ما أشبه الليلة بالبارحة!
مشهد متكرر: كاتب يحزم أمتعته ويغادر الكويت بعد منع إقامة ندوته.
كان من المقرر أن يلقي د. يوسف زيدان، صاحب رواية «عزازيل»، محاضرة مساء الجمعة الماضي بأحد فنادق الكويت بعنوان «الأفق الروحي للإنسانية». زيدان حضر الى الكويت بالفعل، ولكن قبل ساعات من إقامة المحاضرة كان واضحا أن ثمة ضغوطا ومطالبات تزداد على الشركة المنظمة لمنع إقامة ندوة زيدان.
بينما كانت الإشاعات تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمنع إقامة الندوة، أعلن زيدان بنفسه عبر حسابه الشخصي على موقع تويتر، قبل موعد إقامة الندوة بـ15 دقيقة خبر إلغاء المحاضرة، وأعلن عبر حسابه أنه سيعود إلى مصر على أول طائرة تقلع من الكويت، ليصبح خبر منع إقامة الندوة مؤكدا. لكن زيدان كان محظوظا، فبعض الكتاب غادروا من المطار، بينما منحت لزيدان حرية المغادرة بعد دخوله البلاد بالفعل.
وفي الوقت الذي أعلن فيه زيدان خبر إلغاء المحاضرة انطلق هاشتاق «# منع_ندوة_يوسف_زيدان» وضم الكثير من ردود الأفعال المتباينة بين مرحب بمنع الندوة، ومن يندد بمنعها.
أنصار الفريق المندد بمنع الندوة وجد في ذلك تعديا على حرية الرأي والتعبير ولا يتوافق مع دولة القانون، ورأى هذا الفريق أن منع المحاضرة يمثل خضوعا لضغوط التيارات الإسلامية، كما تقول تغريدة النائب أحمد الفضل «باسم جميع عشاق الثقافة والتاريخ والموضوعية والعقلانية نرحب بالأديب والمفكر وصاحب رائعة (عزازيل) الدكتور يوسف زيدان، ونرجو من وزارة الداخلية عدم الانصياع لتهديدات التيارات».
بينما احتفى الفريق المطالب بمنع الندوة بالأمر، ووجد أن منعها انتصار لحرمة شهر رمضان، وان أفكار زيدان تشكك في الدين كما تشير تغريدة استاذ الشريعة د. محمد الطبطبائي «نشكر الشركة المنظمة على إلغاء محاضرة (الأفق الروحي للإنسان) التي يحاضر فيها د. يوسف زيدان».
جدل تخطى الحدود
لكن اللافت أن فريقا ثالثا شارك في الجدل، هذا الفريق ضد زيدان وضد طروحاته المثيرة للجدل، ويرى أن كتابات زيدان تقطر جهلا وعنصرية، وطالب هذا الفريق بدل منع إقامة المحاضرة بإقامة ندوة لتعرية زيدان وطروحاته المثيرة للجدل، مثلما طالب الكاتب عبدالله الفلاح في تغريدته «يوسف زيدان سيد للزيف ومزور للحقائق ولديه مغالطات كثيرة.. و«أنا» دنيا. لذا كان على من طالبوا بمنعه على الأقل أن يقيموا مناظرة لتعريته.. إن كانوا يدركون! أما منعه من دخول الكويت فأمر معيب..»
أما المغردة هديل بوقريص فكتبت «الفكر المختلف ليس جريمة، لا تقتلوا الأفكار. منع ندوة الأستاذ يوسف زيدان دليل على أحادية القرار في المجتمع وإلغاء الآخر تقبلوا.. تعايشوا.. فالاختلاف حلال».
واللافت أيضا أن الجدل تخطى حدود الكويت، حيث دخل على خط الأزمة بعض الكتاب الخليجيين، فكتب الكاتب السعودي سلطان بن خميس على حسابه بتوير «تم منع هذا الكذاب وإن كنت افضل مناظرته ليس لإسقاط حجته -لأنه ليس له حجة وإنما خالف تعرف- سيظهر على حقيقته أمام المنغش به». ويبدو أن توابع أزمة منع محاضرة زيدان لم تنته بعد.
مخالفات إجرائية!
اللافت أن السبب المعلن لإلغاء الندوة، وفق ما جاء في تغريدة للنائب أحمد نبيل الفضل، هو «مخالفات إجرائية»، حيث جاء في تغريدته «نعلن أسفنا الشديد لإلغاء الندوة المرتقبة للأديب يوسف زيدان والتي أتت حسب ما أُخبرنا به من المسؤولين بوزارة الداخلية لمخالفات إجرائية قامت بها الشركة الراعية للندوة».
ما يلقي بظلال على قرار إلغاء ندوة زيدان هي سوابق «الفزعات» من أجل منع دخول كتاب ومثقفين كما حدث للراحل نصر حامد أبو زيد، ومؤخرا للباحث أحمد سعد زايد، إضافة إلى بعض ردود الفعل الغاضبة على استضافة الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي من قبل المجلس الوطني للثقافة في معرض الكتاب.
تصريحات ومغالطات
يذكر أن زيدان في السنوات الأخيرة قد اعتاد على إلقاء تصريحات صادمة في ندوات ولقاءات تلفزيونية مثلت تشكيكا في شخصيات وتواريخ إسلامية عدت من «الثوابت»، كما أن إثارتها قد تؤثر سياسيا في قضايا راهنة كزعمه ان المسجد الأقصى في القدس ليس المعنيّ في حدث الإسراء، واتهامه لصلاح الدين الأيوبي بأنه واحد من أسوأ شخصيات التاريخ.
الزميلة الشاعرة سعدية مفرح كتبت في تغريدة لها واضعة القضية على محك الحريات واحترام الرأي، حيث قالت «الأفكار، مهما كانت سيئة ومستفزة ومضللة وظالمة، لا تواجه بالمنع، بل بالنقاشات الحرة».