المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

الافتراضي

كيف حولت تركيا نفسها إلى هدف للإرهابيين؟

بين منتصف 2015 وأواخر 2016، شهدت تركيا أنواعاً مختلفة من الهجمات الإرهابية، ما أدى لمقتل مئات، والتسبب بضرر كبير لاقتصاد البلاد. فقد تراجع عدد السياح في تركيا، في عام 2016 لوحده، بنسبة 30٪، بالمقارنة مع 2015، ما نجم عنه انخفاض ملحوظ في احتياطات النقد الأجنبي، وتدهور اقتصادي عام. وقسم دانييل غراسي، محلل رفيع لدى مؤسسة “آي إف آي”، شركة استشارية متخصصة في إدارة الأمن، الهجمات الإرهابية في تركيا إلى ثلاثة أصناف، كردية وجهادية ويسارية ماركسية.

تحولت تركيا، في بداية الحرب الأهلية في سوريا، إلى قاعدة لوجيستية للمعارضة السورية ( بما فيها منظمات جهادية) وغدت ممراً رئيسياً لما يسمى مقاتلين أجانب

ولفت الكاتب، في تحليل نشر في مجلة “ناشونال إنترست”، إلى أنه منذ يوليو ( تموز) 2015، حصد عنف كردي، وهو محصور بشكل رئيسي في جنوب شرق تركيا (حيث غالبية السكان أكراد)، ما لا يقل عن 1200 ضحية (خاصة وسط قوات أمنية). وفي عام 2016، كانت قرابة 70٪ من الهجمات التي وقعت على الأرض التركية، كردية المنشأ. وبالإضافة إلى حزب العمال الكردستاني ( بي كي كي)، تعرف تركيا أنها أيضاً قاعدة لمجموعات انفصالية مسلحة أخرى عززت نشاطها خلال السنوات الأخيرة عبر شن هجمات كبرى. ومن بين هؤلاء، حركة صقور حرية كردستان (تاك) التي ضربت غالباً اسطنبول وأنقرة ومدن أخرى.

كما تعاظم الخطر الجهادي، منذ بروز داعش في العراق وسوريا، وقاد هجمات في مناطق مكتظة بالسكان، واستهدف، أحياناً، أجانب. وعلى سبيل المثال، قتل 12 ألمانياً ورجل من بيرو في هجوم انتحاري نفذ في منطقة السلطان أحمد القديمة في اسطنبول، في عام 2016.

دوامة عنف
يعتقد غراسي بأن أسباباً محلية وخارجية تقف وراء دوامة العنف التي أثرت على تركيا منذ منتصف 2015. ولا شك في أن التدهور الأمني الإقليمي في سوريا والعراق تسبب بتصاعد الخطر الإرهابي بشدة، ما سمح بانتشار مختلف أنواع التنظيمات المسلحة. لكن سياسات أنقرة أدت، بحسب الكاتب، للتسبب بآثار مضاعفة، ما مهد الطريق نحو سلسلة من الهجمات في الداخل التركي.

قاعدة لوجيستية

ويضيف غراسي أن الجميع على علم بالاتهامات التي وجهت لأنقره بسبب موقفها الغامض حيال تنظيمات جهادية إقليمية. فقد تحولت تركيا، في السنوات التي أعقبت بداية الحرب الأهلية في سوريا، إلى قاعدة لوجيستية للمعارضة السورية (بما فيها منظمات جهادية) وغدت ممراً رئيسياً لما يسمى مقاتلين أجانب، دعموا صفوف المقاتلين في سوريا والعراق. وبالرغم من عدم توفر أدلة دامغة على دعم تركي مباشر لمجموعات جهادية، كانت عمليات المراقبة والتدقيق في وثائق السفر عند الحدود التركية – السورية، غير كافية، إلى أن دفع تهديد داعش السلطات التركية لاتخاذ موقف أكثر تشدداً. عندها، وفي يوليو(تموز) 2015، سمحت لطائرات تابعة لحلف الناتو، تقاتل داعش، بالانطلاق من قاعدتها العسكرية، إنجرليك.

الباب المفتوح 
وقبل ذلك، سعت تركيا للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، معتبرة هذا الهدف في مقدمة أولوياتها، عوضاً عن تحييد جهاديين.

وقد كان لسياسة “الباب المفتوح” التي اتبعتها سلطات أنقرة أثر جانبي، تمثل في تشجيع انتشار خلايا إرهابية في البلاد. وكان عدد من الأتراك الذين انتقلوا إلى سوريا والعراق للقتال في صفوف داعش، وسواه من المجموعات الجهادية، من الإسلاميين الأكراد. وفي حالات أخرى، كان هناك إسلاميون متطرفون خرجوا من مناطق تركية محافظة، منها منطقة وسط الأناضول ومدن كبرى مثل إسطنبول وأنقره وإزمير. ويتوقع الكاتب استمرار التهديد الإرهابي ضد تركيا بسبب عوامل داخلية وخارجية، ويرجح أن يترك أثره على الوضع الأمني التركي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى