متحف البلدية آخر موقع لم يهدم في الصفاة

متحف بلدية الكويت في منطقة ساحة الصفاة آخر موقع قديم لم يهدم ومازال يستخدم، عندما زرت هذا المقر رأيته عبارة عن بيت عربي، وجدت فيه المخططات القديمة والصور النادرة، وتاريخ البلدية ونشأتها، وكل ما قدمته من أعمال أوكلت إليها، ورغم حجم المتحف، وقلة المحتويات فانه متحف يغنينا عن كل ما هو قديم من الصور النادرة والمخططات.
كان في استقبالي مدير إدارة العلاقات العامة عبدالمحسن أبا الخيل، وفيصل العصيمي رئيس الاستقبال، وجدت لديهما روح التعاون نحو عملهما، وتشعر بالرضا والسعادة والاطمئنان على المتحف، وكان طموحهما للمتحف الجديد القادم بعد ان يتم بناء موقع البلدية الذي مازال يعملان فيه، ويكون المتحف في مقر المجلس البلدي الحالي، وكل فرد من هؤلاء مشبع بروح عالية، وعلى رأسهم مدير عام البلدية الذي التقيته، حيث شرح لي المخطط الهيكلي الرابع لمشاريع البلدية.
تاريخ البلدية
قال: في عام 1921 تقدم عدد من رجالات الكويت بمذكرة إلى حاكم الكويت آنذاك المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح، الذي تولى الحكم عام 1921 حتى عام 1950، يقترحون إنشاء بلدية وتمت الانطلاقة عام 1930 بعد الزيارة المشهودة التي قام بها كبار التجار الى دولة البحرين، حيث اطلعوا على الاعمال والخدمات التي كانت تقدمها بلدية البحرين، وقد تبنى الفكرة الشيخ يوسف بن عيسى القناعي فطرحها على الشيخ احمد الجابر الصباح، فلبت البلدية كل حاجات المواطنين ولا ننسى دور المجلس البلدي عام 1931، كان عدد أعضائه 12 عضوا، بالإضافة الى الرئيس، استمر العمل بقوانين البلدية من 1930 حتى سنة 1954، حيث صدر قانون جديد بعد أن تولى المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح حكم البلاد.
اضاف: قامت البلدية بعمل كبير على تقدم الكويت من الناحية العمرانية والصحية والاجتماعية والمدنية.
محتويات المتحف
أشار أبا الخيل الى ان بعض المخططات المعلقة على جدران المتحف تدل على مرحلة النمو العفوي ما قبل 1952، والمرحلة العمرانية الحديثة من 1952 حتى الآن، حيث أنجزت أربع دراسات تخطيطية هيكلية، تشمل المخطط الأول للمستشار البريطاني، مخطط البلدية للتنمية، والمخطط الهيكلي الثاني، وإعادة التطوير الأولى للمخطط الهيكلي الثاني للمستشار البريطاني شانكلاند كوكس وشركاه (1977)، ومن محتويات المتحف صورة جوية لمدينة الكويت 1950 نشأت على شكل بيضاوي بحكم موقعها على «رأس عجوزة»، مكونة من ثلاثة قطاعات «الفرضة والنقع»، و«القطاع التجاري» الممتد من ساحة الصفاة حتى البحر، ثم القطاع السكني، وكان يطوقها سور يمتد من البحر الى البحر، ليحميها من الهجمات، وله عدة بوابات، وتقع المقابر في خارجه. أثناء جولتي شاهدت مخططاً لأسوار الكويت القديمة، السور الأول بني عام 1760 من نقعة بن نصف من الشرق الى نقعة سعود في الغرب، ويبلغ طوله 750 متراً، والسور الثاني بني في عام 1811، وكان يشمل عدداً من البوابات من الشرق الى الغرب (القبلة)، بوابة بن بطي، العبدالرزاق، الشيخ، السبعان، مديريس، ابن سعود، بوابة البدر، ويبلغ طول السور 2300 متر، وأما السور الثالث بني في عام 1921 وحددت فيه أربع بوابات: الجهراء، الشامية، البريعصي، بنيد القار. كما أضيفت بوابة خامسة، وهي بوابة المقصب، ويبلغ طول السور 6400 متر.
ومن محتويات المتحف أشار أبا الخيل إلى مخطط هيكلي لمدينة الكويت عام 1952، الذي رفع الى المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، بوضع المخطط لمدينة الكويت باعتبارها مركز النشاط التجاري والإداري، والإدارات الحكومية، وخصصت منطقة للأنشطة الخفيفة، وفي المخطط الاستعمال السكني، والطرق والساحات المكشوفة والحدائق العامة والملاعب، وهذا المخطط ملون ونادر الوجود إلا في المتحف.
ومن متحوياته: صور لبدايات المرحلة العمرانية من دوار الجهراء القديم (شارع فهد السالم) إلى نهاية حديقة البلدية، وتشاهد مخططاً للتنمية 1967، يوضح فيه السكن والصناعة والطرق السريعة واستعمالات أخرى، ومخطط للتنبؤات في النمو السكاني، والعمالة، وتزايد حركة المرور، والكهرباء ــ الصناعة.
وتوجد في متحف البلدية صور نادرة لساحة الصفاة، ومركز الفنطاس والمراكز التجارية والخدمات العامة، وصور كثيرة لماضي الكويت من المطار وقصر السيف وخارج السور، وتشاهد الصندوق المبيت الذي كان يستخدم لحفظ الملابس والمجوهرات، يصنع هذا الصندوق في الهند من خشب الساج والبعض من الأبنوس ويطعم الصندوق بالفصوص النحاسية الصفراء.
وعندما شاهدت الصندوق المبيت تذكرت أنشودة للبنات يقلن فيها:
الصندوق المبيت
حمرن جلاليبه
وتلالئ لواليبه
ولا لي ولاليبه
وكان بعض الأطفال الأشقياء يقومون بنزع الفصوص النحاسية ليزينوا بها الدوامة والنباطة، واتمنى من الاخوة الاعزاء ان يقدموا ما لديهم من الأنتيك لهذا المتحف لأنه خير مكان للحفظ والعرض، والزائر لهذا المتحف، رغم تواضعه، فانه يخرج الزائر بحصيلة ثقافية ومعلومات قيمة عن تطور الكويت منذ بدايات السور الأول إلى وقتنا الحاضر، فهذا المتحف يعرض التراث الذي خلفه الأجداد سواء كانت أشياء عينية أو فنون.
تحفة رائعة
أضاف أبا الخيل: من المحتويات، الباب الخارجي للمتحف، الذي يعتبر تحفة فنية مازال صامداً رغم الظروف الجوية في بلدنا الكويت، وكذلك النوافذ، وهذه القطع تفيد الزائر وتثبت له نواحي العظمة التي تنسب إلى تلك العهود، وهذا الباب يثير السرور الجمالي على المبنى مما يجعل المكان ثقافة وعلما وتعليما وسياحة وذكريات تبين ابداع الأجداد، ومتحف البلدية مبناه وشكله الخارجي هو متحف اثري وتاريخي، وهذا المتحف مفتوح للزائرين، وكثير من السياح يأتون لزيارته ولمشاهدة التطور العمراني والمعالم القديمة، وما يحتويه المتحف الآن يجعله مادة لتاريخ البلدية، من مقره القديم المعروف بـ «الكشك الجنوبي» في ساحة الصرافين إلى هذا المكان في الصفاة.