ماذا ترك للأطفال ليصبح يوم ميلاده يوماً عالمياً لكتبهم؟
يحتفل العالم، في الثاني من شهر نيسان/ أبريل، من كل عام، باليوم العالمي لكتب الأطفال، وهو يوم ولادة الشاعر والكاتب الدنماركي هانس أندرسن (1805-1875) للميلاد، والذي ترك عشرات قصص الأطفال التي ترجمت إلى أغلب لغات العالم ومنها العربية.
ويقام الاحتفال بمبادرة من ما يعرف بالمجلس الدولي لكتب الشباب والمعروف اختصاراً بالأحرف اللاتينية الأولى بـ IBBY، مقره سويسرا، وبدأ الاحتفال بهذا اليوم منذ عام 1967. ويعرّف المجلس الدولي لكتب الشباب نفسه، حسب ما يورده على موقعه الإلكتروني الرسمي، بأنه منظمة غير ربحية تمثل شبكة واسعة من الناس المهتمين والملتزمين بجمع وترويج كتب الأطفال. ويعود الفضل لذلك المجلس، باختيار يوم ميلاد كاتب الأطفال الدنماركي، يوما عالميا لكتبهم.
لم يتزوّج.. أب أدبي للأطفال
واختير يوم ميلاد أندرسن يوماً عالميا لكتب الأطفال، نظراً لما قدّمه هذا الكاتب من قصص لعالم الطفل، اتسمت بتأثيرها البالغ على المخيلة، لما تتضمنه من عوالم الخرافة والسحر والحيوانات والبحار والحوريات والموروث الشعبي الذي يعتقد بأن عوالم (ألف ليلة وليلة) العربية، كانت جزءا منها، وفق مصادر مختلفة بعضها غربي.
ولد الشاعر والروائي هانس كريستيان أندرسن في الثاني من أبريل عام 1805، في مدينة (أودنسه) الدنماركية، لأب يعمل بصناعة الأحذية، إلا أن الشاب الطموح الذي سبق له وسمع “القصص الخرافية” منذ نعومة أظفاره، تبعاً لما قاله هو نفسه، حسب ما أكده المستشرق ستي غاسموس، الحاصل على شهادة الدكتوراه في اللغات السامية، لدى تقديمه لكتاب (قصص وحكايات خرافية) لأندرسن، والصادر عام 2006، قد أصبح يتيم الأب بعمر أحد عشر عاماً، فرحل إلى كوبنهاغن بعد ثلاث سنوات من وفاة أبيه، والتحق بالمسرح لمدة قصيرة، ثم غادره، ونشر هناك أول قصيدة له بعنوان (طفل يصارع الموت) عام 1827.
وحسب ما ورد في كتاب (حكايات أندرسن) الذي ترجمه الدكتور توفيق منصور، والصادر عام 2014، فإن زيارة أندرسن لألمانيا عام 1831، ألهمته كثيراً في أدب الرحلات في عدة أمكنة، منها الشرق الأوسط، حسب الكتاب المذكور الذي يؤرخ للوقت الذي ذاع فيه صيت الكاتب، وهو لدى نشره (حكايات الجن الدنماركية) التي أتمّها عام 1872.
ومات الكاتب دون أن يكون لديه أطفال، فهو لم يتزوج، وعاش قصص حب فاشلة. إلا أن أطفال العالم، يدينون له بعالم السحر والحيوانات والخرافات، وصار أندرسن الذي لم ينجب، أباً أدبياً لأي طفولة أُولى وهي ترمق عالم الطبيعة الساحر والغريب والغامض، دون أن تجد له تفسيرا.
تأثر بالعرب وذكرهم بالاسم
ويقول المستشرق ستي غاموس، إنه من الممكن “مقارنة أدب أندرسن في الأدب العربي بكتاب ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة، مضافاً إليهما وهج شِعر الصحراء العربي، في وصفه عالي الحساسية للطبيعة ومقامات الحريري”.
وأدب أندرسن، أصلا يقوم على محاكاة الموروث الشعبي واستلهام شخوص خرافية وأسطورية تتنقل عبر الألسنة، وتروى قصصها في ليالي الشتاء الباردة في الشمال الأوروبي، خاصة مع طفل يتأثر بما ترويه الأم الميّالة للخرافات المنقولة شفوياً، وكان أصلاً ينصت بدقة لمثل هذه القصص، كما قال. ولهذا فإن أدب الطفل عنده، هو أدب للكبار، في المقام الأول، وكان يعلم أن المسافة بين الكتابة للأطفال والكتابة للكبار، تكاد تكون معدومة، ذلك أن الكتابة للأطفال، تتطلب كل ما تتطلبه الكتابة للكبار، وقد تتجاوزها بالصعوبة والحرفية، في بعض الأجزاء.