لبنان يعلن انتصاراً باهتاً

يستعد لبنان للدخول في عطلة عيد الأضحى، مع استمرار التجاذب السياسي على خلفية تداعيات معركة الجرود التي خاضها الجيش وأنهاها حزب الله بتهريب الدواعش، وسط ترقب لبناني لتداعيات إعلان الانتصار على الإرهاب من قصر بعبدا أمس.
وفي ظل المواقف التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر وتلك التي سيطلقها أمين عام حزب الله حسن نصرالله اليوم من مدينة بعلبك، برز تطور خارجي لافت أجج الاعتراض على صفقة حزب الله- داعش، التي بموجبها انتقل الإرهابيون من حدود لبنان إلى الحدود العراق آمنين، حيث أعلن التحالف الدولي أنه نفذ غارة عرقلت تقدم قافلة «داعش» التي غادرت من لبنان، من خلال إحداث فجوة وتدمير جسر يمنع تقدمها شرقاً. وقال الكولونيل ريان ديلون: «إن داعش يشكل تهديدًا عالميًا، ونقل الإرهابيين من مكان إلى آخر كي يتعامل معهم طرف آخر ليس حلاً دائمًا». وتابع «إن التحالف يراقب حركة القافلة وسيتحرك ضدها في المكان والزمان المتاحين له».
بدوره، انتقد مبعوث الرئيس الأميركي الخاص لدى التحالف بريت ماكغورك الاتفاق الذي أتاح خروج هؤلاء، وغرد قائلاً: «يجب قتل إرهابيي التنظيم في الميدان وليس نقلهم على متن حافلات نحو الحدود العراقية من دون موافقة العراق».
في المقابل، توسّعت رقعة الاعتراض لتشمل بغداد وإقليم كردستان، فغداة تصويب رئيس الوزراء حيدر العبادي على الاتفاق الصفقة، معتبرًا إياه «غير مقبول» وإهانة للشعب العراقي الذي يسعى للقضاء على داعش وليس احتواءه»، ضمّ «ائتلاف الوطنية العراقية» وتحالف القوى الوطنية العراقية صوتهما إلى العبادي، كما رفض رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الاتفاق، وقال إن العراق لن يدفع ضريبة اتفاقات أو توافقات تمس أمنه واستقراره.
من جانبها، أعلنت رئاسة إقليم كردستان أنها تراقب بدقة عملية انتقال الدواعش، محذرة أن هذه العملية هي إعادة لسيناريوهات عام 2014، التي سببت الدمار للعراق والمنطقة.
إعلان باهت للنصر
وأعلن رئيس الجمهورية ميشال عون أمس انتصار لبنان على الإرهاب. ومحاطًا بقائد الجيش العماد جوزيف عون ووزير الدفاع يعقوب الصراف، تلا عون بيانًا مقتضباً باهتاً هنأ فيه قيادة الجيش والعسكريين «صانعي النصر»، مؤكدًا أن «معرفة مصير العسكريين كان أبرز أهداف المعركة».
من جهته، شرح قائد الجيش جوزيف عون مجريات العملية، وظروف انتهائها بهذه الطريقة. وقال إن الجيش حدد يوم الأحد الفائت لانطلاق المرحلة الرابعة من المعركة عندما تلقى اتصالاً من اللواء عباس إبراهيم يبلغه فيه أنهم وافقوا على التفاوض لمعرفة مصير العسكريين.
وأوضح عون أنه كان أمام خيارين «إما أن أكمل المعركة من دون معرفة مصير العسكريين وإما أن أوقفها وأعرف مصيرهم وألا أخسر المزيد من الشهداء».
أهالي العسكريين
النصر الذي كان مؤجلاً إعلانه حتى الانتهاء من فحوصات الحمض النووي على رفات العسكريين، تزامن مع ورود معلومات حول تحديد هوية ستة عسكريين، بينما يستمر العمل لمعرفة باقي الشهداء. إلا أن أهالي العسكريين الغاضبين من تسوية على دماء فلذات أكبادهم أعلنوا أنهم لن يتسملوا جثامين أبنائهم إلا بعد إعدام «الدواعش» في سجن رومية والذين شاركوا بتعذيب وقتل العسكريين.
التعتيم على الجيش
مصدر سياسي رفيع وضع لـ القبس ما أعقب العملية العسكرية في جرد رأس بعلبك والقاع في خانة التعمية على إنجازات الجيش ومحاولة إظهاره دائمًا بمظهر المتآلف والمنسق مع حزب الله بما يضر بالمؤسسة العسكرية، وما التسوية التي حصلت سوى محاولة للتخفيف من وهج هذا الانتصار الذي حققه الجيش. فحزب الله لم يتحمل الالتفاف السياسي والشعبي حول الجيش الذي حقق عملية عسكرية نوعية في الجرود، كما أن الحزب لا يتحمل منتصرًا سواه في لبنان.
وبعيدًا عن السجال السياسي، واصل الجيش انتشاره في جرود رأس بعلبك والقاع وعرسال وثبَّت مواقع له عند حدود مرطبية وحليمة قارة التي تشكل المرتفعات الأعلى في المنطقة كما تسلم مواقع كان حزب الله متمركزًا فيها ورفع العلم اللبناني عليها، وواصل تفكيك الألغام.
«اليونيفيل» والـ«1701»
وفي الموازاة، تشخص الأنظار نحو نيويورك، ترقباً لقرار مجلس الأمن القاضي بتجديد ولاية «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان في ضوء انقسام بين معسكري مؤيدي تعديل المهام وتوسيعها بزعامة واشنطن ورافضي المسّ بالقرار برئاسة موسكو. واحتمال تمديد الولاية مرجح لكن بمضمون قاسٍ لوضع الأطراف المعنية أمام مسؤولياتها لتنفيذ كامل للقرار ١٧٠١، وأوضحت مصادر أن التحرك الأميركي لجهة منح «اليونيفيل» مزيدًا من الصلاحيات لمراقبة حزب الله هو من ضمن سياسة الإدارة الأميركية القائمة على تضييق الخناق عليه. أما مسألة الطلب إلى «اليونيفل» اتخاذ إجراءات لمنع انتشار حزب الله في الجنوب، فستجري تسويتها بالطلب إلى الجيش اللبناني تعزيز انتشاره في الجنوب بعد انتهاء حربه على الإرهاب على الحدود الشرقية.