لبنان: الأزمة أعمق من تشكيل الحكومة
أزمة الحكومة اللبنانية الراهنة تحولت كباشاً معلناً بين فريقين، فريق رئاسة الجمهورية، الذي «يكاد صبره ينفد» كما يقول، ملوحاً باستخدام أوراق عدة للخروج من المأزق قد يكون من ضمنها اللجوء إلى الشارع للضغط على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، في مقابل فريق رئيس الحكومة المكلف الذي يتلقف الأزمة بتأن متكئاً على حقه الدستوري في عدم التقيد بمهلة للتأليف، في حين ان اللبنانيين الغارقين في همومهم الاجتماعية والاقتصادية يترقبون من سيلوي ذراع الآخر».
بهذه الصورة يستهل مصدر سياسي مطلع حديثه لـ القبس. ويتابع: «الأزمة أعمق من مسألة تشكيل حكومة صودف انها تزامنت مع تطورات إقليمية دراماتيكية حالت دون تسهيل انجازها. فرئيس الجمهورية يستشعر تشكيل حلف يستهدف ضرب عهده، وهو يعتبره استكمالا لخطة بدأت مرحلتها الأولى من خلال احتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري في 4 نوفمبر الماضي في الرياض. وليس عبثا استخدام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مصطلح «الاعتقال السياسي» لتوصيف المرحلة الراهنة.
اما تحويل معركة تشكيل الحكومة الى معركة رئاسية مبكرة باعتراف رئيس الجمهورية نفسه، فهي تفصيل في معركة أكبر عنوانها «تموضع لبنان في المرحلة المقبلة» في ظل ما يحكى عن تسوية شاملة تمتد من سوريا وصولاً الى مآلات الحرب الباردة بين اميركا وايران.
ويلفت المصدر الى انقطاع التواصل بصورة شبه تامة بين باسيل وخصومه الحاليين من «القوات اللبنانية» الى الحزب التقدمي الاشتراكي، وصولا الى رئيس الحكومة. بينما يمتنع حزب الله حتى الآن عن القيام بأي مبادرة للتوسط مع حليفه باستثناء تمرير رسالة له بعقم التحرك الشعبي الذي من شأنه استجرار شارع مقابل شارع. وما خلا دعوات تصدر من حين الى آخر بضرورة الاستعجال بتشكيل الحكومة يمارس حزب الله سياسة النفس الطويل مطمئنا الى تحكمه باللعبة، وإن كانت مصادر مقربة من الحزب قالت لوكالة الانباء المركزية ان الحزب تمنى على عون وباسيل ان «يطرّوها» (الاجواء) للاسراع بالتشكيل.
وامس سجل اختراق على خط التأليف تمثل بزيارة الحريري الى رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث اجتمعا لفترة طويلة، واثر اللقاء اعلن الحريري انه سيزور رئيس الجمهورية عندما يصبج جاهزا لتقديم صيغة حكومية فـ«المرحلة الأولى هي بالاتفاق على الحصص وبعدها تقدم الصيغة، وسأزور عون عندما تنضج الأمور»، كما أعلن انه سيلتقي وزير الخارجية جبران باسيل نافيا أي تدخل خارجي في التأليف قائلا «المشكلة داخلية وتكمن بالحصص الوزارية».
وأضاف الحريري أن البلد لا يقوم الا بالشراكة «واذا أرادوا تحميلي مسؤولية التأخير فليفعلوا ذلك، ولكني أكبر المسهّلين. وإذا رأوا ان الحل بتحريك الشارع فليكن»، وأشار الى أنه طلب المساعدة من الرئيس بري «وآمل تليين الأمور».
وفور انتهاء الحريري من تصريحه نشرت قناة الـ«او تي في» التابعة للتيار العوني خبرا يقول ان باسيل تلقف دعوة الحريري للقائه وسيلبي الدعوة، في حين قالت مصادر ان اللقاء تم ليل امس.
وفي الموضوع الحكومي ايضا، لفت رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان ان «احدى المشاكل الكبرى هي أن فريق التيار الوطني الحر يتحدث عن حصته وحصة رئيس الجمهورية، فيما الحقيقة أن الانتخابات قامت على أساس لوائح العهد، وبالتالي حصتهما واحدة». واشار عدوان الى انه «إذا كان باسيل يرغب بأن يكون رئيسا للبلد فليعلم أن الأمور لا تتم على هذا النحو. فليهدأ لا يزال أمامنا 4 سنوات ومن المبكر الانطلاق بهذا الماراثون».