لقاء صعب بين أردوغان ودونالد ترامب
من المقرر أن يغادر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الصين اليوم متوجها الى الولايات المتّحدة مباشرة، وذلك للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أول لقاء يجمع بين الرجلين منذ فوز الأخير في الانتخابات الرئاسية الأميركية مطلع العام الحالي. ويأمل الجانب التركي في أنّ يؤدي اللقاء الى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، لاسيما بعدما كانت قد اتّسمت في السنوات الأخيرة لإدارة أوباما بمستوى عال من التوتر والتشنّج والتناقض في المصالح والأولويات.
من المنتظر أن يكون اللقاء صعباً خاصة بعد القرار الأخير للبيت الأبيض الثلاثاء الماضي بتسليح ميليشيات «بي واي دي» الكردية، وهو الأمر الذي أثار غضب الجانب التركي وامتعاضه. ولا شك انّ هذا الملف سيكون على رأس قائمة الملفات المهمّة التي سيتم بحثها بين الطرفين خلال اللقاء.
وطالب الرئيس التركي قبيل سفره الى الولايات المتّحدة بانّ يتم التراجع عن هذا القرار، وكذلك أبدى رئيس الوزراء وزير الخارجية ورئيس الأركان مخاوفهم من تأثير دعم الولايات المتّحدة لحزب ارهابي على الأمن القومي التركي وعلى طبيعة العلاقة مع الولايات المتّحدة. من غير المتوقع بطبيعة الحال أن يقوم الجانب الأميركي بالتراجع عن هذا القرار في وقت قريب، لكن هناك إمكانية في ان يتم طرح بعض الأوراق للمساومة مع الجانب التركي واحتواء الشرخ المتّسع في العلاقة بين البلدين.
في هذا السياق، سيؤكّد الجانب الأميركي أهمّية تعزيز الشراكة مع تركيا كدولة حليفة وبصفتها عضوا فاعلا في حلف شمال الأطلسي، وكذلك على دور تركيا في منطقة الشرق الأوسط.
واقترح الجانب الأميركي قبل أيام أن يتم تعزيز التعاون الاستخباراتي بين البلدين لمواجهة الارهاب، وهو امر مهم ومطلوب بالنسبة الى تركيا، لكنّه ليس كافياً ليكون بمنزلة عرض للسكوت على دعم وزارة الدفاع الأميركية للميليشيات الكردية، ولذلك فانّ مثل هذا الكلام التقليدي لن يحلّ المعضلة الحقيقية التي تواجه العلاقة بين الجانبين. الرئيس أردوغان والوفد المرافق له يحتاج الى ان يرى خطوات عمليّة تظهر مدى الاهمّية التي توليها الولايات المتّحدة فعلاً للشراكة والتحالف القائم بينهما.
احتواء الرد التركي
في هذا الإطار، من غير المستبعد أن تقوم إدارة ترامب باتخاذ خطوة لاحتواء رد الفعل التركي والتمهيد لعلاقات أقل توتراً مما كانت عليه من قبيل عدم الاعتراض على إمكانية أن تقوم تركيا باطلاق عملية عسكرية ضد أماكن تواجد حزب العمّال الكردستاني في شمال العراق، أو ربما اتخاذ بعض الخطوات المتعلقة بفتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، الذي تتّهمه أنقرة بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية التي جرت العام الماضي، كالسماح لأجهزة الاستخبارات الأميركية بالتحقيق معه وفرض الإقامة الجبرية عليه الى حين انتهاء ملفه، أو ربما تسليمه الى السلطات التركية.
لكن مثل هذه الأمور تحتاج الى وقت. وبغض النظر عن ذلك، فانّ الجانب التركي ليس لديه ما يخسره، ولذلك فمن المنتظر أن تتم مناقشة هذه المواضيع بصراحة تامّة، كما من المتوقع ان يطرح الرئيس أردوغان ملفي سوريا والعراق، حيث النفوذ المتزايد للميليشيات الشيعية الايرانية والميليشيات الكردية باعتبارهما مسألة أمن قومي لتركيا. وعمّا اذا كانت الثقة ستعود الى العلاقة بين البلدين، ليتمكنا من فتح صفحة جديدة أم لا، فهذا أمر سيعتمد بالدرجة الأولى على الخطوات الاميركية تجاه تركيا وليس العكس.