المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

امن ومحاكم

ماكروبوليس: ضرورة تسريع الإصلاح في الكويت

أصدرت وكالة ماكروبوليس للصحافة والإعلام ومقرها باريس تقريراً عن الاقتصاد الكويتي ذكرت فيه أن تاريخ الكويت الاقتصادي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بقطاع النفط. وشكّلت البلاد – التي كانت في أحد الأيام مركزاً إقليمياً مرموقاً لصيد اللؤلؤ والأسماك- على مر التاريخ جزءاً لا يتجزأ من شبكات العلاقات التجارية الخليجية الإقليمية المرتبطة بالنشاط التجاري عبر المحيط الهندي. وحصلت الكويت على استقلالها السياسي عام 1961 في وقت كانت تنعم فيه بكم كبير من الموارد الهيدروكربونية، الأمر الذي جعلها أحد أهم منتجي النفط في العالم. ومع ذلك، فقد أدركت حكوماتها المتوالية أن النفط الخام في نهاية المطاف ما هو إلا مورد محدود، وقد ثبتت هذه الحقيقة خلال الآونة الأخيرة التي شهدت تراجعاً في أسعار النفط.
وأضاف التقرير: بحلول منتصف عام 2016، أعتقد كثيرون أن تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي وتراجع العائدات الحكومية بشكل حاد في دول مجلس التعاون الخليجي منذ عام 2014 سيثمران عن نقطة تحول مهمة في تاريخ الكويت. وشهدت الدولة – على غرار بقية جيرانها – انكماشاً اقتصادياً حاداً في عامي 2014 و2015، ويتوقّع البنك الدولي اليوم معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي في البلاد بنسبة %1.6 في عام 2017، وارتفاع هذا المعدل بنسبة تتراوح بين %3.5 و%4 على المدى المتوسط، وذلك على خلفية الاستثمارات الحكومية في مشاريع البنية التحتية والتحسن الملحوظ الذي شهده قطاع الاستثمارات الخاصة. بدوره، يتوقع «بنك الكويت الوطني» ارتفاعاً في الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بنسبة %2.5 خلال عام 2017، وذلك على خلفية المصروفات العامة القوية والنمو المستمر للاستهلاك المحلي.وأشارت ماكروبوليس إلى أنه ترتب على تراجع أسعار النفط في الكويت خلال الأعوام الثلاثة الماضية تغير المشهد الاقتصادي للبلاد على العديد من الأصعدة. وتم وضع خطة النمو الاقتصادي «رؤية الكويت 2035» التي ترتكز على التاريخ التجاري العريق للبلاد من أجل ضمان مستقبلها، وتهدف إلى إعادة ترسيخ مكانة الكويت كمركز تجاري مرموق، إلى جانب تطوير العديد من القطاعات المهمة، مثل التمويل والعقارات، لتعزيز مستوى التنافسيّة في الأسواق العالمية.
وتركز هذه الخطة كذلك على إشراك القطاع الخاص بشكل أوسع في القطاعات الاقتصادية التي لطالما كانت تحت مظلة الدولة، وكذلك رفع نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي إلى %64 خلال الأعوام 2015 ــــ 2020، مقارنة مع المعدل المسجل في عامي 2014/2013 الذي بلغ %45.1.
وكما وصفها وزير المالية الكويتي السابق بدر الحميضي: الكويت بلد ودولة عريقة وليست إنساناً قد يعيش 60 أو 70 أو حتى 100 عام، فهي تتمتع بجذور راسخة منذ 300 عام، ونأمل أن تبقى كما عهدناها دوماً. ولكن ماذا لو أعلنا إفلاسنا بعد 10 أو 20 عاماً؟ ماذا سيحدث حينها، يا ترى؟ علينا البحث عن مصادر دخل أخرى».
ويؤكد التقرير أنه رغم التأثيرات الكبيرة التي فرضها انخفاض الإيرادات النفطية، تمكَّنت الكويت ـــ التي تفخر بقدرتها على ادخار احتياطيات مالية ضخمة على مدى العقود القليلة الماضية ـــ من تجنّب التغيّرات المتسارعة التي أصابت عدداً من البلدان النفطية الأخرى خلال السنوات الأخيرة. وكان ذلك بفضل الإجراءات الحاسمة التي اتخذتها الدولة بشأن عدم الاعتماد على احتياطياتها المالية وتعويض خسائر الإيرادات النفطيّة، فقد أعلنت الحكومة الكويتية عوضاً عن ذلك عن مجموعة من التخفيضات في المصروفات، بالإضافة إلى إطلاق العديد من المبادرات الرامية إلى تطوير مصادر جديدة للدخل في القطاعات غير النفطية، وذلك في إطار دعم استراتيجية الدولة في التنويع الاقتصادي على المدى الطويل.
أما على المدى القصير، فقد تجلّت هذه الجهود في زيادة عجز الميزانية، حيث شهدت ميزانية الحكومة لعام 2017/2016 زيادة في العجز، بنسبة قاربت %50 مقارنة بالعام السابق. ولضمان تراجع هذا العجز، يتعين على الدولة تخفيض التكاليف وزيادة الإيرادات بشكل كبير خلال الفترة المتبقية من عام 2017 والربع الأول من عام 2018. وأكد فيصل صرخوه، الرئيس التنفيذي لشركة كامكو، وهي شركة محلية تحظى بمكانة رائدة في أسواق رأس المال: «يتعين على الكويت إجراء العديد من الإصلاحات الاقتصادية مع إيلاء القطاع الخاص اهتماماً أكبر، وكذلك العمل على بناء اقتصاد متنوع غير قائم على النفط، من شأنه أن يجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة».
وللمرحلة المقبلة، تخطط الكويت فرض ضريبة مبيعات ـــ هي الأولى من نوعها في المنطقة ـــ بحلول عام 2018. كما وضعت الدولة خططاً للاستفادة من أسواق رأس المال والقطاع الخاص لتمويل مشاريع البنية التحتية الجديدة. علاوةً على ذلك، كثّفت الحكومة جهودها لتنفيذ مشاريع جديدة على أساس الشراكة بين القطاعين العام والخاصPPP، حيث ستشرف «هيئة مشروعات الشراكة» على برنامج الشراكة بين القطاعين، والذي تبلغ ميزانيته 6 مليارات دينار كويتي (19.8 مليار دولار)، وذلك اعتباراً من مطلع عام 2017.
وأكد صرخوه: «تراجع إنفاق الدولة على مشاريع البنى التحتية لسنوات عدة، ما فرض حاجة ملحة للإنفاق على الاستثمار في هذه البنية من أجل إحياء المناطق وتجديد نظامي التعليم والرعاية الصحية. وفي عام 1990، كان عدد سكان الكويت لا يتجاوز مليون نسمة. والآن وبعد مرور 26 عاماً، ارتفع هذا العدد، بواقع أربعة أضعاف، ما يفرض المزيد من التحديات مع بروز حاجة ملحّة لرفع الكفاءة في عمل الحكومة».
وعليه، تقول وكالة ماكروبوليس إن الدولة تخطط أيضاً للحفاظ على مستويات مصروفات رأس المال الأساسية، والتي تعتبر عنصراً مهماً لدعم النمو الاقتصادي على المدى القريب. وعلى الرغم من عدم تنفيذ هذه الخطط بشكل كامل، فإنها ساهمت بصورة مستمرة في تحسين الآفاق المستقبلية للبلاد.
أمّا على المدى البعيد، فلا شك في أن التأكيد والالتزام المستمرين بتطوير القطاع غير النفطي سيسهمان بشكل كبير في بلورة الآفاق المستقبلية للكويت. وبالفعل، كشفت الدراسات الأخيرة التي أجراها «بنك الكويت الوطني» عن توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاعات غير النفطية بنسبتي %4.5 و%5 عامي 2017 و2018 على التوالي، وهو ما يعادل ضعف توقّعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي عن تلك السنوات. كما أن ارتفاع مستويات الاستهلاك، والاستثمارات الخاصة، يؤثران بشكل إيجابي في آفاق الاقتصاد الكويتي. وبالمحصلة، يبدو أن الكويت تواجه صدمة أسعار النفط من موقع القوة.
يذكر أن وكالة ماكروبوليس متخصصة في إنتاج تقارير شهرية اقتصادية تتناول الأسواق الناشئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى