مشروعات البنية التحتية تحتاج مستثمرين وليس مقاولون

تعرّض المشهد التجاري لدول الخليج منذ انخفاض أسعار النفط في 2014 الى تغييرات جذرية وتحولات شاملة، ولكن الحكومات والشركات العاملة في المنطقة لم تستشعر تأثير هذا التحول بالكامل حتى الآن.
وفي هذا السياق، قالت مجلة ميد إنه قبل 2014 كان النموذج الأساسي المعمول به في المنطقة بسيطا، فإذا سارت جميع الأطراف حسب الخطة فإن المشروع يسلم الى شركة ما تقوم بعملها وتتلقى المال مقابل ذلك وتحقق الأرباح في نهاية المشروع.
ولكن في ظل الضغوط التي تتعرض لها الأوضاع المالية الحكومية في الوقت الحاضر، أصبحت الحكومات تدرك أن النموذج التقليدي لتنفيذ المشاريع لم يعد كافيا إذا أريد للمنطقة ان تحافظ على بنيتها التحتية وتحقق طموحاتها الاقتصادية. وأشارت المجلة الى انه بدلا من ذلك، أصبحت الحكومات في جميع أنحاء المنطقة تسعى بحثا عن شركات ترغب في الاستثمار في اقتصاداتها، وهذا القول لا ينطبق على قطاع الإنشاءات فحسب، بل على جميع القطاعات، سواء كانت الصناعة، أو تكنولوجيا المعلومات، أو تجارة التجزئة، أو التمويل، وبات الآن مطلوبا من الشركات ان تنخرط في أنشطة استثمارية في المنطقة إذا أرادت أن تكون ناجحة.
وهذا يتطلب، بالنسبة للبنية التحتية، إعادة النظر بصورة كاملة في النموذج التقليدي الذي يتم تنفيذ المشروعات من خلاله. ففي الماضي كان المقاولون يحضرون الى المنطقة ويفتحون مكاتب لهم وعادة ما يكون هناك فريق لتطوير الأعمال الصغيرة، وبعد تأمين الدعم من مكتب رئيسي في الخارج تبدأ الشركة في النمو التدريجي مع تدفق المشاريع. أما اليوم فإن أصحاب المشاريع يبحثون عن اكثر من ذلك، فبدلا من مجرد التعاقد على الخدمات، فهم يرغبون في الحصول على حلول شاملة للمشاريع لا تقتصر على خدمات البناء فحسب، بل تشتمل أيضا على توفير التمويل اللازم لهذه المشاريع. وهذا يعني أنه بات مطلوبا الآن من الشركات التي تتطلع للعمل في المنطقة أن تلتزم بالاستثمار المسبق في المنطقة قبل أن تتوقع تحقيق الأرباح فيما بعد، ومن هنا فان تجاوب الشركات يجري ببطء تجاه هذه النموذج الجديد الذي يكتسب أهمية بمرور الوقت.
وختمت مجلة ميد بالقول ان بعض الشركات، التي عانت من مشاكل في الفترة الماضية لم تعد مستعدة لتخصيص موارد إضافية تضخها في المنطقة في الوقت الذي تقلص فيه عملياتها. وبالمقابل يتبنى آخرون وجهة نظر مختلفة ويتطلعون للمشاركة في الموجة الجديدة من المشروعات التي كانت في مراحل التخطيط طيلة السنوات الثلاث الماضية.