لبنان يتهيأ لانتخاب نوابه في منازلة كبيرة معارك «التفضيلي» تتقدم علـى «حواصـل اللوائح»

تسابق الحماوة الانتخابية حماوة المناخ الحار الملتهب هذه الأيام في لبنان، اذ يتوجه اللبنانيون الاحد لانتخاب نوابهم، بعد تسع سنوات على آخر دورة انتخابية، وفق قانون نسبي جديد وافقت عليه اغلبية القوى السياسية لتعود وتنتقده.
وعشية انطلاق المنازلة الكبرى الاحد من اجل تأمين حواصل انتخابية للوائح المتنافسة، تدور منازلات من نوع آخر داخل اللوائح الانتخابية بين المرشحين، عنوانها «الصوت التفضيلي» الذي يستميت كل مرشح في سبيل كسبه، ولو كلّفه الامر الاطاحة بكل من تحالف معه في اللائحة نفسها.
وبينما تشهد الدوائر الانتخابية ذات الغالبية الشيعية وضعاً مريحاً نسبياً، اذ لا منافس جدياً يهدد باختراق لائحة الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله)، ما خلا دائرة بعلبك- الهرمل التي توليها الصحافة العالمية اهتماماً خاصاً على غرار ما كتبت صحيفة لوموند الفرنسية امس، فإن المنافسة والحماوة الانتخابية تعمان باقي الدوائر الانتخابية، من دون ان يعني ذلك تقاعس الثنائي الشيعي عن تحشيد أقصى طاقاته لرفع الحاصل الانتخابي في دوائره بما يعيق أي عملية اختراق للوائحه.
أما في الدوائر ذات الغالبية السنية، التي تتعدد فيها اللوائح مقارنة بالدوائر الأخرى، تسعى التيارات والشخصيات السنية المناهضة للحريرية السياسية، سواء في بيروت الثانية او في البقاع الغربي، أو في طرابلس، الى حجز مقاعد لها في المجلس النيابي الجديد.
وعلى المقلب الدرزي في دائرة الشوف-عاليه يستشعر رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط نية بـ«تطويق الجبل وإسقاط المختارة»، من قبل «السلطة الجديدة التي تريد نبش القبور بدل المصالحات»، موجهاً كلامه الى «الثنائي الذي أوصلنا إلى قانون غريب عجيب، يريد تطويقنا وتفريقنا وتحجيمنا، قاصدا التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وهو ما يطرح علامة استفهام حول المسار الذي يمكن ان تسلكه الأمور بعد السادس من مايو، لا سيما ان جنبلاط يتلاقى مع بري في علاقتهما المتوترة برئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل.
كما تشهد الدوائر المسيحية معارك لا تقل ضراوة، لاسيما في دوائر المتن وكسروان- وجبيل ودائرة الشمال الثالثة (بشري-زغرتا- الكورة- البترون). وتتخذ المعارك في الدوائر المسيحية أهمية قصوى تذكّر إلى حد بعيد بانتخابات عام 1968 التي جرت بين ما عرف آنذاك بـ«الحلف الثلاثي» المكون من الأحزاب المسيحية الكبرى – الكتائب والوطنيين الاحرار وحزب الكتلة الوطنية – وبين لوائح «النهج» الشهابي (نسبة للرئيس فؤاد شهاب). وللمرة الأولى منذ اتفاق الطائف واستئناف لبنان مساره الديموقراطي تدخل رئاسة الجمهورية على خط الانتخابات بشكل علني وواضح، من خلال تشكيل لوائح للتيار الوطني الحر وبعض المستقلين من رجال المال والاعمال أعلنوا عن نيتهم تشكيل كتلة نيابية داعمة للعهد تحت مسمى «لبنان القوي».
اليوم الأخير
ومن المتوقع ان يهدأ هدير المحركات الانتخابية وتخمد المهرجانات والجولات اليوم، اذ يدخل لبنان ابتداء من منتصف هذه الليلة فترة الصمت الانتخابي الذي يسبق مرحلة الانتخابات النيابية يوم الأحد المقبل. رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات النيابية القاضي نديم عبد الملك ذكّر أمس وسائل الاعلام بضرورة الالتزام بفترة الصمت الانتخابي التي يحظر خلالها على جميع وسائل الإعلام بث أي إعلان أو دعاية أو نداء انتخابي مباشر، باستثناء ما يصعب تفاديه من صوت و/أو صورة لدى التغطية المباشرة لمجريات العمليات الانتخابية.
وأمس فتحت أقلام الاقتراع أمام الموظفين الذين كلفوا الالتحاق بأقلام الاقتراع يوم الاحد في 6 الحالي، كرؤساء اقلام وكتبة للادلاء بأصواتهم في كل مراكز الاقضية والمحافظات.
وعشية الانتخابات النيابية أصدرت قيادة الجيش نشرة توجيهية طمأنت فيها المواطنين انها «اتخذت الإجراءات المناسبة لمواكبة هذا الحدث الوطني، خصوصاً في ما يتعلّق بتوفير الأمن للمواطنين، لتمكينهم من التنقّل والتعبير عن آرائهم في صناديق الاقتراع، في أجواء من الحرية والطمأنينة والديموقراطية». كما أكدت قيادة الجيش عزمها على منع استغلال الظروف الدقيقة التي تمرّ بها البلاد بهدف الإخلال بالأمن، والتزامها البقاء على مسافة واحدة من الجميع.
نداء بري
وجه رئيس مجلس النواب نبيه بري نداء الى اللبنانيين دعاهم فيه الى المشاركة الكثيفة في الاستحقاق الانتخابي المصيري والاقتراع للوائح «الامل والوفاء» (تحالف امل حزب الله) من اجل الدفاع عن الثوابت في الوحدة والعيش المشترك وقيام دولة المؤسسات وتكافؤ الفرص ومحاربة الفساد وحفظ قوة لبنان المتمثلة بالجيش والشعب والمقاومة. وجدد الدعوة الى تحويل الانتخابات الى استفتاء حقيقي للاثبات بأن الوطنية ليست شعارات ولا ارباحاً او مكاسب ولا متاعاً للمساومة وللعرض والطلب.