
على مسافة يوم من انطلاق دور الانعقاد الرابع لمجلس الأمة المقرر افتتاحه غدا الثلاثاء، اختلطت حزمة أوراق على الصعيدين الحكومي والنيابي، وأحاطت بالمشهد السياسي ألغام التصعيد الانتخابي، وعقدة الخلافات الحكومية، ومتلازمة المقترحات الشعبوية.
وليس بعيدا عن كل ذلك، ما تشهده الساحة من حراك وتحضيرات لانتخابات برلمانية لا يزال البعض يعتبرها على الأبواب رغم تأكيدات ابتعاد سيناريو حل المجلس بسبب موجة الاستجوابات.
ماذا بوسع الحكومة أن تفعل لمواجهة المد الرقابي والشعبوي للمجلس؟ وهل أصبح بعض الوزراء في مرمى الخطر الحقيقي؟ وهل توسعت الجبهة النيابية الداعمة للتصعيد؟ تلك أسئلة تفرض نفسها في حضرة دور الانعقاد الجديد الذي بدأت ملامحه تتشكل مبكرا.
خطر متزايد إن أول تحد في المرحلة المقبلة، يتمثل في الخلاف الحكومي – الحكومي الذي لم يعد خافيا، وتأسيسا على ما سيؤول إليه من تسويات، أو تصاعد، ستتفاعل المخاطر التي تتهدد الوزراء أو سيسهل استيعابها. ورغم أحاديث إرهاصات تسوية تلوح في الأفق، فإن الركود لا يزال يحكم المشهد، الأمر الذي يراه البعض بيئة خصبة لدفع السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى الصدام وصولا إلى عدم التعاون مع مجلس الأمة، مع استثمار، التسخين النيابي الذي يفتتح دور الانعقاد بثلاثة استجوابات لوزراء المالية والأشغال والداخلية. ومع التأكيد على أن سيناريو تزاحم الاستجوابات ليس جديدا على المجلس، إلا أن منسوب الخطر الذي يحيق بالوزراء المستجوبين أعلى من أي وقت مضى، وإن كان لم يصل إلى حد الأزمة، فوزير المالية نايف الحجرف يدخل استجوابه الجديد بحصيلة 16 صوتا أيدوا طرح الثقة فيه في دور الانعقاد الماضي في الاستجواب الذي قدمه النائب محمد هايف، إضافة إلى مؤشرات بتحول في المواقف يشي بارتفاع هذا الرقم، وإن كان البعد القبلي، الذي أضفى على الاستجواب في محوره الثاني قد يشكل ثغرة يمكن اختراقه منها.
أما وزيرة الإسكان والأشغال جنان بوشهري، فهي المساءلة الأولى لها، لكنها ممهورة بتأييد ثلاثة نواب اجتمعوا على مساءلتها، هم عمر الطبطبائي، بدر الملا، وثامر السويط، وتحوي صحيفة الاستجواب المقدمة قضايا أثارت استياء شعبيا ولا تزال، في مقدمتها أزمة الشوارع وتطاير الحصى.
وفي جعبة النواب مزيد من المساءلات، التي قد تشكل خطرا متزايدا وحقيقيا على الوزراء في هذه المرحلة الحساسة، لا سيما مع تضاؤل قدرة الحكومة على المناورة واللعب على متناقضات المجلس في حال استمرار الانقسام.
مرونة.. وتهدئة
تدخل الحكومة دور الانعقاد بسلاحين أساسيين، إبداء مرونة في بعض القضايا الخلافية، والوعود بهدف تخفيف حدة الاحتقان واستيعاب المجاميع النيابية، لكن في المقابل، تبين أن المرونة «النسبية» التي أبدتها الحكومة في ملف قانون الاستبدال «قروض المتقاعدين» لم تفلح حتى الآن في شراء رضى النواب، كما أن الدور الأخير لا يتسع كثيرا لشراء الوقت بوعود حلحلة الملفات.
إلى ذلك، بدأت قضية التمسك بالثوابت المالية ورفض التنازلات على حساب المال العام تعود إلى واجهة حسابات الحكومة في مواجهة الاستجوابات،الأمر الذي يصعب مهمة تحييد النواب في الملفات الشعبية، لا سيما بعد أن أقرت اللجنة التشريعية البرلمانية أمس حزمة مقترحات لإسقاط القروض.
ويرى مراقبون أن جسور التواصل بين السلطتين لم تنقطع إلى حد الجزم بانسداد الأفق، ويبقى الرهان على استيعاب المزايدات الانتخابية من أجل إعادة التوازن التشريعي والرقابي في دور الانعقاد الأخير لمجلس الأمة، لا سيما أن خضوع الحكومة للقضايا الشعبوية لن يؤدي إلا إلى مزيد منها، ما يعني جنوح الحكومة نحو الانتحار السياسي.