المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

غرائب و منوعات

ماذا تعرف عن “التحيز المعرفي”؟

هناك فرق كبير بين الفاشل الذي لا يمتلك القدرة، ويعرف أنه فاشل، ومن ثم يحاول أن يعالج سلبياته أو يصحح مواقفه، وبين من يسير في الطريق ويتخبط ويفشل، ويعتقد أنه الأنجح على الإطلاق، ولا مجال للإصلاح، لأنه يرى أنه لا داعي للإصلاح من الأساس!
هذا ما تناوله الكاتب الاجتماعي اوليفر بوركمان في مقاله بصحيفة الجارديان البريطانية، حيث يقول إن هذا ما يطلق عليه عالم النفس الشهير دانينج – كروجر، “التحيز المعرفي” وهو موجود لدى الأشخاص غير المؤهلين، وغير الأكفاء، ولكنهم لا يدركون أنهم كذلك، فيزدادون فشلا على فشل.
وشبه بوركمان حالة هؤلاء بلص البنك الذي ذُهل عقب القبض عليه، رغم أنه لطخ وجهه بعصير الليمون، ويفترض أن أحدًا لن يراه!
وهو أحد أنواع الثقة المفرطة المخيفة، فهي ليست مجرد مبالغة من موهوبين بالفعل في قدرهم، وقدر موهبتهم، ولكنه شعور شخص غير كفء بالكفاءة غير الحقيقية.
وهذه الظاهرة قديمة قدم الإنسانية، لكن في الآونة الأخيرة، زادت وبقوة حتى في الطبقات العليا من المجتمع، وفي الفئات التي لم نكن نتخيل يومًا أن تكون مصابة بهذا الداء.
وأحد الأسباب التي دفعت هذا الداء النفسي في التصاعد، تصاعد تأثير وسائل الإعلام الحديثة، والتي جعلت الجميع يعرف شيئا بسيطا عن كل شيء، وملأت الرؤوس والعقول بالكثير من المعلومات المغلوطة، والمتطرفة وغير الصحيحة، والتي يشعر معها الشخص بالامتلاء والزهو مما يمتلك من معلومات، هي في الواقع سطحية وغير صحيحة، وتؤثر بشكل كبير على القرارات التي يصدرها.
وهو ما ينتج عنه في الغالب خداع كبير للنفس، يؤثر بشكل كبير على الطبقات الأدنى من هؤلاء الاشخاص المصابين بهذا المرض، خاصة الطبقات التي تعمل تحت إدارتهم، خاصة أن أي محاولة اعتراض أو توضيح أو إصلاح تقابل بصلف وغرور شديد، وما يُعرف في عالمنا العربي بـ “العزة بالإثم”.
أما الشخص غير الكفء، ويعرف أنه كذلك، وحتى لو امتلك السلطة فإنه في الغالب يحاول أن يستشير من هو أكثر منه خبرة ودراية، كما أنه يسعى للتعلم الذاتي، وإلا فإنه يتحول للحالة المرضية السابقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى