الأبنية، التي تم الحفاظ عليها لتبقى شهادة حية على الماضي.
تأتي أهمية المعرض في كونه باباً للحفاظ على الذاكرة التاريخية، فوراء هذه البنية بأضوائها وظلالها، بباحاتها وأعمدتها، قصص وحكايات وحياة كاملة. كما أنها تبرز الطريقة التي تعاطى بها الإنسان مع البيئة بطريقة تبتعد على البهرجة، وتبدو أكثر صداقة لمحيطها المكاني وتفهماً للظروف الطبيعية، بما يحقق الألفة والحميمية، ويبقى على قدر من الجمال الهادئ من دون مغالاة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى